تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

جلسات مشورة للمقبلين على الزواج في مصر لتثقيف الشباب

مصدر الصورة
العرب

وجدت الحكومة المصرية أن الخضوع للفحوصات الطبية إجراء غير كاف لبناء أسرة متماسكة، فألزمت جلسات المشورة للمقبلين على الزواج حتى تتم المصارحة بينهما بما يمنع اكتشاف مرض أو أي إصابة بعد الزواج تؤدي إلى إنهاء العلاقة، خصوصا وقد ظلت الفحوصات الطبية الصورية، أي غير الدقيقة، أحد الأسباب التي تؤسس لقوام أسري مشوّه يعرض الشريكين لأزمات معقدة لاحقا.

القاهرة - ذهبت الحكومة المصرية إلى ما هو أبعد من مجرد إجراء فحوصات طبية شاملة على المقبلين على الزواج، وقررت عقد جلسات مشورة للشباب والفتيات الذين خضعوا للفحوصات وإبلاغهم بإيجابية أو سلبية العلاقة من دون الضغط على أي منهم لعدم استكمال الزواج، لكن بغرض كشف نتيجة الفحص.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية منع عقد القران عند الزواج إلا بعد خضوع الزوجين لفحوصات طبية، وبعد الانتهاء من هذه الخطوة تتم مناقشة النتائج في جلسة مشورة تتسم بالسرية والخصوصية لكل طرف من الأطراف على حدة، ليكون كلاهما على دراية كاملة مسبقا بما يعاني منه الشريك أو يتميز به صحيا.

ويشكّل هذا التوجه صدمة لبعض المقبلين على الزواج الذين قد يتم اكتشاف إصابتهم بأمراض مزمنة ولا يرغبون في البوح بها للشريك، غير أن الحكومة استقرت على أن تتم مصارحة كل طرف بما يعاني منه الآخر كي لا يفاجأ أحدهما بعد فوات الأوان وأنه كان عليه عدم الإقدام على الزواج من الشريك ما يؤثر على الحياة.

وحال اكتشاف الإصابة بأية أمراض يتم تطبيق نظام الإحالة وتوجيه الطرفين لتلقي الخدمات الطبية بما يحد من مضاعفات الإصابة للطرف المصاب، ومنع انتقال العدوى إلى الشريك، وفي حالة سلبية جميع الفحوصات يتم تشجيع الطرفين على وضع خطة للوقاية من الأمراض غير السارية والأمراض المعدية.

وتخشى بعض الأسر أن تكون جلسات المشورة التي أقرتها الحكومة للمقبلين على الزواج مقدمة لعدم إتمام بعض الزيجات لما تمثله بعض الأمراض من خطورة على علاقة الشريكين أو أن يُفصح لأحدهما عن إصابة الآخر بعائق صحي يحول دون أن تكون الحياة الزوجية مؤهلة للنجاح في المستقبل.

وتصر الحكومة المصرية على المضي في عقد جلسات المشورة لتوعية الشباب والفتيات بالمخاطر كي لا يكون أحد الطرفين أو كلاهما غير مدرك لطبيعة الشريك، لاسيما وأن الفحوصات التي يتم إجراؤها تشمل كل شيء تقريبا، عضويا ونفسيا، وترتبط بنواحِ نفسية وفسيولوجية وأخرى تتعلق بإمكانية الإنجاب أم لا.

رحاب العوضي: المكاشفة بين المقبلين على الزواج أصبحت ضرورة حتمية

وتعتقد دوائر رسمية أن عدم وجود مكاشفة بين المقبلين على الزواج يأتي في قائمة الأسباب التي تقود إلى الطلاق، كأن يخفي أحد الطرفين إصابته بعائق صحي يمنعه من الإنجاب أو يكون مصابا بمرض معدٍ أو يتسبب في إنجاب أطفال مشوهين.

وكان مجلس النواب المصري صادق على خطة حكومية تهدف إلى نشر ثقافة الزواج الصحي بما يؤسس لحالة من الاكتمال بين الزوجين من النواحي الصحية والاجتماعية لحماية الشريكين وأولادهما من الأمراض الوراثية، حيث يخضع الطرفان لفحص مبكر ودورة تأهيل شاملة إذا كان كلاهما مصريين أو أحدهما مصريا والآخر غير مصري.

ويتم إجراء الفحص الطبي للمقبلين على الزواج على كل أجزاء الجسم مع تقييم الحالة العقلية والنفسية والتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على الحياة الزوجية، وإذا كان أحدهما حاملا لجينات وراثية خطيرة فلهما الحرية في الزواج من عدمه، لكن بعد حضور جلسة مشورة منفصلة.

وتعارض بعض الجهات وصول المكاشفة بين المقبلين على الزواج إلى حد إبلاغ كل طرف بما يعاني منه الآخر، خوفا من تداعيات هذه المسألة على العلاقة الزوجية مستقبلا، فهناك من يرى أهمية الخطوة حتى لا تكون حياة الشريكين قائمة على الخداع ليقررا مبكرا البقاء معا أو إنهاء العلاقة على أساس عدم تحقق التوافق بينهما.

وظلت الفحوصات الطبية الصورية، أي غير الدقيقة، للزواج أحد الأسباب التي تؤسس لقوام أسري مشوه يعرض الشريكين لأزمات معقدة لاحقا، كأن يكون أحد الطرفين حاملا لمرض وراثي أو معد وينتقل بالتبعية إلى الأبناء بشكل يحوّل حياة الأسرة إلى جحيم، حيث كانت غالبية الأسر غير مقتنعة بذلك وتقوم بتزوير الفحوصات.

وتتمسك الحكومة بنزاهة الفحوصات وإجرائها بطريقة لا تسمح بالتلاعب فيها للحد من حدوث وانتشار أمراض خطيرة تهدم العلاقة الزوجية، وتقي الأطفال من الإعاقات وتخفض الوفيات بين الصغار، وقررت أن تكون كل مراحل الفحوصات إلكترونية.

ويُحظر على المأذون الشرعي إبرام عقد الزواج أو توثيقه في السجلات الرسمية للدولة دون تقديم شهادة السلامة الصحية والنفسية والسلوكية، وخضوع الطرفين لفحوصات طبية معتمدة من مؤسسة طبية حكومية موقع عليها من اللجان المختصة، مع موافقة كتابية من الشريكين على تحمل تبعات أي إصابة.

ويرى متخصصون في العلاقات الأسرية بالقاهرة أن جلسات المشورة بين الشريكين قبل اتمام إجراءات الزواج أصبحت ركيزة أساسية لقوام أسري صحي يؤسس على المصارحة، ويكون بعيدا عن أنانية أي طرف، لأن خداع الشريك وتوريطه في علاقة مشوهة يجعله مستقبلا يفكر في الانفصال هربا من التبعات.

ويعتقد المتخصصون أن العبرة في اقتناع الأهالي بحتمية التعامل بعقلانية إذا انتهت جلسات المشورة إلى وجود مخاطر على الحياة الزوجية، والمفترض عدم استكمال الزيجة طالما أنها غير صحية وتحمل منغصات؛ فالخطورة هنا تكمن في التعاطي مع الأمر بالعاطفة ودون تفكير وتخطيط لشكل العلاقة، إيجابا أو سلبا.

◙ الحكومة المصرية تعاني من معضلة عدم نشر ثقافة الوعي الصحي بين العائلات حتى صار هناك كثيرون يخضعون للفحوصات هربا من العقوبات

وقالت رحاب العوضي استشارية العلاقات الزوجية وتقويم السلوك في مصر إن “المكاشفة بين المقبلين على الزواج أصبحت ضرورة حتمية لما يشكله غياب المصارحة من تداعيات خطيرة، ويفترض أن يكون كل طرف على دراية بطبيعة الشريك، ويعرف إذا كانت العلاقة صحية وسوية أم أنها معرضة للشرخ والتصدع”.

وأضافت لـ”العرب” أنه “من الضروري إقناع الأسر في البيئات المحافظة بأن جلسات المشورة وتوعية الطرفين بالمخاطر ونتائج الفحوصات أبعد ما تكون عن فكرة انتهاك الخصوصية، بل تهدف إلى الحفاظ على العلاقة الزوجية وحماية الأبناء وتكريس صفو حياة الشريكين في المستقبل”.

ولفتت إلى أن هناك زيجات انتهت سريعا بسبب غياب المصارحة بين الشريكين، وثمة حالات لأطفال أصيبوا بأمراض وراثية خطيرة نتيجة ذلك، وهو ما يجب تقديمه للأسر بحالات واقعية لإقناع الناس بإيجابية الفحوصات وإبلاغ الطرفين بالحقيقة لتقرير مصير العلاقة.

وتعاني الحكومة المصرية من معضلة عدم نشر ثقافة الوعي الصحي بين العائلات، حتى صار هناك كثيرون يخضعون للفحوصات هربا من العقوبات وليس لمعرفة ما إذا كانت العلاقة سوية أم لا، مع عدم اكتراث بأن الزيجات المشوهة تقود إلى الطلاق أو ينتج عنها أطفال مشوهون يتسببون في إرهاق والديهما طيلة الحياة.

ولا تزال هناك أسر تتعامل مع فحوصات الزواج على أنها إجراء دخيل على العادات والتقاليد في ظل اعتقاد راسخ بأن زواج الأقارب مثلا لا بديل عنه مهما كانت المخاطر، وهذه الزيجات منتشرة بين عائلات ريفية وشعبية وقبلية، ما يعني أن تكريس الفحوصات دون وعي بأهميتها قد يجعلها هي والعدم سواء.

◙ التوعية بالسلامة الصحية مهمة لبناء أسرة خالية من الأمراض

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.