تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عيد ميلاد وهدايا الفوسفور الأبيض

مصدر الصورة
SANA

ماذا يمكن أن تكون هديتك لطفل في عيد ميلاده الثاني.. دمية.. دفتر تلوين.. معطفاً.. أو قصة مليئة بالرسوم الجميلة يقلب صفحاتها في أحضانك وترويها له بكل حب لترسخ في عقله وقلبه قيم الخير والعدالة والإنسانية.. قالب حلوى تضيئه بشمعتين وتحمل طفلك ليطفئهما وسط تصفيق العائلة والمحبين.. هناك خيارات كثيرة، لن يكون قتل الأطفال وتدمير بيوتهم وتشريد عائلاتهم من ضمنها.

غير أن الهدايا تختلف عند مجرمي الحرب فجنود الاحتلال الإسرائيلي يهدون أبناءهم دماء وأشلاء أطفال آخرين وجثامين أمهات وآباء وأخوة.. ومنازل مدمرة بأهلها في قطاع غزة.. يتباهون بما يخلفونه من أوجاع الجرحى وحسرة الأجداد والأصدقاء على من كان يملأ الدنيا، ضحكات وأسئلة لا تنتهي قبل أن تطاله نار الاحتلال.

رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا قبل بدء تنفيذ التهدئة المؤقتة في قطاع غزة مقطع فيديو يظهر فيه جندي للاحتلال وسط جنود آخرين ممن توغلوا في القطاع قائلاً: “أهدي هذا التفجير إلى ابنتي بمناسبة عيد ميلادها.. اليوم تكمل عامها الثاني” ثم يرافقه بقية الجنود في العد تنازلياً من العشرة حتى الرقم واحد، ليطلقوا بعده قذيفة على منزل يبعد أمتاراً عنهم، وتتصاعد منه أعمدة الدخان، ويتهدم على من فيه، وليمسح الاحتلال بذلك عائلة جديدة من عشرات العائلات التي مسحها من السجل المدني في القطاع.

ولطالما استغل الاحتلال البراءة محولاً إياها إلى أداة قتل تروي عطشه لدماء الفلسطينيين، ففي عشية يوم الطفل العالمي الذي يوافق الـ 20 من تشرين الثاني، وفي الوقت الذي تصاعدت فيه الدعوات لوقف عدوان الاحتلال على القطاع، وحماية الأطفال الذين شكلوا معظم ضحاياه ووقف مأساة قصفهم بقنابل الفوسفور الأبيض المحرمة دولياً، وتهجيرهم وتجويعهم، أهدى الاحتلال أطفال فلسطين والعالم أغنية تؤديها مجموعة تتراوح أعمارهم بين الـ 6 والـ 12 عاماً، تحرض على إبادة القطاع وتدميره وقتل جميع من فيه وتقول صراحة: “خلال عام سنقضي عليهم جميعاً”، ليعيد للأذهان صور أقرانهم التي نشرها الاحتلال خلال عدوانه على لبنان عام 2006، وهم يكتبون على صواريخ الموت والدمار “إهداء لأطفال لبنان”، وبدت الشماتة والحقد واضحين على وجوههم.

هذه الفيديوهات أدلة جديدة على إرهاب الاحتلال وعنصريته ووحشيته التي فاقت النازية والفاشية في بشاعتها، مع أن حقده على الشعب الفلسطيني ودعوته لإبادته لا تحتاج دليلاً، فمسؤولوه لا ينفكون يقولونها صراحة منذ لحظة احتلال فلسطين، وأكدوها أكثر من مرة منذ بدء عدوانهم على القطاع في السابع من تشرين الأول الماضي، فوزير حربه يوآف غالانت وصف أهل القطاع بأنهم “حيوانات بشرية يجب قطع المياه والكهرباء والغذاء والدواء عنهم وقتلهم وتشريدهم”، وزاد على ذلك الوزير في حكومة الاحتلال عميحاي الياهو بالقول: إنه “لا أبرياء في قطاع غزة وإلقاء قنبلة نووية عليه احتمال ممكن”.

أما الوزيرة السابقة في حكومة الاحتلال ايليت شاكيد فقالت قبل أيام “هدفنا تهجير كل سكان غزة.. ستصبح خان يونس ملعب كرة قدم” ولأن الاحتلال مطمئن لعدم مساءلته دولياً على أي من جرائمه، أضافت شاكيد: “نتوقع ضغطاً دولياً ما، لكنه سيكون بعد إكمال المهمة، علينا أن نستغل الدمار الذي أحدثناه في القطاع من أجل إجبار دول العالم أن تأخذ كل دولة مثلاً 20 أو50 ألفاً من سكان غزة، وأن تشارك في هذا العبء، يجب أن نخرج الغزاويين، يجب أن يهاجر 2 مليون من غزة وهذا هو الحل الوحيد”.

مواقع التواصل ووسائل الإعلام تضم أيضاً مئات مقاطع الفيديو التي توثق آلام أهالي القطاع، وهم يحاولون التعرف على جثامين أطفالهم بين الجثامين المتفحمة جراء قصف الاحتلال، شاهدهم العالم يجمعون أشلاء أطفالهم في أكياس ويقولون بحرقة: هذا ما بقي من أطفالنا، تابعهم الجميع وهم يبكون ويحتضنون جثامين أطفالهم للمرة الأخيرة، فهذا الأب يبكي ويقول: أخذوا ابنتي مني.. حرموني منها.. كنت أنوي إقامة عيد ميلاد لها، وهذه الأم تصرخ لأنهم انتشلوا جثمان طفلها من حضنها لدفنه، مطالبة بأن يدفنوها معه إذ لا معنى للحياة في غيابه، والجد يضم حفيدته بقوة ويقول: هي روح الروح، كل هذا ولم يتحرك المجتمع الدولي لوقف سفاحي الاحتلال ومحاسبتهم، ولا لإنهاء الكارثة التي يعيشها الفلسطينيون ووقف نزيف دمائهم.

جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وتهجير قسري وممارسات عنصرية، يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني، بدعم من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، الذين لا يصمون الآذان عن عذابات الفلسطينيين فقط، بل حتى لا يريدون سماع أصوات شعوبهم الداعية لوقف جرائم الاحتلال، وتطبيق قواعد القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان وحقوق الطفل التي فضحت حرب الاحتلال على غزة أنها كتبت لخداع العالم والتدخل في شؤون دوله، لا لنصرة العدل والحق والشعوب المستضعفة، حيث بدا جلياً أنها تطلق يد قتلة الأطفال الذين يربون أبناءهم على الوحشية والحقد، ولا تمد يدها لإنقاذ أطفال كل ما يبتغونه هو الحق في الحياة على أرضهم التي يحرقها الاحتلال حارماً إياهم من الحرية والأمان والمستقبل.

جمعة الجاسم – عاليا عيسى

مصدر الخبر
SANA

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.