تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الدعم الأوروبي يمنح مصر نافذة جديدة لتخفيف متاعبها الاقتصادية

مصدر الصورة
العرب

يقول محللون وخبراء اقتصاد إن حزمة المساعدات المالية التي يعتزم الاتحاد الأوروبي منحها لمصر وتقدر بنحو عشرة مليارات دولار سوف تكون نافذة جديدة لتخفيف جانب من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة بسبب شح العملات الأجنبية التي قلصت فرص الاستثمار والتصنيع، وأربكت التوازنات الاقتصادية في البلاد.

القاهرة – فاقمت الصراعات الدولية والتوترات الإقليمية أزمات الاقتصاد المصري وعمقت حالة الركود، ما أدى إلى شح كبير في السيولة، وانسداد بعض قنوات النشاط التجاري، وانحدار سعر صرف الجنيه أمام الدولار إلى أعلى مستوياته.

وكشف الاتحاد الأوروبي عن دراسة تقديم حزمة مساعدات مالية كبيرة لمصر في صورة استثمارات تصل إلى نحو 10 مليارات دولار، ما يمثل بارقة أمل لاستقرار الأوضاع الاقتصادية، وقد تكون نافذة جديدة لتدفق العملات الصعبة في وقت تعاني فيه البلاد بشدة من تداعيات الأزمات الاقتصادية المتواصلة.

ويعزز الدعم الأوروبي، والذي قد يتلوه دعم أميركي، جهود البلاد الرامية إلى تخفيض معدل الديون والاقتراض من الخارج، ومحاولة منع الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط إلى القارة الأوروبية عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما يمكن أن يفضي إليه من متاعب متفاقمة، حسبما ذكرت وكالة أنباء بلومبرغ.

وتشمل خطة الاتحاد الأوروبي المرتقبة في مصر، الاستثمار في قطاعات عدة على رأسها الرقمنة والطاقة والزراعة والنقل، وعقد منتدى للاستثمار في الربيع المقبل، واتخاذ سلسلة من الإجراءات لتعزيز أمن حدود البلاد ومكافحة التهريب ضمن خطط الشراكة الإستراتيجية الغربية الأوسع مع مصر.

إبراهيم البشاري: الدعم يقوض السوق الموازية.. والاقتراض مستمر

ويكمن السر وراء حرص الاتحاد الأوروبي على دعم مصر في توافر مقومات الاقتصاد السليم في البلاد، على رأسها الموقع الجغرافي المتميز، فضلا عن توافقه مع إستراتيجيته الرامية إلى التوسع في المشروعات الخضراء والطاقة النظيفة.

ولا يمثل الدعم الأوروبي لمصر منحا سيتم ردها لاحقا، لكنه اتفاقيات تعاون واستثمارات مشتركة عبر توفير التمويل اللازم لعدد من المشروعات لقطاعات بحاجة ضرورية إليها.

وتأتي مشروعات الطاقة على رأس اهتمامات الاتحاد الأوروبي خوفا من التعنت الروسي في مد القارة العجوز باحتياجاتها من الوقود، إذ أثبت الواقع أنه لا سبيل لحل أزمة الطاقة وتعطل بعض المصانع في أوروبا إلا بعدم الاعتماد على الغاز الروسي.

وتعد الخطة الحالية أكثر طموحا، حيث ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير لها أخيرا أن الاتحاد الأوروبي يسعى للتوصل إلى اتفاق مالي مع مصر يشمل خلق فرص العمل وما يسمى بالتحول الأخضر، وتوفير حصول القاهرة على المزيد من الحبوب والأسمدة من أوكرانيا.

وتراهن مصر على جذب التمويلات الجديدة من الاتحاد الأوروبي في إطار المنصة الوطنية لبرنامج “نوفي” وهو عنصر أساسي في إستراتيجيتها لمواجهة التغيرات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة.

ويعزز البرنامج سعي مصر لتطوير أوجه التكامل والترابط بين مشروعات المياه والزراعة كعنصرين أساسيين في خطة التصدي لأخطار المناخ المصرية، وترحيب الاتحاد الأوروبي بدعم هذا البرنامج ضمن شراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.

وتستهدف القاهرة جذب تمويلات تصل إلى نحو 10 مليارات دولار لبرنامج “نوفي”، لتعزيز مشروعات الطاقة، وخاصة المتجددة، بجانب توقيع اتفاقيات مبادلة الديون بدعم من الاتحاد الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وبنك الاستثمار الأوروبي.

قال الخبير الاقتصادي المصري عادل سلامة “ثمة ترحيب أوروبي بتقديم الدعم والتمويلات للسوق المصرية الفترة المقبلة، وهو ضمان لتوفير منتجات يحتاجها من مصر، في مجالي الزراعة والطاقة”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن ذلك يأتي في إطار دعم التغيرات المناخية والمشروعات اللازمة لمواجهتها، وهذه الأموال استثمارات تصب في صالح مصر حتى لو أشيع أنها لمواجهة الهجرة غير الشرعية أو نتيجة التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والحد من تداعياتها على الساحة الأوروبية.

ويدرس صندوق النقد الدولي بجدية زيادة برنامج قرض الـ3 مليارات دولار المقدم لمصر، نظرا للصعوبات الاقتصادية التي تواجهها بسبب الحرب على غزة، حسبما صرحت المديرة العامة للصندوق بذلك.

عادل سلامة: دعم طويل ومصر لن تستغني عن استثمارات الخليج

وأوضح سلامة أن التمويلات الأوروبية المرتقبة لا تعني تخلي مصر عن الدعم من الدول العربية، والخليجية بشكل خاص، أو بيع الشركات للصناديق السيادية العربية، لأن الدعم الأوروبي سوف تترتب عليه استثمارات طويلة الأجل، أي منح التمويل لا يتم عبر مرحلة واحدة، لكنه داعم قوي للاقتصاد.

وتعاني مصر من فجوة دولارية كبيرة تتطلب تغطيتها على الأجل القصير وبشكل مستمر لتجاوز عقبة الشح في العملات الأجنبية، والتي على إثرها يواصل الجنيه المصري التراجع في السوق الموازية، وفي أسواق المشتقات الدولية، ما يؤدي إلى زيادة الضغوط على صناع السياسات النقدية للمضي قدما في تخفيض العملة.

وتؤثر السوق الموازية على معنويات المتداولين في اللحظة الحالية، أما سوق العقود الآجلة فتعبر أكثر عن الرؤية المستقبلية، وتخطئ سوق العقود الآجلة غالبا في تقدير السعر الفعلي في المستقبل، لكنها سوق أكثر سيولة وشفافية من الموازية.

ودفعت الأزمات الحالية التي تعاني منها مصر السوق الموازية المعروفة بـ”السوق السوداء” إلى التأثر بشكل غير متناسب بتقديرات المتعاملين الأفراد ما جعل العملة مرتعا للمضاربة، عكس العمليات الكبيرة التي قد تجريها الشركات لتدبير احتياجاتها لتغطية خطابات الاعتماد والتحويلات.

وأكد إبراهيم البشاري، عضو الغرف التجارية بالإسماعيلية (شرق القاهرة)، أن دعم الاتحاد الأوروبي هو أداة جديدة لمساندة الاقتصاد المصري على المديين المتوسط والطويل، ويعد نافذة شبه دائمة تتدفق منها العملة الصعبة للبلاد.

وتأتي الميزة الأكبر لهذه الخطوة من أنها تساعد القاهرة على الاقتراض من السوق الدولية بشروط ميسرة، لأنها تمنح السلطات فرصة لالتقاط الأنفاس وعدم قبول أي شروط ضاغطة لشراء السندات المصرية، وسوف تمنح الحكومة فرصة لطرح السندات بشروط ميسرة لا تكلفها الكثير أو تمثل عبئا على الديون الخارجية.

وذكر بشاري في تصريح لـ”العرب” أن الدعم الأوروبي المنتظر ربما يمتد إلى أكثر من خمسة أعوام، بالتالي تدفق التمويلات من شركاء أوروبا لن يتم بشكل آني، لكنه يسهم في مواجهة المضاربات على العملات في السوق الموازية.

وتوقع بشاري ألا تستغنى مصر عن الاقتراض من الأسواق الدولية في هذه المرحلة، لأن الاقتراض ليس “سُبة” طالما أن الدولة ملتزمة بالسداد في المواقيت المحددة.

وتحرص السلطات المصرية على توفير مقومات الاستثمار بقطاع الطاقة الجديدة والمتجددة التي منها إنتاج الهيدروجين الأخضر، وتكمن الميزة النسبية للدولة في قدرتها على إنتاج الهيدروجين، إذ ينصب الاهتمام الأكبر لدول الاتحاد الأوروبي على هذا النوع من الاستثمار، كما أنشأت القاهرة المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر، في إطار جهود توطين تلك الصناعة الواعدة.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.