تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

كوب 28 يساعد على رسم خارطة طريق لإصلاح منظومة الغذاء في أفريقيا

مصدر الصورة
العرب

يساهم الاحتباس الحراري في عجز القطاع الزراعي في أفريقيا، إذ لم تعد الأنظمة الزراعية الحالية مجهزة للتكيف مع تغير المناخ أو التخفيف من تبعاته مع احتداد الجفاف والارتفاع الكبير في درجات الحرارة.

ويشهد الملايين من المزارعين أشعة الشمس الحارقة وشحّ الأمطار. وكانت الأجيال التي سبقتهم تستطيع النظر إلى السحب وشم الهواء للتنبؤ بأحوال الطقس. لكن هذه الطرق التقليدية لم تعد ممكنة إثر تحول المناخ إلى عامل غير متوقع. لذلك تختقي أعداد متزايدة من البلدان الأفريقية من الأحزمة الزراعية القارّية بعد أن كانت تشكّل السلة الغذائية.

ويقول الكاتب جويس شيمبي في تقرير على خدمة إنتر برس إن النظم الزراعية والغذائية تخسر المعركة أمام تغير المناخ. لكنّ أملا يبرز أمام الملايين من المزارعين ذوي الحيازات الصغيرة ويبشّرهم بالقدرة على توفير الغذاء في المنزل وفي جميع أنحاء العالم.

ويكمن مفتاح كسر الجمود بين أنظمة الغذاء والزراعة وتغير المناخ في “إعلان الأغذية والزراعة”، الذي أقره أكثر من 130 من قادة العالم في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28).

أعداد متزايدة من البلدان الأفريقية تختفي من الأحزمة الزراعية القارية بعد أن كانت تشكل أساس السلة الغذائية

وقالت جيوتسنا بوري، نائبة الرئيس المساعد في إدارة الإستراتيجية والمعرفة بالصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) “نشهد لأول مرة في تاريخ مؤتمرات الأمم المتحدة المناخية إعلانا حاسما يجسد القضايا الأكثر إلحاحا التي تواجه العالم اليوم، وهي الزراعة والغذاء من جهة والمناخ من جهة أخرى. وهذا يقدم لنا حلا ذا مستووين: بناء أنظمة زراعية مستدامة وأنظمة غذائية قادرة على الصمود في وجه تغير المناخ من ناحية، ومعالجة مساهمة الزراعة في إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة من ناحية أخرى. ويُذكر أن الزراعة مسؤولة عن 22 إلى 27 في المئة من جميع الانبعاثات العالمية، وتساهم النظم الغذائية بالثلث، أي بنسبة 33 في المئة”.

وتقود بوري العمل الإستراتيجي الذي أطلقة الصندوق في المجالات الرئيسية التي تستهدف الزراعة والمناخ والمساواة بين الجنسين والتغذية والشباب والإدماج الاجتماعي، مع التركيز على سكان الريف، وتقدم رؤية للمشورة المبنية على الأدلة بشأن تصميم البرامج وتنفيذها. والصندوق هو منظمة تابعة للأمم المتحدة ومؤسسة مالية دولية في نفس الوقت. ويعتبر الإعلان الزراعي الافتتاحي التاريخي مهما لتماشيه مع كل جوانب عمل الصندوق لبناء نظم غذائية يمكنها تحمل صدمات تغير المناخ المستمرة.

ويقدّم الصندوق التمويلات باعتباره مؤسسة مالية دولية من خلال القروض والمنح ويعتمد آلية القدرة على تحمل الديون. ويعمل باعتباره منظمة تابعة للأمم المتحدة في المناطق الريفية النائية حيث يبلغ الفقر والجوع أعمق مستوياتهما، حتى يضمن لحاق سكان الريف بالركب وتجهزيهم لانتشال أنفسهم من الفقر.

وقالت بوري إن الإعلان مهم “لأن الحلول يجب أن تكون عادلة ومنصفة. ويجب أن يكون محورها الناس، وأن تأخذ في الاعتبار أولئك الذين يتحملون أكثر من غيرهم أعباء غموض تغير المناخ وتقلباته المتزايدة. وسيواجه ما بين 20 و80 في المئة من إجمالي إنتاج الغذاء والزراعة، في أفريقيا مثلا، تحديات كبيرة بسبب عدم اليقين المناخي إذا بقيت الأمور على حالها، مما سيؤثر على إنتاج المحاصيل وأنماط التغذية على نطاق واسع”.

ولذلك دعت بوري إلى اتباع نهج مكثّف يركز على بناء سلاسل قيمة محلية أقوى بدلا من سلاسل القيمة العالمية، لأن إمكانات تحويل النظم الغذائية بما يتماشى مع التحديات المحلية والحلول الممكنة ستكون أكبر.

وصرّحت بوري لإنتر برس “يبقى إدراج الغذاء والزراعة في جدول أعمال المناخ أمرا مهمّا. إن المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في أفريقيا وآسيا هم المسؤولون عن إنتاج 70 في المئة من الغذاء، وهم أكثر الفئات تأثرا بالمناخ أيضا. وتوجد حوالي 500 مليون مزرعة صغيرة في العالم، مما يعني أن 80 في المئة من مزارع العالم تملكها العائلات. وأصبح الإعلان شريان الحياة، لأنه يمثل فرصة لتحويل أنظمة الأغذية والزراعة بعدل وإنصاف دون ترك أي طرف خلف الركب”.

وتطرقت بوري إلى العلاقة المعقدة التي لا يمكن إنكارها بين الزراعة المستدامة والنظم الغذائية المقاومة لتغير المناخ. وتجلت آثار زيادة الانبعاثات العالمية من خلال انخفاض الإنتاج وزيادة الجوع، مما دفع العالم بعيدا عن الهدف العالمي المتمثل في معالجة مشكلة الجوع والفقر بما يتوافق مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في أفريقيا وآسيا هم المسؤولون عن إنتاج 70 في المئة من الغذاء، وهم أكثر الفئات تأثرا بالمناخ

وقالت “لم يعد من الممكن اليوم التعرف على أنماط الطقس بالطريقة التي اعتمدها آباؤك وأجدادك لتحديد أفضل الأوقات للزراعة وكيفيتها. إن هذه التغييرات جذرية، ويجب علينا إعادة التفكير في القطاع حتى يكون المزارعون مستعدّين للتغلب على هذه التحديات من خلال التكنولوجيا والخيارات الرقمية التي تساعد على قراءة الطقس بشكل أكثر دقة واتخاذ القرارات في الوقت المناسب، فلم يعد النظر إلى الأرض لقراءة الطقس عمليا”.

وأكّدت بوري أن التغييرات الأخرى تشمل تحولا في كيفية تفاعل المزارعين مع الأسواق، حيث تحظر لوائح الواردات الغذائية في الاتحاد الأوروبي المنتجات الزراعية المرتبطة بإزالة الغابات وتدهورها. وذكرت أن هذا يوفر للمزارعين فرصا جديدة للتحول إلى المحاصيل الأصلية أو القديمة مثل الكسافا (البَفرة) التي تتماشى مع الأهداف المناخية والنظم الغذائية المرنة والقيمة الغذائية العالية.

وأضافت “أدرك الصندوق، على سبيل المثال، أن تدهور نهر نيروبي يرجع إلى نمو أشجار الأوكالبتوس في المناطق العليا من نهر تانا. ونعمل مع المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة ونقدم لهم التعويضات من خلال صندوق المياه لتمكين انتقالهم من زراعة الأوكالبتوس إلى محاصيل أقل امتصاصا للمياه وأكثر قدرة على التكيف مع المناخ دون المساس بالقيمة الاقتصادية والغذائية التي توفّرها هذه المحاصيل للمزارعين”.

وسُئلت بوري عما إذا كان إعلان الزراعة التاريخي سيصبح الحل السحري للمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة في أفريقيا؟ فقالت “إن سحر الإعلان سيكمن في تنفيذه وحجم الأموال التي ستخصص له”. وأكدت على أهمية التمويل والاستثمار في الزراعة والنظم الغذائية وسلاسل القيمة في سياق تغير المناخ. وشددت على وجوب عمل الدول الأعضاء على إعادة بناء أفضل لمعالجة نقاط الضعف الناجمة عن تغير المناخ من خلال الشراكات مع القطاع الخاص.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.