تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نقطة ساخنة: بعد أكثر من أربع سنوات.. ماذا أحللنا بدل المستوردات؟!

مصدر الصورة
البعث

قسيم دحدل

تسعة وأربعون من القطاعات والمواد هو العدد المُشمَّل والمستهدف من برنامج “إحلال بدائل المستوردات”، ونحو 10 من الحوافز تمّ منحها للمشاريع الاستثمارية التي ينطبق عليها البرنامج؛ أما الحصيلة، بحسب وزارة الاقتصاد، فكانت – منذ انطلاقته وحتى بداية هذا العام – 74 طلباً استثمارياً لإقامة منشآت جديدة وفق مزايا وحوافز البرنامج، فيما بلغ عدد المشاريع التي تمّ تخصيصها بمقاسم في المدن والمناطق الصناعية 30 مشروعاً.

هذا هو بيدر برنامج  إحلال المستوردات حتى تاريخه، والسؤال: هل كان على قدر المتوقع والمأمول لناحية قدرته على تحقيق الأهداف المعلنة له؟

كي نكون منصفين وموضوعيين في تقييمنا بعد حوالي الخمس سنوات من إطلاق البرنامج، يمكننا القول إن النتائج متواضعة مقارنة مع المحفزات والتسهيلات التي قدمت، ولعلّ العقوبات كانت أحد الأسباب – وليس كلها – في عدم الوصول إلى المراد من البرنامج، للأسف، لا بالفعالية المطلوبة، ولا بإحداث تنمية ونمو اقتصادي من خلال تخفيف فاتورة الاستيراد للسلع التي يمكن إنتاجها محلياً، ووقف استنزاف القطع الأجنبي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من المواد!

كذلك لم تعكس النتائج، بشكل واضح وشفيف، الاعتبارات الاقتصادية المتعلّقة بكفاءة استخدام الموارد والتركيز على قضايا الجودة، بالإضافة إلى التوجّه نحو الصناعات التي تشكّل حوامل للنمو، وتحمل قيمة مضافة مرتفعة، مع مراعاة الميزة النسبية للاقتصاد السوري، كما أنها لم تستطع مكافحة التهريب أو الحدّ منه، حيث ما بين 70 – 80 % من المواد الممنوعة من الاستيراد تدخل سورية عن طريق التهريب، وفقاً لما كشفته غرفة تجارة دمشق مؤخراً!

إذا ما تجاوزنا التهريب كمؤشر من مؤشرات عدة على مدى جدوى برنامج إحلال المستوردات في الحدّ منه (أي التهريب)، فكيف يمكن أن نتجاوز مؤشر المنافسة والتنافسية الذي لم تستطع تحقيقه مواد ومشاريع “إحلال بدائل المستوردات”، رغم ميزة الحمائية التي أتاحها البرنامج؟ كما كيف يمكن تجاوز مؤشر الأسعار الذي لا يزال يسجل تصاعداً مستمراً أمام مؤشر الجودة للمواد المنتجة ضمن مظلة البرنامج؟

ولدى مقارنة المواد المنتجة مع مثيلاتها التي كانت تستورد، نجد أن البرنامج يحتاج للمزيد من المعايير والاشتراطات الواجب إخضاع مواد ومشاريع إحلال البدائل لها، كي ننافس في الأسواق الخارجية. ولو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر أولى المواد والقطاعات المستهدفة بالبرنامج أي: الأدوية النوعية والاستيرادية والمتمّمات الغذائية والصيدلانية (المفترض إنتاجها وفقاً لاشتراطات وزارة الصحة)، وأيضاً الأجهزة والأدوات والمستلزمات والمستهلكات الطبية (سرنغات – قثاطر بولية – كفوف لاتيكس – أقنعة أوكسجين – أطراف صناعية – فلاتر غسيل الكلية – أجهزة وأدوات لطب العيون – كراسي متحركة – آلات حفر أسنان – حقن طبية.. إلخ) ومستلزمات الصناعة الدوائية من الزجاج اللازم لتعبئة الأدوية (عبوات شراب – أمبولات – فيالات).. وحاولنا تقصي النتائج المحققة في المجال الطبي، لما وجدنا أي نوع من أنواع الأدوية – مثلاً – انخفضت أسعاره، ولما وجدناه بالفعالية والجودة مقارنة بالمعايير العالمية، علماً أن المادة الفعالة يتمّ استيرادها، ولا تُنتج محلياً، وهذا يتعارض مع مستهدفات “بدائل إحلال المستوردات”!

وكذلك لو تساءلنا عن مشاريع البذور الزراعية (من أنواع عديدة لزراعات صيفية وشتوية من خضار وفواكه، والتي بعض إنتاج هذه البذور يكون إما للاستهلاك المحلي أو بغرض التصدير)، لما وجدنا -إن كانت موجودة أصلاً- ما يغطي الإنتاج المحلي لا بالنوع ولا بالسعر، حيث لا زلنا نستورد عدداً من البذور!

ليس ختاماً، نقول: قد يعتقد بعضهم أننا ضد هذا البرنامج، وهذا اعتقاد مغلوط جملة وتفصيلاً، لأننا من أنصار توطين البرنامج ليشمل كلّ احتياجاتنا الاقتصادية والحياتية، ولأننا ندرك تماماً ما يعنيه نجاح مثل هكذا برنامج، وكيف سينقل سورية وينتشلها من أزماتها الاقتصادية، عبر جعلها دولة مصنّعة ذات اكتفاء ذاتي ومصدّرة، لكن البرنامج باعتقادنا يحتاج عملية إعادة تقييم تأخذ بالاعتبار القدرة على الموازنة بين المتاح والممكن فيما نأمل فيه وما نقدر فعلاً عليه.

مصدر الخبر
البعث

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.