تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العالم قلق من تشرذم الاقتصاد بعدما كان قلقا من العولمة

مصدر الصورة
العرب

تطغى حالة من القلق على المسؤولين في أحدث اجتماعات منظمة التجارة العالمية الذي تحتضنه الإمارات خوفا من تشرذم الاقتصاد العالمي بسبب الأزمات العميقة التي يبدو أنها لن تجد حلولا عاجلة، بعدما كانت الدول قلقة من العولمة التي غيرت كثيرا في وجه العالم.

أبوظبي- يراقب المحللون والأوساط الاقتصادية ما ستفضي إليه النقاشات داخل منظمة التجارة العالمية التي انطلقت الاثنين في أبوظبي أثناء أكبر اجتماع منذ عامين سعيا لإحياء دورها المحوري في تحفيز المبادلات السلعية واستدامة سلاسل الإمداد.

وشهد الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي للإمارة، افتتاح المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، الذي تحتضنه دولة الإمارات في العاصمة أبوظبي.

وأكدت المديرة العامة للمنظمة نغوزي أوكونغو-إيوالا مخاطبة الأعضاء الـ164 خلال افتتاحها المؤتمر الوزاري الذي يستمر أربعة أيام “يعود لكم الآن أن تتوصلوا إلى إجماع حول قرارات تهدف إلى بناء مستقبل أفضل للتجارة العالمية”.

ورأت رئيسة المجلس العام للمنظمة أتاليا ليسيبا مولوكومي أنه “في ظل انعدام اليقين الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، علينا أن نسهر بصورة جماعية على أن تكون منظمة التجارة العالمية قادرة على الاضطلاع بتحديات اليوم”.

نغوزي أوكونغو-إيوالا: على الأعضاء تبني قرارات لمستقبل أفضل للتجارة

وتحاول المنظمة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى 30 عاما وتدعم لوائحها 75 في المئة من التجارة العالمية، إبرام اتفاقات بتوافق الآراء في المؤتمر الثالث عشر الذي ستكون مناقشاته صعبة في ظل آلية تحتم اتخاذ القرارات بالإجماع

لكن هذه الجهود أصبحت أكثر صعوبة مع تزايد الدلائل على أن الاقتصاد العالمي ينقسم إلى كتل منفصلة، وسط آفاق ضبابية في ظل نقاط توتر جيوسياسية وبلبلة في حركة نقل البضائع.

وقال مارسيلو أولارياغا الأستاذ في كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال في جامعة جنيف “لا أمل لديّ في أن يتم الإعلان عن أي اتفاق جوهري نظرا للتوقيت والإرادة والأجواء”.

وأضاف “انطباعي أن المفاوضين متمسكون بمواقف تكتيكية: كيف أنجح في جعل الآخر يبدو وكأنه هو الذي يعرقل المفاوضات”.

وحتى أوكونغو-إيوالا اعتبرت أنه سيكون من الصعب تحقيق نتائج بسبب “الرياح المعاكسة الاقتصادية والسياسية”، مثل الحرب في أوكرانيا وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر والتضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية والصعوبات الاقتصادية في أوروبا والصين.

لكنها أكدت للصحافيين هذا الشهر أن فريقها يعمل على مدار الساعة لوضع اتفاقيات تطرح خلال المحادثات، مشيرة إلى أن “المواقف التفاوضية لا تزال رغم ذلك على قدر من الصعوبة” ولا سيما بشأن الزراعة.

ودعا وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية ثاني الزيودي لدى إطلاقه مراسم الافتتاح إلى أن يكون هذا المؤتمر “منصة انطلاق إلى مستقبل التجارة العالمية ولإصلاح المنظمة حتى تكون جاهزة للاضطلاع بالتحديات التجارية الراهنة والمستقبلية”.

وأضاف إن “البيئة التي نعيش فيها تتطور بسرعة وتتطلب طريقة تفكير جديدة. وزيادة عدد أعضاء المنظمة وتنوعها يقتضيان نهجا ديناميكيا من جانب منظمة التجارة”.

مارسيلو أولارياغا: لا أمل لديّ في أن يتم الإعلان عن أي اتفاق جوهري

وقال مندوب مكلف المسائل التجارية إن منع المفاوضين من النوم هو في غالب الأحيان الوسيلة المجدية لحملهم على تقديم اقتراحات “واقعية”.

ومن المتوقع أن يستمر المؤتمر الذي يشارك فيه آلاف المندوبين حتى الخميس المقبل، لكن المنظمة غالبا ما تمدد اجتماعاتها.

ورأى المفوض الأوروبي للتجارة فالديس دومبروفسكيس أن “تكرار النجاح، المعجزة”، التي حصلت عام 2022 “سيكون تحديا حقيقيا”.

وحذر من أن “المفاوضات على النقاط الأهم، صيد السمك والزراعة وتعليق الرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية، ستكون صعبة حتى اللحظة الأخيرة”.

وتوصلت القمة الوزارية السابقة المنعقدة في مقر المنظمة في جنيف في يونيو 2022، إلى اتفاق تاريخي بحظر المساعدات لصيد السمك المضر بالحياة البحرية فضلا عن اتفاق حول براءات اللقاحات المضادة لكوفيد.

وأضاف دومبروفسكيس “فيما يتعلق بإصلاح آلية تسوية الخلافات، تظهر المفاوضات في جنيف تقدما، لكنه من غير الواقعي أن يتم في المرحلة الراهنة التوصل إلى أرضية اتفاق” حول مسألة إصلاح محكمة الاستئناف.

غير أن الدول الأعضاء تأمل في أن يتمكن الاجتماع من إرساء قواعد لإصلاح المنظمة. ويعتبر هذا المؤتمر آخر فرصة لتحقيق تقدم في المفاوضات بهذا الصدد قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر المقبل والتي من المحتمل أن يفوز فيها دونالد ترامب.

وكان الرئيس الأميركي السابق قد أطلق في عهده حربا تجارية مع الصين، وشلّ قدرة المنظمة على البت في الخلافات التجارية وهدد بإخراج بلاده منها.

وقال مصدر دبلوماسي في جنيف “هذه الفرصة الأخيرة. تأجيل أي مسألة إلى ما بعد القمة الوزارية لن يكون إستراتيجية ناجحة”.

وأكدت مندوبة التجارة الأميركية كاثرين تاي مؤخرا التزام بلدها بإصلاح المنظمة وإنشاء نظام تجاري متعدد الأطراف أكثر استدامة ويستفيد منه جميع الأعضاء.

ثاني الزيودي: بيئتنا تتطور بسرعة ولذلك تتطلب طريقة تفكير جديدة

وحذر أولارياغا كم أنه “لا يمكن توقع تنازلات هائلة من الولايات المتحدة في أي مسألة كانت في المنظمة. فإدارة (الرئيس جو) بايدن لا يمكنها تقديم تنازلات كبرى” خلال سنة انتخابية.

لكنه أوضح لفرانس برس أن “المهم بالنسبة إلى نظام تعددي كهذا، هو مواصلة التقدم”، معتبرا أنه “مع إدارة بايدن، لدينا على الأقل الانطباع بأنه في مقدورنا مواصلة ذلك”.

وإن كانت المفاوضات حول مواضيع رئيسية مثل الزراعة تبقى محتدمة، فمن المتوقع تحقيق اختراقات صغيرة في أبوظبي، ولا سيما على صعيد المساعدة للدول الأكثر فقرا، مع انضمام دولتين جديدتين هما جزر القمر وتيمور الشرقية رسميا إلى المنظمة.

وأصدرت أكثر من 120 دولة ومنطقة من بينها الصين والاتحاد الأوروبي باستثناء الولايات المتحدة، إعلانا وزاريا ليل الأحد/الاثنين، أفادت فيه بوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يهدف إلى تيسير الاستثمارات الدولية في التنمية.

وتطالب الدول الموقعة الآن بإدراج الاتفاق ضمن منظمة التجارة، لكن بعض الدبلوماسيين يخشون أن تعارض الهند، التي ترفض من حيث المبدأ أي اتفاق لا يشمل جميع الأعضاء.

وإزاء صعوبة التوصل إلى إجماع كامل، يجري إبرام عدد متزايد من الاتفاقات المتعددة الأطراف تنطبق فقط على الدول المشاركة فيها، وهو ما باتت المنظمة نفسها تشجعه.

ويعقد المؤتمر في ظل خلافات دولية ومخاوف على الاقتصاد العالمي الذي يواجه بحسب صندوق النقد الدولي تهديدات جراء الحرب في الشرق الأوسط.

وقال دبلوماسي أوروبي إن “الوضع الراهن الذي يتسم بتوترات جيوسياسية وتطلعات كبرى من الدول النامية جراء الأزمة المالية وأزمة كوفيد والتوترات الاقتصادية الناجمة عن التضخم، كله لك يتراكم ليطرح خطر تشظّي الاقتصاد العالمي”.

وهذا ما تحذر منه أوكونغو-إيوالا منذ أشهر داعية الدول إلى الالتفاف حول المنظمة والعمل على إصلاحها وفتحها على رهانات القرن الواحد والعشرين.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.