تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

كمان أرجواني.. سرّ الشاعرة نورهان الكردي..

مصدر الصورة
SNS

باحت نورهان الكردي في مجموعتها الشعرية الأولى، "كمان أرجواني" بأجمل وأرق الأحاسيس والمشاعر، لكنها قبل ذلك، كشفت عن شاعرية متوثبة تضع النار في كلماتها، تعلن ولادة متميزة لشاعرة مجبولة بعفوية شفافة صادقة، محنّاة بحنين وشوق، بحب وتحدّ، بوهج الأمل بين الأسطر لا يخبو أبداً.. فماذا تقول هي يا ترى؟

** يُقال: إذا لم يكن لدى المرء ما يقوله فلا يستطيع الكتابة: وأنتِ لديك فيض متدفّق: ماذا تريد أن تكشفي لنا نثراً عن الإلهام الذي أغنى مجموعة "الكمان الأرجواني"؟

الإلهام الذي أغنى مجموعتي هو أولا إنسانيتي التي أشعر بها أحاسيساً وجدانية تجاه أصغر التفاصيل حولي، تجاه حمامة وقفت على نافذتي أو المصباح الذي ينير طريقي، تجاه إنسان عابر ترك بصمة ما في داخلي، أو أثار فكرة أو تساؤل ما، تجاه مواقف مختلفة في الحياة قد يمر بها أي إنسان.

الشاعر لابد أن يكون إنسان حساس محب للخير متأمل حامل أوجاع وطنه وإخوته في الوطن فيحيك من هذه الأحاسيس حروفاً يخفف من خلالها عبء تلك المشاعر على نفسه..

" ماتتِ الحروفُ على شفتيكَ

وعلتْ وجنتيكَ زهورٌ يابسه

تحجَّرتِ الينابيعُ في قلبكَ

تمرُّ عليها عصافيرِي بائسه

حجبَ الضّبابُ عينيكَ عني

بكفٍّ خشنةٍ وروحٍ ناقصه

قد جمَّدتْ آخرُ العواصفِ وجهَكَ

بملامحَ قاسيةٍ عابسه

بدَّدتْ ريحُ هجرِكَ نداءاتي

وخمدتْ براكينُ قلبي يائسه

ما تفعلُ دموعي الحارةُ

وحولُك تتعالى جدرانُ الجليدْ

وما يفعلُ ولعي الموجِعُ

أمامَ شتاءٍ عنيدْ

حطَّمتَ إليكَ سلالمي

وصعدتُ إلى أعلى البروجْ

تركتني وحدي تحتَ المطرِ

واعتكفت لآلهةِ الثّلوجْ

ميتٌ أنتَ بلا قلبٍ

وليسَ لميتٍ من خروجْ.."

 

** في كل القصائد تقريباً تستخدمين ضمير المتكلم وضمير المخاطب.. يبدو أن قوة المشاعر تمنع ضمير الغائب من الحضور..

طبعاً المشاعر قوية ومادام الشعور تجاه شخص أو مكان أو حالة موجود ويعيش داخلنا فلا مكان للغياب وليس من أهمية لضمير الغائب فإذا كانت الحالة الشعورية حية وقريبة ليس من أهمية للتجسد المادي فكم من أوطان متجذرة في قلوب أبنائها يعيشونها كل يوم في بلاد الغربة وكم من آباء وأمهات وأحبة هم أحياء في أرواحنا بالرغم من فقدهم أو بعدهم عنا....

فكم يا صديقي من جاحدٍ ناكرٍ للفضلِ"

عبَّدتَ طريقكَ بدمِ مظلومٍ

وبالطِيبِ والحبِّ زرعتُ حقلي

وعبّرتَ أنتَ عمَّا تكونُ

ولمْ أعملْ معكَ إلا بأصلي

كوجهِ اللهِ جئتكَ بكلِّ خيرٍ

وهلْ بعمرِكَ يوماً قد تحظى بمثلي

سألوذُ بالصّبرِ الجميلِ فما أنا

من ألطِّخُ قلبي وأنقضُ غزلي

والكلُّ عارفٌ مَن أنتَ ومَن أنا

يحلمُ الجميعُ يوماً أن يكونوا كظلِّي"...

** هناك نبض قوي في كل القصائد.. حبّ وتحدّ.. هجوم ودفاع.. خوف وثقة.. وأحياناً خيبة وألم.. ولكن لا يوجد انكسار.. تسددين السهم وتعيدينه إلى قوسه.. الحب يجعلنا نغفر.. الحب أقوى من الوجع والانتقام..!

الانكسار يعني الهزيمة والهزيمة تعني خسارة الإنسان لذاته وذلك يعني أنه شخص ضعيف الإنسان القوي قد يخسر كل شيء لكن لا يخسر نفسه فهو لا يستسلم لمواقف أو مطبّات تواجهه خلال مسيرة حياته بل يعيش جميع الحالات والأحاسيس المختلفة والمتناقضة و يحاول باستمرار الحفاظ على فطرته السليمة وقيمه الصالحة التي بالفعل تجعل من التسامح المبني على الوعي والاحتواء القيمة الأقوى من الرغبة بالانتقام..

تناجي الغمامَ أبخِرةُ المدخنةْ"

وحماماتٌ على شباكي

تترقبُ ساكنةْ

تشرينُ أقبلَ هامِساً في مسمعي

حكاياتي المحزنةْ

تشرينُ خريفٌ دمشقيٌّ

يذكرني أنَّك كنتَ هنا

تشرينُ في خاطري

بعثُ أملٍ عجوزْ

رائحةُ مطرٍ قريبٍ

متمردٍ على استبدادِ تموزْ

روحٌ عادَتْ لي عبرَ الأزمِنةْ

****

محكومةٌ عواطفي بانقلابِ الفصولِ

وما محكومةٌ صلاتي بنداءاتِ المئذنةْ

***

لقد تنفستُ روحَكَ مرّةً فانتشيتُ

ومن يومِها يا حبيبي وأنا مدمنةْ.

** الأرجوان يعكس التحدي.. كيف ستمضين وحيدة بعدما نضبَ زيتُ الحلمِ..؟!

ليس نضوب زيت المصباح بأمر مهم مادامت الشمس تنير صباحاتنا كل يوم وترحل في الليل لتتركنا نحلم من جديد كما نشاء فالمهم هو الحالم وليس الحلم وهو بصيرة العيون وليس الضوء القابل للانطفاء..

" كلا لن أدخلَ حرباً

كلانا فيها مهزومْ

كلا لن أنتحرْ

لا لن أنحدرْ

إلى حيثُ أعيشُ وأنسى

كيفَ أُفهمُك بأنَّني أنثى

ولا أكاسرْ

كلا لن أغامرْ

مع جاهلٍ بلغةِ الحبِّ

فقد الإحساسَ

يحسبُ العشقَ كالسِّياسة

إن عشقني وضعَ على قلبي حِراسة

وعدَّ عليَّ أنفاسي

أشعرُ بأني فريسةٌ

تتحضرُ لافتراسي

وبأنَّ اعترافي بحبِّك نصرٌ

ستتباهى بهِ أمامَ النّاسِ

***

كلا لن تجتمعَ العتمةُ والنُّورُ

ولا الوحوشُ والطُّيورُ

فارحلْ وارفقْ

ولا تصدِّقْ

مهما كذبَ عليكَ إحساسي"...

** الصور الشعرية لديكِ مهمة.. البساطة وسهولة الألفاظ تلتقط القارئ وتمسك به.. عازفة الكمان ألا تنشّذ أبداً..؟!

مادامت الأشياء نابعة من القلب فمن السهولة أن تصل إلى القلب

أمتطي قَلمي"

وإحساسي لهُ دليلُ

أمضي ولا أدري

أينَ يوصلني السّبيلُ

أفتحُ أبوابي على بحرٍ

أضاءَ على شطِّهِ قنديلُ

وأمرُّ على بيداءَ شرقيةٍ

شعرُها أسودُ طويلُ

***

مازلتَ معلقاً بأهدابي

مغروساً بخيطانِ ثيابي

كحبةِ ندى إلى زهرتِها تميلُ

مازلتَ عابقاً بوجداني

كبخورِ كنيسةٍ

إنجيلاً بيدِ قديسةٍ

وهل ينسى مسيحَهُ إنجيلُ؟

***

أَغرقتُ سفينةَ حبِّي إليكَ

فكأنما زوارقَ الشّوقِ أساطيلُ

أنكرتُ أمامَ الناسِ فيضَ محبَّتي

وكلُّ ما قلتُ تزييفٌ وتضليل

فقلْ لي كيفَ يكونُ الهروبُ منكَ؟

وأنتَ الحرفُ وأنتَ السبيلُ"...

 

** هل فارق الكمان النغم.. أم أنّ هناك موسماً آخر لأنغام جديدة؟

اعتقد بأن أي انجاز يقوم به شخص هو نعمة وبتوفيق من الله وأتمنى طبعا الاستمرار بالكتابة وأسعى إلى تطوير ذاتي وإلى توسيع المواضيع التي تناقشها قصائدي حتى تصبح معنية بما يعني به الجميع...

" انتظرتُ قدومَكَ طويلاً جداً

كما لو كنتُ أنتظرُ المَهدي

وحلمتُ بأن الشّمسَ طلعت خضراء

وابتسمَ لي القمرُ برداءٍ وردي

وأمطرت عليّ السّماءُ أزهاراً

وعزفتِ الغيماتُ لحنَ سعدي

ورأيتكَ واقفاً أمامي أخيراً

تهديني خاتماً وحبّاً أبدي

حاملاً بينَ يديكَ قصةَ حبّنا

كماناً أرجوانياً فاضَ من صبري وجهدي

وأعلنتُ مليكةً: ها قرةَ عيني

حفظَ الهوى وصانَ وعدي

ثم... نضبَ زيتُ الحلمِ مني فجأةً

فصحوتُ.. وأكملتُ الدربَ وحدي".!!

مصدر الخبر
خاص: محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.