تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نقطة ساخنة: من يقوى على مشاريع السياحة “الشعبية”؟

مصدر الصورة
البعث

علي عبود 

نتحدّى وزارة السياحة أن تجيب عن سؤال محدّد: كم عامل بأجر من إجمالي العاملين في القطاعين العام والخاص، البالغ أكثر من 4.87 ملايين عامل، يقوى على تحمّل تكلفة قضاء يوم واحد في مشاريعها السياحية “الشعبية”؟
والسؤال: هل العامل الذي بالكاد يكفيه دخله الشهري لأيام وهو في منزله، وعاجز عن تحمّل تكلفة نزهة أو “سيران” في دمشق لا تقلّ عن 500 ألف ليرة، قادر على قضاء يوم واحد في شاليهات الكرنك؟

أكثر من ذلك لتكشف لنا وزارة السياحة كم أسرة من الـ 4.6 ملايين الحاصلة على البطاقة الذكية، المخصّصة للمواد المدعومة، تقوى على قضاء يومين في مشاريع الكرنك “الشعبية” باستثناء من لديها مصادر أخرى للدخل غير الأجر الشهري؟
نعم، كم أسرة مكوّنة من خمسة أو ستة أفراد “يعملون كلهم بأجر” قادرة على توفير 600 ألف ليرة من دخلها الشهري لدفعها أجور نقل لتصل إلى مشاريع الكرنك “الشعبية” باستثناء تكاليف الشاليه والطعام والشراب؟
لا نجادل وزارة السياحة حول أهمية المشاريع “المتواضعة جداً” التي أنجزتها في السنوات الأخيرة، كما أننا نعرف جيداً أنها لا تتحمّل مسؤولية عجز ملايين السوريين عن ارتياد مشاريعها التي لم يعد يقوى عليها سوى المقتدرين، وهم قطعاً ليسوا من زبائن السياحة “الشعبية”، كما كانت الحال قبل عام 2011، لذا نعيد ونؤكد أن السياحة “الشعبية” – مثل الفروج – اختفت من سورية، ولن تعود إلا بمعجزة اقتصادية!

إن امتلاء الشاليهات الخشبية أو الغرف التابعة لوزارة السياحة في المناسبات والأعياد التي لا تزيد طاقتها الاستيعابية عن ٥٠٠ سرير، لا يعني أن السياحة “الشعبية” عادت مجدداً، فهي لن تعود – ونكرّرها مجدداً – إلا بمعجزة، كأنّ تتمكّن الحكومة من إعادة القدرة الشرائية للعاملين كما كانت عليه ما قبل عام 2011!
نعم، تشهد مشاريع وزارة السياحة “الشعبية” إقبالاً منقطع النظير، وتنال رضا من مختلف الشرائح التي ترتادها، ولكنها قطعاً جميعها من أصحاب الدخول القوية التي تكفي أكثر من احتياجاتها الأساسية.
أكثر من ذلك، من يراقب نسب الإشغال، سواء في مشاريع وزارة السياحة أم المنشآت السياحية بمختلف مسمياتها ومتدرجاتها وفخامتها، وامتلاء منشآت الإطعام في طول البلاد وعرضها، سيخرج باستنتاج لا يمتّ للواقع بصلة، وهو أن الأوضاع المادية للسوريين ممتازة، ولو قامت كاميرا التلفزيون بجولة على مشاريع وزارة السياحة “الشعبية”، أو داخل منشآت الـ 5 نجوم، سترصد حتماً نسب الإشغال المرتفعة ورضا مرتاديها عن هذه المشاريع، لكن هل يُشكل هؤلاء أكثر من 2 أو 3% من إجمالي السوريين الذين بالكاد يكفيهم دخلهم؟

الخلاصة: ما نريد قوله إن مشاريع وزارة السياحة لم تعد “شعبية”، كما كانت حالها قبل عام 2011، وهي لن تستطيع جعلها “شعبية” حتى لو حوّلتها إلى مجانية، لأن تكلفة الوصول إليها لا تقلّ عن 600 ألف لأسرة مكوّنة من 5 أشخاص، وبالتالي فالتسمية الواقعية هي سياحة داخلية للمقتدرين مالياً، وخاصة لأرباب المهن الحرة الذي لا يقلّ دخل الحرفي الواحد يومياً عن الدخل الشهري للعامل بأجر!!

مصدر الخبر
البعث

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.