تعاني محافظة ديرالزور منذ العام الماضي من تكرار العواصف الغبارية الشديدة بشكل شبه يومي، وقد ازدادت حدة هذه الظاهرة خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية بشكل كبير، هذا الأمر لاقى انعكاسه على معظم أوجه الحياة في المحافظة وشملت تأثيراته الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية، فالأسواق تقل فيها حركة البيع والشراء بشكل واضح بسبب التزام المواطنين منازلهم وإغلاق عدد كبير من المحال التجارية.
الشاب أحمد الذي يعمل مندوبا للمبيعات في إحدى الصحف الإعلانية بالمحافظة يقول: "العجاج أثر على عملنا بشكل كبير، لأن معظم الفعاليات التجارية والاقتصادية تغلق أبوابها مع حلول أي عاصفة غبارية، ومن لا يغلق يؤكد لنا بأن حركة البيع والشراء معدومة ".
سيدات المنازل من أكثر المتضررين تقول "أم ماهر – ربة منزل" "أصبحت عاجزة عن الاستمرار في عمليات التنظيف اليومية لكامل المنزل، وهي في الأيام الأخيرة أصبحت تستدعي بناتها المتزوجات لمساعدتها" مضيفة بأن "العلاقات الاجتماعية تأثرت أيضا مع التزام الأقارب لمنازلهم أما بسبب وجود العجاج أو بسبب الانشغال بتنظيف مخلفاته"
التفسير العلمي
مدير فرع ديرالزور للهيئة العامة لتنمية البادية فيصل حنيدي فسر ظاهرة العجاج بالقول "هذه الظاهرة التي سادت المنطقة خلال الفترات الماضية بشكل كبير تحدث عندما تهب الرياح بسرعة أكثر من 5 متر بالثانية على التربة المفككة التي لا تحتوي على غطاء نباتي، وهذا يؤدي إلى حدوث دوران لحبيبات التربة حول نفسها بسرعة عالية جدا، وينتج عن ذلك أيضا حالة تفريغ نوعي وفقدان هذه الحبيبات الناعمة لتوازنها فتطير إلى الجو مشكلة ظاهرة العجاج" وبين "حنيدي" بأن هذه الحبيبات هي "الحبيبات الخصبة في التربة" مضيفا بأن "الحبيبات الأكثر وزنا تزحف زحفا على وجه الأرض، أو تقفز على ارتفاع لا يزيد عن عشرة أمتار مشكلة الكثبان الرملية، وبدورها الحبيبات الأكثر خشونة تتدحرج على وجه الأرض لأنه ليس بإمكان الرياح حملها"
وأوضح الجنيدي أ"مساحة البادية تصل إلى 4و33 ألف كيلو متر مربع وهي تشكل 95% من مساحة محافظة دير الزور، مشيرا في الوقت نفسها إلى أن"20 إلى 25% من مساحة البادية وصلت إلى مرحلة شديدة من التدهور، وأن نسبة 10% وصلت إلى مرحلة التصحر وخاصة في منطقة وادي الدفينة وكباجب وهربيشة وبعض المواقع المتناثرة المتأثرة بعوامل الضغط الرعوي"
لابد من الإشارة هنا إلى أن الأمطار في ديرالزور خلال الموسم الماضي لم تتجاوز الـ 21مم وهذا العام قاربت الـ 60 مم حتى الآن.
الرؤية الطبية والإجراءات المتخذة
الدكتور غسان شباط (صاحب صيدلية – مدير فرع الهلال الأجمر بديرالزور) أكد بأن"نسبة المصابين بالربو بازدياد وهو يصيب الكبار والصغار" وقال أيضا: "أدوية الأمراض الصدرية تباع بكثرة لدينا ولا يكاد يخلو يوم إلا ويكون نصف مبيعات الصيدلية من أدوية الربو".
الدكتور محمد أمين نويصر (اختصاصي داخلية وقلبية – مدير مستشفى الفرات الحكومي) وفي لقاء مع (محطة الأخبار السورية) أشار إلى أن "معظم الناس تتأثر بالغبار وعلى وجه الخصوص اصحاب أمراض القصبات والربو والأمراض القلبية المتقمة ناهيك عن الأطفال الذين لديهم حساسية في القصبات، يضاف إلى هؤلاء المدخنين الشرهين على التدخين وأيضا كبار السن)
"نويصر" بين بأن "الامكانات المتوفرة بشكل جيد على مستوى المحافظة إلا أن هناك ضغط كبير على المستشفى عند العواصف الغبارية الكبيرة كما حصل قبيل أسابيع عندما استقبلنا في ليلة واحدة ما يقارب الـ (1000) مريض، وأصبح هناك ما يمكن وصفه بالجسر الجوي بيننا وبين شركة تأمين الغاز في منطقة الصناعة وفي تلك الليلة توفي أثنان من المرضى).
من هنا لا تزال ظاهرة العجاج تنال اهتمام سكان محافظة ديرالزور والمنطقة الشرقية بشكل عام، ويأمل العديد من المواطنين أن تشهد الفترة القادمة انحسار هذه الظاهرة أو على الأقل التقليل من زياراتها اليومية للمحافظة.
