تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إنجاز استراتيجي يفتح آفاقاً كبيرة أمام التنمية مشروع ري دجلة ..حلم يتحقق وينهي سنوات العجاف

مصدر الصورة
البعث

محطة أخبار سورية

مشروع ري دجلة الذي انطلقت عجلة العمل فيه بتسارع، هو أهم مشروع استراتيجي وتنموي للمنطقة الشمالية الشرقية، ولسورية عموماً، وهو متصدر قائمة الأولويات في خطط وبرامج الدولة نظراً، لآثاره الاقتصادية والاجتماعية والتنموية المتوقعة، إذ سيسهم هذا المشروع في تعزيز الأمن الغذائي الوطني وخلق فرص عمل كبيرة في المنطقة ستتجاوز القطاع الزراعي إلى النشاطات الصناعية الناشئة عن الإنتاج الزراعي والحيواني.
 
 
الوضع المائي لمحافظة الحسكة
تبين الدراسة الشاملة للوضع المائي في محافظة الحسكة، والتي ساهم في إنجازها عدد من الهيئات العالمية والجهات الوطنية المتخصصة، أن محافظة الحسكة يقع ضمنها القسم الأعظم من حوض الخابور وكامل حوض دجلة، وتتميز بوجود مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، تعتمد معظمها على الهطول المطري في الري، الأمر الذي أدى في بعض السنوات قليلة الهطول والشحيحة إلى تدني كمية ونوعية المحاصيل بشكل كبير، انعكس سلباً على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للسكان، ودفع إلى التوجه نحو استخراج المياه الجوفية لري الأراضي، حيث تم حفر عدد كبير من الآبار بشكل غير مدروس وعشوائي استثمرت كميات كبيرة من المياه، مما أدّى في السنوات الماضية إلى حدوث انخفاض وتدنٍّ في مناسيب المياه الجوفية ومن ثم انعدام التصريف.
وتشير الدراسات إلى أن سد النقص الحاصل بالمياه يتأتى من تنفيذ مشاريع واتخاذ إجراءات على عدة محاور أهمها:
المحور الأول: ضخ المياه من الحوامل المائية في نطاق رأس العين، وقد تم تنفيذ هذا المحور كحل إسعافي حيث تم حفر /116/ بئراً، موزعة في رأس العين ونهر الجرجب ويتم تأمين المياه للشرب والري عن طريق الضخ من الآبار المحفورة في منطقة ينابيع رأس العين والجرجب للمشاريع الحكومية وسرير النهر.
المحور الثاني: التغذية بالمياه من نهر دجلة (من خلال مشروع ري دجلة وربطه مع الخابور).
المحور الثالث: تطبيق تقنيات الري الحديث لترشيد استهلاك المياه، وتوفير الملايين من الأمتار المكعبة من المياه سنوياً لصالح استقرار الموازنة المائية.
وبسبب الاستجرار الجائر وغير المدروس واستخدام طرق الري التقليدية في سقاية الأراضي وبطء التحول للري الحديث وشح مياه الأمطار خلال السنوات الماضية، تم فقدان الكثير من المخزون المائي في المسطحات المائية وانخفاض منسوب المياه الجوفية في جميع المناطق وهو ما سبب الارتفاع في تكاليف الاستجرار وخاصة من الآبار التي تعمل على المازوت، ونتيجة لكل ذلك، قام كثير من المزارعين بإغلاق مشاريعهم الزراعية، وهاجرت بعض الأسر إلى المحافظات الداخلية بقصد البحث عن فرصة عمل.
 
مشروع دجلة الأمل
ونظراً لظروف المحافظة التي تتسم بالطابع الزراعي، ويستقطب العمل بالزراعة فيها، جلّ النشاط البشري، كان التوجه نحو الإسراع بتنفيذ مشروع ري دجلة.
هذا المشروع الذي أوضح المهندس حسين مخلوف، مدير عام هيئة الموارد المائية خلال حفل وضع حجر الأساس له بأن العمل فيه سيتواتر، ولن تؤجل أي فرصة لإنجاز أي مرحلة، إضافة لتقسيم العمل في مكونات المشروع إلى جبهات متعددة يسير العمل في كل منها على التوازي لكسب الوقت واستثمار أي مرحلة يمكن استثمارها بأسرع وقت، وأي صعوبات ستظهر سيتم العمل على حلها مباشرة بدعم وإشراف القيادة والحكومة، وذلك من أجل تحقيق هذا المشروع الحيوي التاريخي على أكمل وجه وفي أسرع وقت، وتنفيذ توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد بهذا الصدد.
وأضاف مخلوف: إن المنعسكات الإيجابية لهذا المشروع الذي تزيد كلفته عن 100 مليار ليرة سورية ستطال عدة مناحٍ، حيث سيتم الاعتماد على درجة عالية من كفاءة شبكات الري مما سيشكل فرصة للمنتجات الوطنية لمستلزمات الري الحديث بكافة مكوناتها، حيث ستنشط المهن المرتبطة بهذه التقنية، إضافة إلى تأمين مستلزمات المشاريع الاستثمارية الصناعية والسياحية في المنطقة، كما يؤدي إلى تطور الإنتاج الزراعي، كماً ونوعاً، حيث سيزداد الإنتاج الزراعي لكافة المحاصيل، وتؤكد دراسات الجهات المتخصصة في وزارة الزراعة بأن إنتاج القمح في الأراضي المستهدفة في المشروع سيزداد من (50) ألف طن إلى (500) ألف طن سنوياً .
وسيزداد إنتاج الشعير ليصل إلى (55) ألف طن، حيث إن إنتاجه الآن قليل وسوف يزداد إنتاج المحاصيل العلفية من (40) ألف طن في الوضع الراهن إلى (300) ألف طن بعد استثمار المشروع، وسوف يتيح المشروع إنتاج حوالي (60) ألف طن من البقوليات الغذائية، كما سيتم إنتاج (40 ) ألف طن من الخضار الشتوية، حيث يمكن تلبية احتياج سكان المنطقة من هذه المنتجات.
وفي مجال تربية الحيوان، سيحقق نقلة نوعية كبيرة حيث ستزداد أعداد رؤوس الأبقار من (10) آلاف رأس في الوضع الراهن إلى حوالي (50) ألف رأس، كما سيتيح إنتاج حوالي (70)ألف طن من الحليب سنوياً بدلاً من(15) ألف طن في الوضع الراهن، وسيتم إنتاج ما يزيد عن (6) آلاف طن من اللحوم، بدلاً من (1300) في الوضع الراهن، وستزداد أعداد رؤوس الأغنام لتصل إلى حوالي (300) ألف رأس غنم، ما سيتيح إنتاج حوالي (20) ألف طن من الحليب سنوياً وإنتاج ما يزيد عن (1000) طن من الصوف وستشكل المادة الأولية لصناعات مرافقة لهذا الإنتاج.
ومن المتوقع زيادة أعداد الدواجن إلى (370) ألف طير وسيزيد إنتاجها عن (550) طناً من اللحوم.
وعليه فإن الإنتاج الزراعي والحيواني سيفتح الآفاق أمام نشوء صناعات غذائية، كما سيشكل المشروع مناخاً جاذباً للاستثمارات في مختلف المجالات وخصوصاً مجال الصناعات البتروكيميائية والتحويلية، إضافة إلى الاستثمارات السياحية، كما أن هذا المشروع الكبير سيلبي جزءاً كبيراً من الطلب المتزايد على المنتجات الغذائية وهو يشكل بنية تحتية لزيادة الإنتاج ورفد الاقتصاد الوطني بطاقات إنتاجية كبيرة ستسهم في زيادة الدخل القومي .
وأشار مدير عام هيئة الموارد المائية إلى الآثار البيئية الهامة التي سيحققها المشروع ،حيث سيسهم في إعادة التوازن البيئي والمائي للحوض الذي يعتبر حالياً الأكثر استنزافاً للمياه الجوفية، إضافة إلى تأمين المياه اللازمة لسدود الحسكة (الشرقية والغربية) وسد الشهيد باسل الأسد (الجنوبي) والسفان والمنصورة، مما سيساعد في توفير مناخ جاذب وملائم للسياحة ويخفف بشكل أساسي من آثار الجفاف والتصحر، وسيتم تأمين مياه الشرب لمحافظة الحسكة بكمية مقدارها (125) مليون متر مكعب سنوياً، كما أن هذا المشروع الاستراتيجي قد شكَّل الفرصة الأولى للحصول على الحصة المؤقتة لسورية من نهر دجلة لأول مرة في التاريخ، نظراً لجو العلاقات الودية التي أقامها السيد الرئيس بشار الأسد مع الدول الجوار، وبفضل ذلك أصبح ممكناً استجرار (1250) مليون متر مكعب سنوياً لإرواء (150) ألف هكتار جديدة، وإحياء (63) ألف هكتار من شبكات الري المنفذة بكلفة مكوناتها.
ولفت مخلوف إلى أن الحديث عن إرواء مساحات جديدة ودعم شبكات بمساحة 213 ألف هكتار، هي بحجم مجموع ما تم إرواؤه في مشاريع الفرات التي تطلبت 30 سنة، مقابل الحديث عن مدة عشر سنوات لإنجاز مراحل مشروع ري دجلة.
 
مخازين السدود في الحجم الميت حالياً
المهندس سمير مورا، مدير الموارد المائية في الحسكة، كان قد أوضح لنا أن إجمالي المساحات المروية في المحافظة تزيد عن 400 ألف هكتار منها بحدود 63 ألف هكتار على شبكات الري الحكومية، وما تبقى تروى عن طريق المياه الجوفية و10 سدود، بما فيها سد الشهيد باسل الأسد والذي يعتبر ثالث سد بالتخزين من حيث الحجم في سورية 605 ملايين متر مكعب ، إضافة لسدي الحسكة 322 مليون متر مكعب، التخزين الإجمالي مليار و48 مليون متر ، وحالياً لا تخزن كل هذه السدود أكثر من 150 مليون متر مكعب، وهذا التخزين يصنف ضمن الحجم الميت أي أن الاستجرار منها يضر بمنشآت السدود.
وأضاف المهندس مورا بأنه خلال السنوات الخمس الأولى من البرنامج الزمني لإنجاز مشروع ري دجلة سوف يتم الانتهاء من تنفيذ أعمال محطة الضخ الرئيسية ونفق كراتشوك بطول حوالي عشرين كم، وقناة عين ديوار بطول 27 كم بغزارة أعظمية 100 متر مكعب في الثانية وهناك قناة تنطلق من بعد النفق بطول 31 كم ونصف وهي قناة صندوقية مغطاة تنقل المياه من النفق إلى منطقة جنوب الرد، حيث تتفرع منها قناتان فرعيتان، غزارة الأولى 40 متراً مكعباً في الثانية بطول 133 كم تقريباً، وتصب في نهايتها في السد الشرقي في مدينة الحسكة، وقناة أخرى بغزارة 65 متراً مكعباً في الثانية بطول 124 كم تنطلق باتجاه جنوب وادي الرد وتصل نهايته عند سد الشهيد باسل الأسد، وهذا المشروع سوف يدخل مساحات ري جديدة في مناطق الاستقرار الثانية والثالثة والرابعة بحدود 150 ألف هكتار، عوضاً عن تأمين المياه لمشاريع الري الحكومية، وبالتالي فإن المشروع سوف يعيد الحياة مرة أخرى إلى أهم مشروع نفذ سابقاً في المحافظة وهو مشروع ري الخابور، حيث سيتم توفير المياه لحوالي 63من مشاريع الري القائمة والتي كانت تفتقر لمصادر ثابتة للمياه بعد جفاف نهر الخابور.
 
القطاع العام قادر على المساهمة
 
المهندس شجاع محمد علي، مدير فرع الشركة العامة لإنشاء المشاريع المائية بالحسكة، بيّن أن مشروع جر مياه نهر دجلة من المشاريع الرائدة والاستراتيجية على مستوى سورية، فقد قامت الشركة بتنفيذ العمل الأول وهو الجدار المانع للرشح في منطقة إقامة المأخذ المائي على النهر وذلك لحماية محطة الضخ الرئيسية من رشوحات المياه والمأخذ المائي، وقد أنهت الشركة هذه الأعمال في الوقت المحدد وبالشروط الفنية المطلوبة وحالياً تقوم الشركة بتنفيذ عقد بقيمة (920) مليون ليرة سورية للمأخذ المائي وحوض التهدئة والتسوية الترابية للمساطب المحيطة بالموقع.
الدكتور المهندس جاك مارديني، رئيس جامعة الفرات، قال على هامش الاحتفال بوضع حجر الأساس للمشروع: إن هذا المشروع من أهم المشاريع التنموية الذي يساهم في تنمية المنطقة الشرقية من خلال تأمين مصدر مائي لري الأراضي وتأمين مياه الشرب، وبالتالي نحن في جامعة الفرات سوف نساهم من خلال ربط هذا المشروع الضخم والمهم بكفاءات محلية من خلال المهندسين الزراعيين والمهندسين المائيين والمهندسين المدنيين وكافة الاختصاصات اللازمة لتنفيذ هذا المشروع ونحن نقوم الآن بإعداد برامج للطلبة ليكونوا على تماس مع الوضع الزراعي في المحافظة، وذلك من خلال تجهيز كافة الخطط الدراسية اللازمة لتحضير هذه الكفاءات في المجال الزراعي وفي المجال الهندسي أيضاً ليساهموا في تنمية هذه المنطقة، وسنقوم أيضاً من خلال البحوث العلمية التي سيقوم بها الطلبة لزيادة الإنتاجية في المحاصيل الزراعية.
 
أهمية استقرار الإنتاج
 
محمد خير شيخموس، نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة بالحسكة أكد أن هذا المشروع يفتح آفاقاً كبيرة للعمل الصناعي والتجاري الذي يتحفز بتوفر الاستقرار في الإنتاج الزراعي وديمومة مصادر الدخل، إضافة لتوفير التشجيع على إقامة معامل وصناعات تعتمد على الإنتاج الزراعي وتنوع المحاصيل، فبالإضافة للمحاصيل الاستراتيجية هناك محاصيل علفية وصناعية ستقوم عليها صناعات استخراج الزيوت النباتية والأعلاف وغيرها.
 
الري الآمن لتطوير الزراعة
 
عدد من الفلاحين والمزارعين أكدوا أن تطوير الزراعة مرهون بتوفر مصادر الري الآمنة والمضمونة، حيث إن ظروف الجفاف جعلت من الزراعة، وخاصة البعلية، مهنة خاسرة، ومع توفير المياه للري يكون العمل الزراعي قابلاً للتطوير، والاعتماد على وسائل تكنولوجية حديثة في الزراعة والري تحقق عوائد ربحية مشجعة للفلاحين وللعاملين في هذا القطاع، إضافة لإدخال محاصيل جديدة وزراعات تكثيفية في الدورة الزراعية، بحيث تصبح المساحات قابلة للاستثمار على مدار العام، وليس الاقتصار على موسم شتوي فقط وخاصة في مناطق الاستقرار الأولى والثانية والثالثة، إضافة لإحياء الزراعة في مناطق الاستقرار الرابعة ودعم مخازين السدود المنجزة سابقاً، والتي تعتبر المصدر الوحيد لري مساحات واسعة في مناطق حوض الخابور الأوسط وجنوب الحسكة، حيث تعتبر هذه المنطقة الأكثر تضرراً من ظروف الجفاف والتصحر وتراجع الموارد.
 
عبدالله الحمد
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.