تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أزمة الغاز.. تصعيد آخر البطاقة العائلية لم تسهم في انفراجها والسوق تنتعش

مصدر الصورة
تشرين- SNS

محطة أخبار سورية 

أرتال من المواطنين صراخ وتزاحم وفوضى... نساء ورجال وفتية, اصطفت أمامهم اسطوانات الغاز لتشكل رتلاً آخر موازياً لهم البعض شد رحاله منذ ساعات الصباح الأولى ليحط عند مركز التوزيع ويغص المكان بالناس

 

 حتى قبل أن تتم تعبئة السيارة من المركز الرئيسي وعندما يتراءى للناس أن السيارة اقتربت يحمل كل منهم اسطوانته ويقترب وما إن تتوقف حتى يختلط الحابل بالنابل وتمتد الأيدي للاستلام والتسليم.

أزمة الغاز ما إن تهدأ قليلاً حتى تعود من جديد بشكل أكثر قوة وأشد استعاراً ورغم أن المواطنين يعرفون جيداً أن هذه الأزمة سببها العقوبات الاقتصادية وصعوبة استيراد المادة وأن إنتاجنا لا يكفي لنصف حاجتنا إلا أن توافر المادة بالسوق السوداء وبأسعار بدأت بـ 1000 ليرة ثم إلى 1500 وحالياً في بعض المناطق كالمزة الشرقية تباع بـ ألفي ليرة تثير أكثر من  تساؤل وتضع العديد من إشارات الاستفهام.

بعض المحلات التي تعتمد على استخدام هذه المادة أغلقت مبدئياً لأن حاجتها كبيرة ويضطر أصحابها لشراء الغاز من السماسرة «وما أكثرهم» وبالمبلغ الذي يفرضونه وبعدد ربما يفوق  الحاجة، وأكثر ما يثير الدهشة والحيرة والاستغراب أن التوزيع يتم وفق البطاقة العائلية كما يقول المعنيون هذا للمواطنين لكن في مركز توزيع الغاز في منطقة المزة يكفي الوقوف لدقائق لترى بأم العين مشهداً لا يتمنى أحد تكراره جميع من وقف في المركز جعل من نفسه مسؤولاً يحاسبك في الدخول والخروج حتى إن بعضهم منع الزميل المصور من الدخول رغم أننا أظهرنا مهمة رسمية وبأننا صحفيون إلا أنه منع وعندما طلبنا الدخول لرؤية رئيس المركز والاستفسار منه عن بعض الأمور سمح لنا بالدخول من بين أرتال المواطنين الكبيرة جداً عندها تمكنا من إجراء حوارات مع بعض  المتواجدين الذين تحلقوا حولنا راجين أن نساعدهم في تأمين حاجتهم بعد تعذر حصولهم عليها أمام هذا الحشد والأغلبية كن من النسوة لكن اللافت أن سيدة خرجت من الباب تحمل اسطوانة تهم في وضعها بالسيارة وعندما سألتها كم أمضيت من الوقت للحصول على الاسطوانة وهل وجدت معاناة في ذلك قالت: لا أبداً أتيت منذ نصف الساعة وحصلت عليها فوراً.

وسألتها هل تم ختم البطاقة العائلية قالت: نعم وليست هناك أي معاناة أو عذاب..

لكن المواطنين الآخرين الذين افترشوا الأرض وبعضهم احتمى من حرارة الشمس تحت أي بقعة ظل يمكن أن تخفف حرارة الشمس وحرارة انفعاله وغضبه بعد أن جاؤوا  منذ الفجر.

الفجر حطوا الرحال

الشاب مرشد متزوج وأب لطفلين قال: أتيت من منطقة بيت جن لعدم توافر المادة عندنا ورغم أن عدد سكان المنطقة 5000 نسمة إلا أنه تم توزيع 50 اسطوانة غاز فقط وأنا أتردد على المركز منذ نحو اسبوع وحضرت اليوم من الساعة الرابعة فجراً وكما تلاحظون جاءت السيارة إلى هذا المركز وذهبت معظم حمولتها للجهات الحكومية ونحن مازلنا ننتظر الفرج.

صحيح أن التوزيع يتم وفق البطاقة العائلية لكننا نرى بأم العين من يحمل أكثر من اسطوانة كيف ولماذا هذا السؤال برسم المعنيين في التوزيع.

علاء طبيب أسنان قال رغم أن سكني قريب من المنطقة إلا أنني لم أتمكن من الحصول على اسطوانة فالفوضى واضحة والناس جاؤوا من مختلف الأماكن القريبة من دمشق إلا أن الحظوة للجهات الحكومية نحن نتمنى أن يكون هناك تنظيم حقيقي للدور كأن يخصص مكان في المركز ذاته يتم من خلاله التوزيع لمن يحملون كتباً ممهورة من جهات حكومية ومكان آخر للمواطنين أما بهذا الشكل فلن نحصل على نتيجة مرضية.

أم عدنان امرأة مسنة افترشت الأرض تنتظر الفرج قالت أتيت من الديماس منذ الساعة الثالثة صباحاً وسلمت الاسطوانة الفارغة واستلمت ايصالاً ودفعت ثمن الاسطوانة ولكن كما ترين أنا لا أستطيع أن أزج بنفسي بين هذه الجموع وأنتظر مع جيراني لنحصل على حاجتنا ونغادر معاً.

السيدة مروة مصلح قالت أتيت من قطنا منذ الخامسة صباحاً تركت أولادي رغم أنهم سيذهبون إلى المدرسة لتقديم امتحاناتهم ولكن ما بيدي حيلة علي أن أؤمن اسطوانة الغاز فليس بمقدوري  شراؤها من السوق السوداء بـ1500 ليرة وأنا أتدبر أمري حالياً بسخانة كهربائية.

خالد محمود محمود قال: أتيت منذ الفجر ورغم أن رقمي 40 إلا أنني لم أتمكن من الحصول على أسطوانة الغاز لقد تم ختم دفتر العائلة وها هي السيارة أفرغت حمولتها وأنا علي العودة في الغد أقسم لك إنني استعمل الحطب منذ شهر لكن صحة أولادي تدهورت فلدي طفلان مصابان بالربو وقد أسعفتهما إلى المشفى مرتين فوضعها الصحي لا يسمح باستخدامه, هذه معاناة حقيقية ويومية.

أنا عامل في البلدية لا أستطيع شراء أسطوانة الغاز من السوق السوداء لكن أتساءل إذا كانوا يقولون إن المادة حسب دفتر العائلة فكيف نرى الآخرين يحصلون على أكثر من أسطوانة وهذا واضح وعلى عينك يا تاجر.

 توفير الغاز كالمرض المستعصي

مجموعة من النسوة من منطقة عرطوز جئن منذ الفجر بعد أن حجزن ميكروباصاً ولكن لم تستطع واحدة منهن الحصول على حاجتها قالت إحداهن باكية: ألا يكفي ضياع الوقت وحرق الأعصاب وخسارة أجرة حجز الباص لنعود كما أتينا.. فوزير النفط قال علينا استخدام الكاز ولكن هل علينا أن نشتري بابور الكاز بسعر لا قدرة لي عليه حتى ندخل بدوامة تأمين المادة.

في الأزمة السابقة كانت تجول في الأحياء سيارة سوزوكي تبيع المادة معبأة بعبوات بقين ليتر ونصف الليتر بـ150-175 ليرة أما في هذه الأوقات فلم نرها حتى الآن ربما يرتب المستغلون أنفسهم لرفع سعر المادة التي هي قليلة أساساً وعندما صرح الوزير ألم يكن يعلم أنه ليس كل المحطات تبيع هذه المادة لابد للمعنيين من إيجاد حل لهذه المسألة المستعصية والله السرطان وجد له دواء لكن أزمة توزيع الغاز صارت مرضاً مستعصياً.

أصحاب المحال وشكوى مريرة

محمد الإمام رئيس الجمعية الحرفية لصناعة الحلويات والبوظة في دمشق قال: تعاني الهيئة العامة للجمعية الحرفية من قلة وجود مادة الغاز سواء في مراكز التوزيع لدى المؤسسة العامة للمحروقات أو لدى الموزعين أو مراكز البيع للمستهلك وقد تراوح سعر تبديل الأسطوانة الصناعية من 1800 ل.س إلى 2100 ليرة سورية, ما أدى إلى توقف العمل والإنتاج في كثير من المنشآت الحرفية لعدم توافر مادة الغاز.

وأضاف الإمام: إنه رغم كل المراجعات والتوصيات لم نستطع حل هذه المشكلة لذا نتوجه للمعنيين بتخصيصنا بـ50 أسطوانة غاز صناعية يومياً ليقوم مجلس إدارة الجمعية باستلامها وتوزيعها على الإخوة الحرفيين المنتسبين لها ويذكر أنه يبلغ عدد المحلات المنتسبة لهذه الجمعية أكثر من 600 محل وهناك قرابة 500 محل غير منتسب..

ويؤكد الإمام قائلاً: نحن مضطرون لشرائها بالسعر المرتفع حتى لا تتوقف أعمالنا ولكن حتى الآن لم يتم الرد على الكتاب وما زلنا نتزود بالمادة من السوق السوداء..

أبو حسن صاحب محل معجنات وصاجيات قال بحسرة وهو ينظر إلى محله الخالي إلا منه ومن عامل آخر فقد اضطر لصرف اثنين من عماله: ما إن نخرج من أزمة حتى ندخل في أخرى جميعنا يقدر الأوضاع ونحاول أن نتعامل مع الأزمة ونتحايل على الوضع بشكل أو بآخر اضطررت لشراء أسطوانة الغاز بـ1300 ليرة من السوق السوداء ولكن ما يبعث على الحيرة هو توافر المادة بسعر مرتفع و«شبيك لبيك» يقولون إن التوزيع وفق البطاقة العائلية أي إن العائلة ستستجر حاجتها لمدة شهر ولكن من أين تتسرب الأسطوانات إلى مستودعات السماسرة؟.. على الجهات المعنية تزويد المحلات بحاجتهم أنا واحد ممن اضطرتهم الأزمة للاستغناء عن بعض العمال لحين توافر المادة وإقلاعنا من جديد فشراء الأسطوانة من السوق السوداء يعني أن نرفع سعر إنتاجنا وهنا سنتعرض للعقوبات التموينية وربما لإغلاق المحل.

سرقة.. نصب واحتيال في وضح النهار

شقيق إحدى زميلاتنا قال: ذهبت لمركز التوزيع في برزة وبعد طول انتظار مع جموع المنتظرين حظيت بأسطوانتي وما إن هممت بوضعها في سيارتي حتى هرعت إحدى النسوة وأمسكت بالأسطوانة وهي تصرخ, هذه أسطوانتي لقد سرقني وما بين الشد والجذب والصراخ والعويل والتهديد والوعيد تراجعت ربما تجد مبتغاها عند غيره بهذا الأسلوب, أما آخرون فقد استبشروا خيراً بوقوف سيارة الغاز تبيع المادة لمن يرغب فهرع المواطنون للحصول على هذه الدرة الثمينة وما هي إلا أقل من ساعة حتى أفرغت السيارة حمولتها وغادرت ليكتشف الناس أن الأسطوانة معبأة بالماء..!!

أحد المعنيين في مركز توزيع الغاز في المزة رفض الكشف عن اسمه قال: إن أسطوانة الغاز تسلم وفق البطاقة العائلية بسعر 400 ليرة وهو السعر النظامي وأشار إلى أن المركز يوزع وسطياً نحو 1200-1400 أسطوانة غاز يومياً.

ولدى سؤالنا عن أسباب هذه الفوضى والازدحام وخروج آخرين خالي الوفاض بعد انتظار لأيام قال: إن هذا المركز يخدم تقريباً معظم مناطق دمشق فبسبب سخونة الأوضاع في بعض المناطق في المدينة يضطر المواطنون لاستجرار المادة من مركز المزة إضافة إلى أن بعض الجهات الحكومية تستجر المادة من المركز ذاته, ولكنه أشار إلى وجود مجموعة من الجهات تعمل للمساعدة في التوزيع وضبط الأمور ما أمكن...

سماسرة

هذا ما تم رصده في مركز واحد... ولكن بقية المراكز ليست بأفضل حال منه, فأمام كل مركز تجمهر وتدافع.. و... الشريحة العظمى من المواطنين ليس بمقدورها الحصول على المادة بسعر يزيد على السعر الأصلي ثلاثة أضعاف بالحد الأدنى, فقد بيعت الأسطوانة في منطقة اتوتستراد المزة.. والفيلات الشرقية بألفي ليرة سورية وهنا نتساءل: التوزيع وفق البطاقة وبمعدل أسطوانة لكل عائلة شهرياً كيف توافرت المادة بالسوق السوداء؟ نحن نعلم أن في كل أزمة مقتنصين وسماسرة ومنتفعين.. وما لا يدخل في العقل أن البعض يقول الحق على المواطن! هؤلاء يأتون ببطاقات غيرهم ليحصلوا على المادة, وهذا تبرير غير منطقي أبداً بل هو هروب وتغييب لحقيقة تهريب المادة إلى السماسرة والحل بدهي وبسيط هو تخصيص الجهات الحكومية بمركز معين أو جعل أيام خاصة في الأسبوع للمواطنين وأيام للجهات الحكومية, فالأمر ليس لغزاً يصعب حله..!

ونشير إلى أننا حاولنا مراراً وعلى مدى يومين الاتصال بأحد المعنيين في فرع الغاز دون جدوى لأنهم ربما لا يسمعون رنين هواتفهم ..!

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.