تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

في بلد الأمن الغذائي نستورد 50% من البذور الزيتية

مصدر الصورة
تشرين- SNS

محطة أخبار سورية

تبدأ مشكلة إنتاج الزيوت النباتية من المحاصيل الزيتية - عدا زيت الزيتون - من زراعة تلك البذور.. فكميات الإنتاج المحلي من هذه المواد لا تغطي نصف احتياجات سورية والتي بلغت العام الماضي 94632 طناً (حسب مديرية التخطيط والإحصاء في وزارة الاقتصاد والتجارة)،

 

 والمساحات المخصصة غير كافية لزراعتها بجدوى اقتصادية لتكون غلة صناعية.. وتصريحات المسؤولين تتمحور عن حاجة تلك المحاصيل إلى الكثير من المياه في ظروف مناخية وطبيعية لا تسمح بالتوسع بزراعتها.. فلا إقامة مشروعات ري ستجدي نفعاً ولا تحسين الأصناف أتت بنتيجة.. فكان الحل الوحيد هو الاستيراد الذي أُطر بعدد من الحواجز ليشكل أعباءً إضافية.. والنهاية كانت بمشكلة التصنيع فمن سيطرة القطاع العام إلى عدم مناسبة الآليات ومشكلات النقل والتسويق وغيره...

 

زراعة محدودة                                                                             

في البداية يشير عطية الهندي (مدير التخطيط والإحصاء في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي) إلى أن سورية تنتج حوالي 60% من حاجتها من الزيوت حيث من الصعوبة تأمين الاحتياجات الكاملة على نحو محلي، موضحاً أن سورية تفكر بالأمن الغذائي الذي يختلف في مفهومه العام عن الاكتفاء الذاتي حيث من الصعب أن ننتج كل احتياجاتنا لذلك علينا التركيز على المنتجات التي تحقق ميزة نسبية والاستفادة من تصديرها لتأمين المنتجات التي لا نستطيع إنتاجها محلياً على النحو الكامل، مضيفاً أن هناك عدداً من المحاصيل الأساسية التي تنتج البذور الزيتية (القطن – الذرة الصفراء – فول الصويا – عباد الشمس - السمسم) وهي محاصيل صيفية ومساحتها محدودة جداً، لأنه بشكل عام المساحة المروية في سورية تبلغ 1.3 مليون هكتار يزرع منها 900 ألف هكتار قمح وما تبقى لجميع المحاصيل الصيفية والشتوية وتالياً المساحة المخصصة للمحاصيل الزيتية قليلة ولاسيما أنها تستهلك كمية كبيرة من المياه، ونتيجة محدودية مواردنا المائية والتي لا يمكن زيادتها فإنه لا يمكن إنتاج كميات أكبر من المحاصيل الزيتية، أما الدكتور زياد صباغ (مدير عام مؤسسة الزيوت) يوضح أن وضع زراعة البذور الزيتية الحالي ضعيف جداً ولم توله الدولة اهتماماً كافياً على الرغم من أنها من الزراعات المجدية اقتصادياً ولاسيما أن دورتها الزراعية مفيدة للأرض ومن خلالها يمكن تحقيق اقتصاد صناعي لأن تصنيع الزيوت صناعة وطنية بامتياز.

ومن خلال بيانات المكتب المركزي للإحصاء في دمشق يبين الجدول التالي تفاصيل زراعة عدد من المحاصيل الزيتية التي تزرع في سورية من حيث المساحة والإنتاج والغلة لعام 2010:

« الجدول1».بين الإنتاج المحلي والاستيراد

وفي التفاصيل عن وضع زراعة كل محصول من هذه المحاصيل وإنتاج نوعها الزيتي يوضح ناهي شيباني (خبير زراعي) عن محصول عباد الشمس: أن مساحة زراعته قليلة وتالياً كميات إنتاجه محدودة ويعود السبب إلى ابتعاد الفلاحين عن زراعته كونه محصولاً غير اقتصادي بالنسبة لهم، إلا أنه حالياً نتيجة ارتفاع أسعار الزيوت النباتية بشكل عام اتجهوا إلى زيادة إنتاجه لاسيما بوجود إمكانية لزراعته في عروة تكثيفية بعد جناية القمح، كما إن وزارة الزراعة تخطط لتخصيص مساحات جديدة لزراعة محصول عباد الشمس، أما زراعة الذرة الصفراء فالنسبة الأكبر من محصوله تستخدم كأعلاف وليس لاستخراج الزيت، إضافة إلى أن تكاليف زراعته مرتفعة، ويتم استيراد 200 ألف طن سنوياً من الذرة إلى جانب الإنتاج المحلي، بينما يزرع من محصول القطن حوالي 700 – 800 ألف طن سنوياً وهي كميات كافية نظراً لزراعتها في كل المساحات المخطط لها ولاسيما هذا العام بعد أن كان يزرع أقل من نصف المساحة المخصصة، كذلك محصول السمسم فلا يستخدم لإنتاج الزيت إلا بكميات محدودة على الرغم من إمكانية التوسع في زراعته ولاسيما أنه يزرع بعلاً.

وحسب قسم المعلومات التسويقية في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي يبين الجدول التالي الصادرات والواردات بالقيمة والكمية لأهم البذور الزيتية في عام 2010:« الجدول2».القطن في انخفاض

وعن الوضع الحالي لهذه الزراعة في سورية يشير محمد كشتو (رئيس اتحاد غرف الزراعة في سورية): إلى أن الخطة الزراعية الموجودة تراعي كل المحاصيل وهي مدروسة على نحو جيد وموزعة على كل الاحتياجات إلا أن زيادة الأراضي المزروعة تحتاج إلى جهود كبيرة، رافضاً التفكير بزيادة المساحة المخصصة للبذور الزيتية على حساب محاصيل أكثر أهمية، على عكس الخبير الزراعي شيباني الذي يتوقع أن تتوجه وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي لتطوير زراعة البذور الزيتية في السنوات القادمة والتوسع في زراعتها لاسيما مع عمل الوزارة على تأمين الأسمدة وكل المستلزمات الزراعية لتلك المحاصيل، وهذا ما أكده أيضاً الخبير د. بهاء الرهبان من خلال الإشارة إلى عمل الوزارة على إنتاج أصناف جديدة لبذور زيتية جيدة المردود ولا تحتاج إلى الكثير من المياه وتوزيعها على الفلاحين بأسعار مقبولة.

من جانبه أكد الهندي على اهتمام الوزارة بالبذور الزيتية على نحو عام حيث بدأت في السنوات الأخيرة بتخفيض تدريجي للمساحة المخصصة لزراعة القطن نظراً لكميات المياه الكبيرة التي يحتاجها هذا المحصول والاستعاضة عنها بمحاصيل زيتية أخرى، مع العلم أن 190 ألف هكتار هي المساحة المخطط لها لزراعة القطن وتنتج حوالي 650 – 700 ألف طن من القطن 65% منها بذور لاستخراج زيت القطن.

  قلة مياه الري

وعن المشكلات الأساسية التي تعاني منها زراعة المحاصيل الزيتية في سورية والتي تحد من إنتاجها بشكل عام يقول الخبير د. الرهبان: إن عدم توافر مياه للسقاية في أماكن الزراعة هي المشكلة الأساسية لأغلب تلك المحاصيل ولاسيما الصيفية منها (القطن والذرة الصفراء) إلى جانب تكاليف النقل والتسويق التي تشكل عبئاً على الفلاحين ولاسيما في ظل عدم وجود معامل لصناعة الزيوت في المحافظات التي تزرع فيها، أما المحاصيل الشتوية (السمسم وفول الصويا) فمساحات زراعتها قليلة وتالياً لا تحقق الجدوى الاقتصادية منها، أما د. صباغ فيجد أن المشكلة هي الاعتماد الكامل على زراعة القطن بينما بقية المحاصيل (فول الصويا وعباد الشمس والذرة الصفراء) لا تزرع بالكميات الصناعية، فيلجأ الصناعيون لاستيراد الزيوت الخام منها وإعادة تكريرها نظراً لارتفاع الضرائب على تصدير البذور في بلد المنشأ سعياً للاستفادة من بقايا البذور بعد عصرها كمادة علفية، وهذا ما أكده أيضاً عطية الهندي فالمساحات المخصصة لزراعة البذور الزيتية قليلة جداً والسبب حاجتها إلى كميات كبيرة من المياه وتالياً لا يوجد جدوى اقتصادية من تلك الزراعات المحدودة المساحة، فتلجأ الدولة لاستيراد معظم البذور الزيتية وتصنيعها في معاملنا المحلية لإنتاج الزيت والكسبة أو استيرادها كزيوت خام وإعادة تكريرها.55% من مساحة سورية بالية

وفي الإشارة إلى الحلول المقترحة من أصحاب العلاقة يقول محمد كشتو: إن تطوير هذه الزراعة تحتاج إلى دراسة من وزارتي الري والزراعة من خلال الاعتماد على الزراعة التكثيفية وتحسين الأصناف إلى أنواع تحتاج إلى كميات أقل من المياه، إضافة إلى الاتجاه إلى زيادة استهلاك زيت الزيتون بدلاً من الزيوت الأخرى من خلال برنامج توعية للمستهلك وهذا ما يقوم به الاتحاد حالياً، إلا أنه يحتاج إلى جهود من كل الجهات المعنية، وعلى نحو عام يجب التركيز على المحاصيل المتاحة على حساب ما يتم استيراده، أما الحل الذي يراه الخبير د. الرهبان: هو إقامة مشروعات ري موفرة للمياه إلى جانب تسهيل النقل والتسويق بإقامة مصانع في أماكن الزراعة، إلا أن الهندي لا يعدّ إقامة مشروعات ري هي الحل معبراً أن المشكلة بعدم وجود مياه أصلاً، حيث إن سورية دولة شبه جافة وفيها 55 % من مساحتها بالية أي ما يعادل 10.2 ملايين هكتار من مساحة إجمالية تبلغ 18.5 مليون هكتار، إضافة إلى وجود أراض غير قابلة للزراعة ومبان ومنشآت وطرقات وغيرها، وتالياً المساحة القابلة للاستثمار الزراعي في سورية تبلغ 5 ملايين هكتار منها 1.3 مليون هكتار للزراعة المروية والبقية بعلية.

التشاركية في التصنيع

وبالنسبة لموضوع تصنيع الزيوت يشير د. صباغ إلى أن مؤسسات القطاع العام تغطي 35 – 45% من احتياجات سورية من الزيوت من خلال منشآته الثلاث المخصصة لاستخراج زيت القطن فقط والتي أقيمت في كل من (حلب وحمص وحماه) في ستينيات القرن الماضي مع تعديل على آلياتها، أما منشآت القطاع الخاص التي تستورد 50% من حاجتنا من البذور الزيتية أو الزيوت الخام يتم تصنيعها في 30 منشأة مجهزة بكل آليات العصر والتكرير لمختلف الأنواع الزيتية، مع وجود دراسة حالية لمعرفة الجدوى من إمكانية عصر غير بذور القطن في منشآت القطاع العام، أما لقمان دروبي (المدير المالي في إحدى شركات القطاع الخاص المصنعة للزيوت في محافظة حمص) يشير إلى أن الدولة تعطيهم حوالي 4500 – 5000 طن من بذور القطن سنوياً ويستخلص منها 13% زيت وتكمن المشكلة بأن الجهات الحكومية خفضت كمية بذور القطن التي تعطيها لكل منشأة قطاع خاص من 60000 طن سنوياً إلى 5000 طن، حيث إن معامل القطاع العام – التي يبلغ عددها 3 أو 4 منشآت - تأخذ 60% من بذور هذا المحصول بينما يحصل القطاع الخاص – الذي تبلغ عدد منشآته أكثر من 20 معملاً – نسبة 40% من كمية البذور، أما عن محصول عباد الشمس فيقول دروبي: إن المعمل ينتج 10 – 12 ألف طن سنوياً حيث يتم استيراده كزيت خام ويكرر ويعبئ والسبب في عدم استخراجه من البذور محلياً عدم وجود كميات كافية من المحصول المزروع في سورية تستحق تخصيص آليات لذلك، إضافة إلى مشكلة استيراد البذور والضرائب المرتفعة من بلد المنشأ، إضافة إلى أن وزارة الصناعة لا تعامل القطاع الخاص كجهة منافسة للقطاع العام مهمته حمل جزء كبير من مسؤولية هذا الإنتاج الوطني وإنما تحاول التضييق عليه وسحب الخيط إلى طرف القطاع العام، إلى جانب مشكلات الاستيراد الأخيرة بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضت على سورية بعد الأزمة، كما إن الآليات المخصصة لتكرير الزيوت تحتاج إلى تطوير وتعديل لتكون قادرة على عصر وتكرير عدد أكبر من أنواع الزيوت، بينما يشير كشتو إلى عدم وجود مشكلة في تصنيع الزيوت ولاسيما من ناحية الجودة ويتم تعويض نقص التصنيع المحلي بالاستيراد لتغطية المطلوب.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.