تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العالم يتغير.. اكتشفنا البارود

   جون بايدن، هو نائب الرئيس الامريكي باراك أوباما، والمعلومة السالفة ليست اكتشافا للبارود، فالمناصب الرسمية ليست سرية، كما الاغتيالات مثلا، أو المؤامرات كبيرها وصغيرها.

جون بايدن هذا، يستشهد في لقاء صحفي بشاعر ايرلندي، بالتاكيد نسي اسمه، ولم يسعنا اسعاف النائب واستحضار اسم الشاعر، ولكن الايرلندي يقول في مقطع من قصيدة: "عالمنا قد تغير بشكل كامل. علينا ان نتغير نحن كذلك".
عالمنا قد تغير ، وهذا صحيح جدا، وبكل المقاييس.. ومتغيران اساسيان طالا عالمنا هذا منذ اواخر القرن الفائت، وصولا الى نهاية العقد الاول من القرن الحالي، والمتغيران هما:
أولا، انهارت منظومة الدول الاشتراكية، ومع انهيارها انهارت منظومة من القيم، في فهم السياسة والتاريخ، وكي لانسترسل نختزل ونقول، أن هذا الانهيار طال سباق التسلح لحساب سباق الرغيف.
وثانيهما: البيروسترويكا الامريكية وقادها باراك أوباما، بصعوده المدوي الى كرسي الرئيس في بلاد، ذهبت بعيدا في استعباد السود، ومن بعدها في استعباد البشرية، ولاحقا في سلسلة من الاعتذارات المتوالية، وهي الطبيعة الامريكية التي سمحت للامريكان بخوض التجربة ومن ثم الاعتذار، ولابد أن الاعتذارات بدأت مع القنبلة الذرية ومشروع مانهاتن، وجاء اعتذارها بعد هيروشيما، واسترسلت كما العادة الامريكية مابعد حرب فيتنام، وصولا للاعتذارات المضمرة المتصلة بحرب العراق.
العرب وحدهم، لايدركون المتغير، وربما لايقرأونه، وهم كذلك (لفضيلة) العناد التاريخي، وكل من موقعه في العناد:
معاندون يعتبرون أن كل أوراق الحل باليد الامريكية وبالتالي عليهم استرضاء امريكا بالارتهان.
ومعاندون يعتقدون بديمومة الاشتباك، ويجاهرون برفض المستجد، حتى ولو كان المستجد هو الخيار الممكن من بين اختيارات المستحيل، ومازالوا ينشدون: خلوا السلاح صاحي.
مابينهما تغرق الواقعية السياسية، وتغرق معها الحلول، وتهدر لاحقا، الأوقات، والاقتصاديات، وعوامل النمو على اختلافها، ولابد أننا هنا نحكي عن السلام العربي – الاسرائيلي، واحواله، وقد مر بذاكرة عاجزة وكاسدة، فالسابق منها لم تنجز سلاما، والجاري منها، معاق بفعل عامل أساس، هو دون شك على صلة بذهنية معاكسة لذهنية الاعتقاد بأن الرجل لايمكنه الاستحمام بمياه النهر مرتين.
باراك اوباما، رجل يحمل مشروعه، وبالتأكيد لابد من استيعاب طبيعة المشروع، فحين ذهب روزفلت الى خيار حافة الهاوية، أخذ الولايات المتحدة معه الى الحرب العالمية الثانية، وحين انجرف جورج بوش الاب الى عقيدة خطوط الاهتزاز أخذ معه ومن بعده ابنه وحامل اسمه الى العراق، وحين نبحث في تاريخ الولايات المتحدة فلابد وأن نشكك بالمقولة التي باتت بديهية والتي تقول بأن الرئيس الامريكي برغي في الآلة، وليس الالة نفسها، ففي واقع الحال فان الرئيس الامريكي هو آلة ضخمة بوسعها جرف آلات، وهذا مايجعلنا، مرغمين على قراءة اوباما مجددا، خصوصا وأنه الاستثناء في الاستثناءات الامريكية (وهي كثيرة).
باراك أوباما، صاحب مشروع سلام في الشرق الاوسط، وصاحب مشروع انسحاب القوات الامريكية من العراق، وصاحب مشروع اطفاء الحرائق لا اضرامها، ولهذا فهو على صدام حقيقي مع اللوبي اليهودي في واشنطن، كما أنه من اكثر الرؤوساء الامريكيين كراهية لبنيامين نتنياهو، وحارس خارجيته أفيغدور ليبرمان، وكراهيته ربما انتقلت الى زوجته ميتشيل التي طالما راعها عبث أطفال نتنياهو بوسادات منزلها.. الرجل يرسل مبعوثيه الى المنطقة، مرة هيلاري وثانية هوف، ودائما جورج ميتشيل، ويدفع بالمفاوضات، والكثير من المعلومات تفيد بأن رجب الطيب أردوغان لابد وانه قريب من همسات الرئيس الامريكي، ولابد ان أمام المنطقة فرصة قد لاتتكرر، لتسوية شاملة وعادلة وعلى كل المسارات، من الطبيعي التقاطها، وفقا لمعطيات البارز منها:
-افلات الرئيس الامريكي من قبضة اللوبي اليهودي الامريكي، بدءا من حاخامات المال والاختلاسات، وصولا لمواقفه الراديكالية جدا من موضوع المستوطنات.
-توجهاته نحو الحوار مع العالم الاسلامي، وتفكيك ماتراكم بدءا بصاموئيل هنتنغتون المتعلق بصراع الحضارات.
-اعتقاده المؤكد بأن الولايات المتحدة الامريكية غرقت في حروب الخارج، وليس ماحدث في أسواق مالها الا نتيجة لسياسات سابقيه الحمقاء.
-قبوله (غير المشروط)، بالعالم متعدد الاقطاب بعد أن استقر على القطب الواحد، في متاهة ثبت أنها اوهام، ويتجلى هذا في انفتاحه على الحوار الاوروبي، مرة مع الالمان وثانية مع الفرنسيين وبالتأكيد مع الروس.
وأخيرا مواقفه من سوريا، وان كانت مواقف أقل راديكالية ولكنها تنبؤ بتطبيع العلاقة مع بلاد اعتبرها سابقوه بلادا مارقة، وكالوا لها كل المؤامرات.
 
كلها أسباب تستدعي اعادة قراءة اللوحة، وربما تستدعي قراءة المتغير، لا لقراءته وانما لنتغير بما يستوجبه التغيير.
سوريا لابد وانها التقطت المتغير، ولابد أن تعرف كيف ستعزف عليه، وهذا جوهر نجاح السياسة السورية.. جوهر أن تبقى سوريا بخير
                                                                                                                                                                بقلم نبيل الملحم

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.