تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

خطة سلام أوباما تفتقر إلى الضمان الصحي

في الوقت الذي يبدو فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما كمن يمارس ضغوطاً كبيرة على إسرائيل للحصول منها على موافقة بوقف الاستيطان، بما يسمح له بإطلاق خطته المرتقبة للسلام في الشرق الأوسط خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في الأسبوع الأخير من هذا الشهر، تشير الوقائع إلى أن ما يحدث هو العكس تماماً. إذ يتعرض الرئيس أوباما إلى ضغط إسرائيلي شديد وعلى جبهتين لتعديل موقفه من موضوع الاستيطان وعملية السلام عموما.

فمن جهة، تسعى إسرائيل إلى رفع منسوب التوتر في المنطقة من خلال المناورات المستمرة التي تجريها بشكل متواصل منذ أشهر وعبر إطلاق التهديدات ضد لبنان تارة وإيران تارة أخرى. من جهة ثانية، يعزف اللوبي اليهودي في واشنطن منذ فترة على الإيقاع نفسه وذلك عبر محاولة عكس الضغوط التي تمارسها إدارة أوباما على إسرائيل لوقف نشاطها الاستيطاني. فقد قدم 71 سيناتورا رسالة إلى أوباما، وقعها كل من رئيس الأغلبية الديمقراطي في مجلس الشيوخ هاري ريد ورئيس الأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل، تطالبه بالضغط على الدول العربية للقيام بخطوات تطبيعية مع إسرائيل قبل الخوض في موضوع وقف الاستيطان. وجاء في نص الرسالة أن مجلس الشيوخ يريد معرفة «الخطوات التي تريد أن تتخذها الدول العربية وما توقعات «أوباما» منها خلال الأسابيع والأشهر المقبلة». وتطالب الرسالة البيت الأبيض بالضغط على العرب لاتخاذ خطوات مثل «إنهاء المقاطعة لإسرائيل واللقاء بشكل علني مع مسؤوليها وإقامة علاقات تجارة علنية معها وإصدار تأشيرات دخول لمواطنيها ودعوتهم للمشاركة في المؤتمرات الأكاديمية والمهنية والمناسبات الرياضية». وتضيف الرسالة: «نؤمن أيضاً أن على الدول العربية أن توقف الحملات الدعائية ضد إسرائيل وذلك بشكل فوري ودائم».
في ظروف عادية ما كان لمثل هذه الرسالة أن تحظى بأي اهتمام أو تأثير، إذ إن صنع السياسة الخارجية هو من مسؤولية السلطة التنفيذية ممثلة بالإدارة الأميركية، التي باستطاعتها تجاهل موقف الكونغرس من أي قضية خارجية، لكن الواقع أن الرئيس أوباما الذي يلقي خطابا اليوم «الإثنين» وصفه البيت الأبيض أنه غاية في الأهمية عن الوضع الاقتصادي في البلاد يحتاج إلى كل دعم داخلي ممكن لتنفيذ برنامجه المرتبط وخاصة بموضوع الضمان الصحي.
منذ توليه الرئاسة مطلع هذا العام، وضع الرئيس أوباما قضية الضمان الصحي على رأس سلم أولوياته، معتبرا إصلاح هذا النظام مقياسا لنجاح أو إخفاق سياساته الداخلية. فرغم أن حجم سوق الضمان الصحي في أميركا يصل إلى ما يقرب من 2.2 تريليون دولار إلا أن 28% فقط من الأميركيين يستفيدون منه. وحسب إحصاءات رسمية فان نحو 47 مليون أميركي لا يتمتعون بأي نوع من أنواع الضمان الصحي الذي يشكل 16% من إجمالي الناتج القومي البالغ 14 تريليون دولار.
الرئيس أوباما وعد بتغيير هذه الصورة بشكل كامل خلال ولايته وهو يدرك أن إخفاقه في تحقيق هذا الهدف سوف يحرمه بالتأكيد من ولاية رئاسية ثانية يطمح إليها. وإذا عرفنا أن أوباما بدأ يفقد جزءاً مهماً من الشعبية التي تمتع بها عند مجيئه إلى السلطة، يمكن فهم مدى الحساسية التي يشكلها هذا الموضوع لديه. ووفق استطلاعات أعلنت الأسبوع الماضي انخفاض نسبة التأييد الشعبي لسياسات أوباما إلى 40% أي إلى الخط الذي يخشاه معظم الرؤساء في أميركا.
من هذا المنطلق سوف يكون الرئيس أوباما بحاجة إلى دعم الكونغرس لتمرير إصلاحاته الصحية، ومن هذا المنطلق أيضاً سوف يكون للرسالة التي بعث بها سيناتورات مجلس الشيوخ حول الصراع العربي الإسرائيلي تأثير مهم في نظام يقوم في الأساس على مبدأ المقايضات. لهذه الأسباب وغيرها تصبح خطة أوباما السلام المنشود في المنطقة رهينة حسابات داخلية لها أولوية على كل ما عداها من قضايا.
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.