تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سلطان باشا الأطرش 1891 - 1982

في لفتة كريمة رفيعة المضمون والمعنى والأبعاد وجه الرئيس بشار الاسد بنقل (رفاة) المرحوم سلطان باشا الأطرش يوم 16-10-2009 إلى النصب التذكاري لتخليد ذكراه وذكرى رفاقه من شهداء الثورة السورية الكبرى 1925-1927 في بلدته القريّا، وهو النصب الذي يعد أحد شواهد وتجليات الوحدة الوطنية العميقة والمتجذرة في بلادنا.

ولد سلطان باشا الأطرش في القريّا وهي قرية في محافظة السويداء منطقة صلخد عام 1891، والده هو الشهيد ذوقان بن مصطفى بن إسماعيل والذي أعدم شنقاً في 5-3-1911، والدته هي شيخة الأطرش، وسلطان هو أكبر إخوته علي ومصطفى (استشهد خلال الثورة السورية الكبرى في معركة الكفر 1925) وزيد وسمّية ونعايم.
تزوج سلطان باشا من تركية ابنة الشيخ إبراهيم أبو فخر من بلدة نجران ورزق منها بثلاث ذكور منصور وناصر وطلال و7 بنات.
شارك سلطان باشا في التحضير للثورة العربية الكبرى، فكان أول من رفع العلم العربي في سورية على قلعة صلخد، وكان على رأس فرقة من طليعة الجيش العربي بقيادة التي دخلت لتحرر دمشق عام 1918.
في آب 1925 أشعل سلطان باشا نيران الثورة السورية الكبرى حين هاجم مقر الحاكم العسكري الفرنسي في صلخد، وانتشرت الثورة لتشمل كامل المناطق السورية وأقضية حاصبيا وراشيا ووادي التيم في لبنان، واختير سلطان باشا بالإجماع قائداً عاماً للثورة ووجه ندائه الشهير للثورة: «إلى السلاح، إلى السلاح يا أحفاد العرب الأمجاد.. لقد نهب المستعمرون أموالنا، واستأثروا بمنافع بلادنا، وأقاموا الحواجز الضارة بين وطننا الواحد، وقسمونا إلى شعوب وطوائف ودويلات، وحالوا بيننا وبين حرية الدين والفكر والضمير»، وكان من أبرز شعارات الثورة السورية «الدين لله والوطن للجميع».
وقاد سلطان باشا العديد من المعارك ضد الفرنسيين كان من أبرزها: معركة الكفر ومعركة المزرعة، ومعركة صلخد، والمسيفرة، والسويداء، وبعد انتهاء الثورة عام 1927 التجأ سلطان باشا والثوار إلى وادي الأزرق في شرقي الأردن وبعد أن اضطرتهم السلطات البريطانية إلى المغادرة التجأوا إلى وادي السرحان في المملكة العربية السعودية حيث ظلوا هناك أحراراً يقاسون شظف العيش عشرة أعوام حتى عادوا إلى سوريا في 18-5-1937 بعد توقيع المعاهدة السورية الفرنسية عام 1936 حيث استقبل سلطان باشا استقبالاً شعبياً كبيراً.
***
تبقى محفورة في ذاكرتي من بدء تشكل الوعي تفاخرنا ونحن تلاميذ في المدرسة الابتدائية أيام عيد الجلاء بالصورة التي تتصدر جدار بيتنا العتيق البسيط في وسط سوق مدينة الحسكة لسلطان باشا الأطرش ووالدي رحمهما الله.
كما أذكر الطبيب فارس الأطرش وخالتنا الطيبة أم جمال الأطرش وزوجها تركي العبد الله وهي تداوينا من نزلات البرد بالأعشاب وزيت الزيتون في شتاءات الحسكة القاسية الجافة والقارصة، كما أذكر صورة لوالدتي والست بهية ابنة الأمير حسن الأطرش زوجة الضابط المعروف والنائب المرحوم محمد ابن الشهيد مصطفى الأطرش.
كما أستذكر قصائد الوطنية والحماسة للأمير اللواء زيد أبو غالب الأطرش التي كان يتلوها علينا ففي مضافته بالقريا، وأشعار الوجدانيات والمفاخرة للمجاهد صياح الأطرش والد الصديق الطبيب الشاعر عبدي الأطرش.
وأذكر استلامنا في أواسط السبعينيات من القرن الماضي برقية من عربي بن يحيى الأطرش وهو ينعي لوالدي وفاة جده الأمير حسن والحزن والأسف الذي لحق بوالدي على وفاته، ومشاركتي وأنا عضو شاب في مجلس الشعب (البرلمان السوري) في شتاء عام 1982 وسفري إلى السويداء بمعية ورعاية أعمامي الشيخ «عبود جدعان الهفل» و«ريس الفرحان الفياض» والمستشار علي القدسي للمشاركة في تشييع سلطان باشا، حيث كانت هناك حشود من مختلف المحافظات السورية والمناطق اللبنانية والجولان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد نعاه رسمياً الرئيس الراحل حافظ الأسد وقام بالتعزية وتقبل التعازي بوفاة القائد العام للثورة السورية الكبرى.
واليوم بعد نقل رفاة شيخ المجاهدين السوريين وسط احتفال مهيب ومشاركة رسمية وشعبية كبيرة نتذكر المرحوم الأستاذ منصور سلطان باشا الأطرش الذي كانت تربطه معنا وخاصة شقيقي المحامي مروان علاقة صداقة ومودة واحترام متبادل.
وفي هذا الوقت المفعم بالاستذكار والتذكر واسترجاع المآثر والقيم اتقدم من الأخ المهندس ثائر والزميلة د. ريم ووالدتهم السيدة الفاضلة هند الشويري ابنة العائلة الدمشقية الوطنية ومن عموم أسرة سلطان باشا والأقرباء والأهل والاصدقاء بخالص العزاء مجدداً.

مازن يوسف صباغ

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.