مصدر الصورة
sns
محطة أخبار سورية
عندما تساءل العزيز مازن نفاع خلال زيارتنا الاولى معا الى تونس انه يستغرب كم ان التونسيين يغرقون خلال حديثهم باستعمال الكلمات الفرنسية وان معرفته بالفرنسية تساعده اغلب الاحيان على فهم ما يقولونه قلت له لا اوافقك الرأي يا صديقي صحيح أن الاشقاء التوانسة يستخدمون كلمات فرنسية كثيرة في كلامهم نتيجة سنوات الاستعمار الطويلة وان لهجتهم السريعة تجعلهم يختصرون بعض الحروف في الكلام مما يجعلنا نحن المشرقيين لا نفهم بعض كلامهم الا انهم يُغرقون في استعمال كلمات عربية اصيلة ابتعدنا عن استعمالها نحن في المشرق .....
نظر الي مازن مستغربا وقال انظر بالله عليك... انظر الى محل الفروج المشوي لقد أسموه "دجاج مصلي " فأين العربية في هذا الكلام؟؟؟؟؟ قلت له على العكس فهذا الكلام اغراق في العربية ...أوليس القرآن الكريم هو مرجعنا عربا ومسلمين في اللغة العربية ؟؟ لو قرأت القرآن من أوله لأخره لوجدت فيه : سنصليهم سعيرا ..وسيصلون في نار جهنم.. وسيصلي الكافرين..... ولن تجد في القرآن كله أن عقوبة المشركين والكافرين ومن لف لفهم الشوي في نار جهنم بل الصلي وبذلك فان دجاج مصلي هي الكلمة الاقرب للعربية الصحيحة ....
ورغم سفري الى كثير من البلدان العربية فاني أقولها بصدق بانني ولولا اللهجة التونسية ما وجدت نفسي في بلد عربي كما أجد نفسي في تونس بل أنني أزعم أنهم الأقرب الينا نحن السوريين في طريقة معاشهم وتفاصيل كثيرة في حياتهم ......بل ان سحناتهم وتقاطيع وجوههم قد تكون هي الاقرب الى سحنات السوريين ....وأقول مزاحا ان التونسيين هم احفادنا نحن السوريين الفينيقيين ...نعم اذ أن اليسار ملكة قرطاج والتي يطلقون عليها في تونس اسم "عليسا " جاءت اليهم من سواحل الدولة الفينيقية وانشأت دولتها على أرض بمساحة جلد ثور كما تقول الحكاية وحفيدها هنيبعل والذي يسمونه "حنابعل" في تونس استطاع الوصول الى روما بجيشه وافياله وبسببه ولان قرطاج نافست روما على زعامة العالم القديم حقدت روما عليها وحشدت قواها ودمرتها واستباحتها ولم تترك منها الا اطلالا تشهد على عظمة قرطاج وما وصلت اليه من رقي وحضارة ..وهذا ما فعلته روما كذلك مع تدمر وملكتها السورية زنوبيا حيث دمرت تدمر وحرقتها وسعت الى محو كل أثر يدل على عظمة زنوبيا فيها ....
وعودة الى تونس الخضراء والتي تشبه سورية كثيرا في طبيعتها اذ ما أشبه سواحلها في المرسى والمنستير والحمامات وغار الملح ...وغيرها من مدن تونس الساحلية الجميلة بطرطوس واللاذقية وجبلة وبانياس وما أشبه جنوبها المتاخم للصحراء بدرعا وحمص وغيرها من مدن سورية ...اما الزيتون والحمضيات فهما القاسم المشترك للاخضرار في كلا البلدين ...
وتونس لمن لايعرفها بلد استطاع بجهود ابنائه واخلاصهم لوطنهم الوصول الى مستوى متقدم في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة ورغم افتقارهم الى الثروات المعدنية كالنفط او الغاز فان تونس قد حققت نموا اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا يشهد لها بين كثير من دول العالم والوطن العربي ...
أما العروبة والاصالة العربية فهي في تونس تسري في دم ابنائها وتحفظ لهم انتماءهم عبر عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم ... ولايستغرب احد ذلك فكما قلنا بداية موضوعنا فان جزءا كبيرا من كلام التوانسة عربي فصيح بل مغرق في الفصاحة ولا يحتاج الا الى بحث في أصل الكلمة لنكتشف مدى فصاحتها وهذه أمثلة على ذلك .....
يستخدم التونسيون كلمة حوت عند حديثهم عن السمك وهي كلمة أخذوها من القرآن الكريم ألم يقل تعالى في محكم تنزيله في سورة الكهف: ونسيا حوتهما ؟ اذن الحوت اقرب الى الفصحى من السمك ...
ويقولون في تونس نزل اللوطة اي الى تحت واصلها الوطء اي الاسفل ...
ويقولون اربعة أو عشرة برك أي فقط وأصل برك من البركة ..ومازال كبار السن في سورية يقولون عندما تقدم لهم شيئا أو تصب لهم ماءا : بركة ..بركة اي كفى اي فقط .....
ويقولون عن مرآب السيارات مآوى وهي بالتأكيد اكثر فصاحة من كلمة مرآب ...... وغير هذا كثير كثير .
وأختم بما قاله السيد رئيس تحرير صحيفة "لابرس" التونسية الذي حدثنا كيف ان الفرنسية بدأت تفقد دورها لغة اساسية في حياة ابناء تونس لصالح اللغة العربية فهو قال انهم أعلنو في الصحيفة عن مسابقة لقبول محررين باللغتين العربية والفرنسية وكان المطلوب للتعيين محرران بالعربية تقدم للمنافسة عليهما 150 خريجا وخريجة وثمانية محررين باللغة الفرنسية تقدم للمنافسة عليهم 50 خريجا وخريجا وهذا دليل دامغ على ان العربية عادت لتأخذ موقعها في حياة التوانسة وتكون لغتهم بلهجة هي الاجمل لمن استطاع ان يلتقطها بسرعة كما ينطقونها ....
وما زلت أصر ان أحفاد اليسار هم أهل أصالة وعروبة قويتين ....
