تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

وصفة سحرية لاغتيال السلام

لا نقصد بالوصفة السحرية ممارسات إسرائيل وسياساتها فحسب، بل المقصود هنا هو الأفكار العابرة للقارات التي يصدّرها لنا الأميركيون ويظنون أنها السبيل الوحيد لإحلال السلام.

نستبق عودة المبعوثالأميركي إلى الشرق الأوسط السيد جورج ميتشل إلى منطقتنا لنهمس في أذنه وآذان أركان الإدارة الأميركية بكلمة واحدة: السلام مستحيل في المدى المنظور ـ وربما البعيد ـإذا لم تغيّر الولايات المتحدة سياستها، وتعِد النظر في أفكارها المسبقة عن الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وفي السيناريو الذي وضعته لمعالجة هذا الصراع. ‏
بكل الوضوح نقول: إنالأفكار التي تصدّرها لنا إدارة الرئيس باراك أوباما عن رؤيتها للسلام «مصيبة كبرى» ولا يمكنها أن تحقق السلام المنشود. ‏
قد تستطيع هذه الإدارة خلال ولاية أوباما الأولى أو الثانية ـ إن جدد الأميركيون له ـ إنجاز ما يمكن وصفهبـ»صفقة تسوية« في المنطقة، لكننا نضمن لها فشلها في تحقيق السلام. ‏
لماذا هذا التشاؤم؟ وهل نضع العصي في عجلات إدارة أعلنت نيتها في إحياء عملية السلام؟ ‏
كنا نتمنى ألا نكون متشائمين، فنحن طلاب سلامٍ عادلٍ يعيد إلينا أرضنا وحقوقنا.. لكن إدارة الرئيس أوباما تدفعنا دفعاً إلى التشاؤم.. كيف؟ ولماذا؟! ‏
لنستمع إلى السيدة هيلاري كلينتون، وهي تتحدث عن الشرق الأوسط منذ أربعة أيام فقط. ‏
تقول وزيرة الخارجيةالأميركية: «منذ زمن قررنا أن إسرائيل قوية وآمنة وناجحة وهذا هو هدفنا المشترك،لكن أيضاً أساسي لمصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية»!. ‏
ماذا تعني هيلاري بكلمة «قررنا»؟ هل يعني ذلك أن إدارة أوباما وحدها هي التي قررت؟ أم هذه الإدارة مع إسرائيل؟ أم إسرائيل والولايات المتحدة ودول الغرب التي ساهمت في زرع إسرائيل وتشريد شعب وسرقة وطن؟! ‏
لنتجاهل هذا الأمر تجاوزاً،فالولايات المتحدة حرّة في اختيار حلفائها الاستراتيجيين و«المؤقتين»، وقضية «إسرائيل القوية» ليست كلمةً جديدةً في الخطاب السياسي الأميركي، ‏
لكننا نستغرب أن تنصّب الولايات المتحدة نفسها قاضياً في قضية الشرق الأوسط في الوقت الذي تعترف فيه علناًبأنها الحليفة الاستراتيجية لطرف من أطراف الصراع، بينما تناصب أطرافاً أخرى العداء، وفي مقدمة هذه الأطراف الشعب الفلسطيني، الصاحب الأول للقضية، أو على الأقلال شريحة الأوسع من هذا الشعب وفق نتائج صناديق الاقتراع الديمقراطي. ‏
أكثر من ذلك، فإن هيلاري تبنت واحداً من أهم أركان السياسة التوسعية الاستيطانية الصهيونية عندما قالت حرفياً ـ وأقتبس ـ : أنا أعلم التزامه (أي باراك أوباما) الصلب والثابت بأمن إسرائيل ومستقبلها، ومنذ يومنا الأول في الإدارة جعلنا السعي للسلام الشامل أولويةًلأننا مقتنعون بأن مستقبل إسرائيل البعيد هو الأمن كدولة يهودية.. انتهى الاقتباسلكن كلام هيلاري لم ينته. ‏
لن نمضي أكثر من ذلك في سردما قالته السيدة كلينتون عشية توجه جورج ميتشل إلى المنطقة، لكننا مضطرون إلىالإشارة إلى نقطة في خطابها تتعلق بالعرب، فهي طلبت من الدول العربية، بما يشبهالأمر، عدم التهديد بسحب مبادرة السلام العربية «كلما واجهت عملية السلام تراجعاً».
نضع كلام الوزيرة الأميركيةبرسم المراقبين والمحللين والسياسيين وعلماء اللغة العربية والإنكليزية ونرجوهمتفسير ما قالته، وكيف يترجم الكلام الأميركي إلى «مبادرات وخططٍ واستراتيجيات»؟! ‏
واسمحوا لنا أن نسهم بقسطنامن الترجمة، فعندما تعلن أكبر وأقوى دولة في العالم أن الهدف هو أمن إسرائيل، وتعدّأن هذه الـ«إسرائيل» هي «دولة يهودية» فإنها بذلك تلغي وجود شعب فلسطين، وتعطيإسرائيل الحق في طرد هذا الشعب من أرضها! وتسوّغ تالياً كل الممارسات الإسرائيليةخاصة التي جرت مؤخراً، كخطط طرد أكثر من سبعين ألف شخص من الضفة الغربية، وكذلكعمليات الاستيلاء على الأرض العربية وإقامة مستعمرات ـ ولا نقول المستوطنات ـعليها. ‏
إذا كان هناك من تفسير آخرفلتتحفنا به السيدة كلينتون كي لا نسيء الظن بها وبأفكارها وبرؤية إدارة الرئيسأوباما، وكي نشعر ببعض الاطمئنان بأن السلام ممكن أن يتحقق في الآتي من السنوات،وكي لا يهدد «بعض العرب» بسحب مبادرة السلام العربية! ‏
وإذا كان تفسيرنا هوالتفسير الصحيح فلنقل على الدنيا السلام، وعلى السلام السلام، وليجهز البعض الرايات البيضاء ويستعدوا للاستسلام! ‏
أليست هذه هي «الوصفةالسحرية» الأميركية لاغتيال السلام؟ ‏
ثم هل هناك أفكار أميركيةأخرى بعيداً عن «القواعد الثابتة» في السياسة الأميركية مثل «أمن إسرائيل» و«إسرائيل القوية» وغيرها من المقولات التي تقوم على تفوق إسرائيل على كل العربمجتمعين، وتمكينها من الاستمرار في العدوان والتوسع على حساب الأرض العربية؟ ‏
فعلاً هناك أفكار أخرى منخارج الإدارة الأميركية، وهي عبارة عن «مقترحات» لاغتيال السلام كذلك، ومنها ماطرحه مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق زبيغينو بريجنسكي في مقالة نشرتها إحدىالصحف العربية مؤخراً، وقد نعود إلى ما قاله بريجنسكي في «فضاءات» قادمة. ‏
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.