تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الصناعة تبيع بالإكراه

العمل وفق مبادئ اقتصاد السوق سواء الاجتماعي أو الحر يعني تحقيق مبدأ المنافسة بالجودة والسعر بما يضمن توفر سلع تلبي احتياجات المواطن..

 
لكن حينما تكون المساعي الرسمية في اتجاه التحول نحو تطبيق سياسات وأفكار جديدة مصحوبة بترويج كبير فإن جملة تساؤلات تطرح نفسها عندما نجد من يعمل على عودة الأمور إلى سنوات مضت.. ‏
 
قرار وزارة الاقتصاد بالموافقة على قرار وزارة الصناعة إلزام مستوردي الزجاج باستجرار 25% من مستورداتهم من معمل الزجاج في حلب يعني بصراحة ووضوح العودة إلى سياسات البيع بالإكراه التي كانت تنفذ في ثمانينات القرن الماضي وهذا حكما ينافي ويعارض كافة التوجهات الاقتصادية الجديدة نحو اقتصاد المنافسة والشراكة.. ‏
 
فإذا كانت وزارة الصناعة تريد سوقاً لمنتجاتها محلياً أو خارجياً فالمفروض أن تعمل على تحسين نوعية منتجها وتكون منافسة كالآخرين حتى يتراكض مستهلكو سلعها لشراء بضائعها أما إذا كانت غير قادرة على ذلك فهذا لا يعني إلزام الآخرين بمنتجاتها.. ‏
 
إذا كان الموضوع يتعلق بدعم بعض منشآت القطاع العام فيمكن للقطاع الخاص والمستوردين أن يتكفلوا برواتب وأجور العمال دون الحاجة لمثل هذه الإجراءات التي تشوه التوجهات الاقتصادية العامة فهذه النظريات لم يعد يتعامل معها حتى واضعوها.. ‏
 
المشكلة الأكبر في القرار أن المستهلك هو الخاسر من هذا الإجراء فالسوق المحلية تستهلك سنويا حوالي مليون طن من الزجاج وحسب القرار ينبغي على المستوردين استجرار ربع هذه الكمية من معمل حلب حصرا بعد توقف معمل دمشق ولأن المعمل لا يستطيع تلبية هذه الكميات فإن هذا يقتضي تسديد مبالغ مالية وتجميدها عند المعمل لقاء طلبيات مفروضة بالإكراه على المستوردين، وإذا علمنا أن إنتاج المعمل معظمه يكون غير جيد وجودته أقل من مواصفات المستورد إضافة إلى نسبة الكسر المرتفعة فإن هذا يعني خسارة حوالي 30 ليرة في المتر الواحد وبالنسبة لتجار دمشق يضاف عليهم أجور نقل حوالي 20 ليرة لتكون التكلفة الإضافية بحدود 50 ليرة وهذه حكما لن يدفعها المستورد أو المتعامل مع هذه المادة إنما سيتم تحويلها إلى المستهلك ليسدد فرق الفاتورة.. ‏
 
فهل تعلم وزارة الاقتصاد حامية المستهلك أنها تكبده أعباء إضافية بهذا القرار فقط لتبيض وجه وزارة الصناعة وبعض معاملها التي لم تعد تتحمل أعباء تشغيلها ووجودها ؟.. ‏
 
إذا كان لابد من دعم القطاع العام فليكن هذا الدعم موجهاً بين مؤسسات القطاع العام نفسها أي تسويق المنتجات وفق احتياجات هذه المؤسسات وبما يلبي متطلباتها بعيداً عن الجودة والسعر فالدولة تتحمل، أما المواطن فما هو ذنبه؟!.. ‏
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.