تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ما هي أهداف الصهاينة من الامر العسكري 1650

 

 

 

 

 

وسيلة ضغط للتنازل عن حق العودة مقابل

مئات الآلاف من جمع شمل من انتهت اقاماتهم

 

 

 

أثار الأمر العسكري المتجدد أو المجدد رقم 1650 ردود فعل قوية، واتهم الأمر بأنه جاء ليلبي حلم اسرائيل بتهجير أبناء شعبنا الفلسطيني، ولتفريغ الضفة الغربية، ولتعزيز الانقسام داخل الساحة الفلسطينية وتوجيه ضربة موجعة لحركة التضامن الدولية مع شعبنا الفلسطيني.

هذا الأمر العسكري ليس بالسهل أو القابل للهضم والاستيعاب. وفي هذا التحليل نلقي الأضواء على خلفية الأمر، وما يستهدفه وما تداعياته مستقبلاً، وكذلك محاولة معرفة أهم أهدافه.

 

قبل أربعين عاماً

في عام 1969 أصدر الحاكم العسكري للضفة الغربية أمراً عسكرياً يحمل الرقم 329 هدفه الاول والأخير منع التسلل من الأراضي العربية المحيطة باسرائيل الى داخل الضفة الغربية أو الاراضي العربية المحتلة، واعتبر كل متسلل من الاردن أو سورية أو لبنان أو مصر مخالفاً للقانون، وسيخضع لمحاكمة عسكرية، إذ أن المحاكم المدنية – بناءً على هذا الامر – لا تبت في هذه المواضيع "التسلل" التي تعتبر أمنية..

وكان الهدف من وراء هذا الامر منع تسلل المقاومين إلى الضفة أو الاراضي المحتلة (قطاع غزة أو جنوب لبنان أو الجولان) إذ أن هذه الاراضي شهدت مقاومة جيدة ضد الاحتلال.

وبعد تحقيق الصلح مع كل من مصر والاردن وتوقيع اتفاقيات اوسلو مع منظمة التحرير أصبح هذا الأمر العسكري في خبر كان... لكن الحاكم العسكري للضفة الغربية قام بتفعيله مجدداً يوم 13 تشرين الأول 2009، وصادق عليه القائد العسكري الاسرائيلي للمنطقة الوسطى وليصبح قابلاً للتنفيذ والتطبيق بعد ستة شهور، أي يوم 13 نيسان 2010. والتعديل جاء لينص على أن كل انسان يتواجد في مناطق الضفة الغربية من دون إذن رسمي يعتبر متسللاً وبالتالي قد يقدم لمحاكمة عسكرية أو يبعد الى خارج البلاد.

 

من يستهدف الأمر

هذا الأمر العسكري قد يكون مجرد قرار عادي ولكنه في الواقع خطير جداً إذ أنه يستهدف شرائح واسعة من المواطنين وهم:-

1.     مواطنو قطاع غزة الذين يقيمون حالياً في الضفة، بعضهم جاء بعد حزيران 1967 بإذن/تصريح خاص لفترة وانتهت فترته قبل سنوات، وبعضهم يقيم في الضفة منذ سنوات إذ يعيش فيها وهو متزوج وله أولاد وأحفاد.

2.     المواطنات "الغزيات" اللواتي تزوجن من شبان أبناء الضفة وتتواجدن مع عائلاتهن في الضفة أيضاً.

3.     الأطفال الذين ولدوا من آباء "من الضفة" في قطاع غزة وأمهاتهم من القطاع..

4.     أي مواطن فلسطيني يحمل بطاقة القدس العربية المحتلة الزرقاء ومتواجد في الضفة.

5.     أي مواطن فلسطيني يحمل البطاقة الاسرائيلية، ويعيش الآن في الضفة الغربية.

6.     أي زائر أجنبي/ متضامن يقيم في البلاد وانتهت مدة تأشيراته.

7.     الفلسطينيون الذين عادوا الى البلاد مع السلطة عبر تأشيرة مؤقتة، وانتهت صلاحيتها، وهم يقيمون في الضفة وبصورة غير قانونية، ويعتبرون "متسللين" حسب هذا الأمر، وهم ينتظرون الحصول على جمع شمل أو رقم وطني للاقامة الدائمة في البلاد وعدد هؤلاء بمئات الآلاف.

أي ان القرار يستهدف ما يقارب 50 ألف مواطن من ابناء القطاع، وآلاف المتضامنين الأجانب، ومئات الآلاف من الفلسطينيين الذين ينتظرون جمع شملهم!؟

ولا ننسى أن هذا الأمر يستهدف أيضاً الاسرائيليين الذين يتضامنون مع شعبنا الفلسطيني في مقاومته الشعبية والسلمية ضد الجدار في العديد من بلدات الضفة، وضد الاستيلاء على المنازل في منطقة الشيخ جراح بالقدس العربية، إذ أن هؤلاء قد يعتقلون ويقدمون لمحاكمة عسكرية إذا القي القبض عليهم وهم متواجدون في مناطق الضفة الغربية.

 

توقيت إصدار الامر

تم توقيع الامر العسكري في 13 تشرين الأول 2009، أي في الفترة التي كان يستعد فيها نتنياهو لاعلان التجميد المؤقت والجزئي للبناء في مستوطنات الضفة الغربية فقط، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن حكومة نتنياهو أرادت التأكيد للمستوطنين، ومن خلال هذا الأمر، أن تجميد البناء لا يعني التنازل عن الضفة الغربية، بل انه يعزز السيادة عليها. والغريب أن الامر العسكري تم توقيعه في تشرين الاول الماضي، ولكن لم يعرف أحد بهذا الامر مما يعني أن توقيت تنفيذه جاء أيضاً بعد انتهاء الأعياد اليهودية الدينية (عيد الفصح)، وجاء أيضاً في الفترة التي بدأ الحديث فيها عن محادثات "تقارب" أو غير مباشرة مع الفلسطينيين. أي أن الأمر العسكري ذاته جاء ليزيد من الضغط الممارس على السلطة الفلسطينية حتى ولو كانت في حالة تفاوض، وخاصة الضغط عليها من ناحية تهجير الفلسطينيين الذين عادوا الى البلاد مع السلطة ولم يحصلوا على تجديد أو تمديد لتأشيرة دخولهم، وينتظرون الحصول على جمع شمل أو رقم وطني، وهذا الأمر قد تستخدمه اسرائيل لتحقيق مكاسب أو استغلاله في شتى الامور.

 

تجميد الأمر مقابل التنازل عن حق العودة

الاستغلال لهذا الأمر يتم عبر البدء في ترحيل الفلسطينيين الذين جاؤا مع السلطة، ولم يحصلوا على الاقامة الدائمة، وقد استقروا في الوطن منذ عشرات السنوات، وقبل انطلاق الانتفاضة الثانية عام 2000، وبالتالي تكون السلطة في وضع صعب، وستسعى الى ايقاف ذلك بشتى الطرق لأن هذه القضية مهمة لها، وهي عبارة عن اختبار لمصداقيتها وخاصة انها شجعت هؤلاء على العودة، ومنحتهم الوعد بإصدار التأشيرات اللازمة للاقامة.

حكومة اسرائيل ستقرر استثناء هؤلاء الفلسطينيين من الامر بناءً على طلب السلطة مقابل التنازل عن حق العودة، ومقابل عدم التركيز على موضوع الاستيطان.. ووضعه شرطاً لاستئناف المفاوضات. وقد تقبل اسرائيل بأن يُمنح هؤلاء اقامة دائمة في الضفة بشرط ألا يُسمح للسلطة بإعادة مواطنين جدد الى الضفة إلا لغاية الزيارة فقط وليست الاقامة الدائمة إذ أن اسرائيل ترغب في تقليص عدد العرب الفلسطينيين داخل الضفة، وكذلك داخل حدود فلسطين التاريخية. الجانب الفلسطيني قد يرفض ذلك وبالتالي يدخل الصراع في متاهة جديدة من المتاهات التي أوجدتها اسرائيل لابعاد الفلسطينيين عن مطالبهم الاساسية والشرعية وهي انهاء الاحتلال، ومن ثم اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس العربية وعلى حدود حزيران 1967.

 

ضد المقاومة الشعبية

تم تجديد وتفعيل الأمر أيضاً لمواجهة المقاومة الشعبية السلمية التي يتحدث عنها الرئيس محمود عباس وعدد من القياديين الفلسطينيين. ولايقاف مسلسل الاحتجاجات الاسبوعية في العديد من المناطق في بلعين، أرطاس، بيت جالا.. ضد اقامة الجدار العازل، وفي منطقة الشيخ جراح بالقدس ضد الاستيلاء على منازل المواطنين العرب. وهذا يتم عبر منع المتضامنين الاجانب والاسرائيليين من دخول الضفة.. إذ أن اسرائيل ستبدأ بترحيل هؤلاء المتضامنين بحجة التواجد في منطقة من دون الحصول على تصريح رسمي وطبعاً بعد اعتقالهم واستجوابهم، وكذلك ستقدم كل ناشط يهودي اسرائيلي يشارك في هذه الاحتجاجات الى محكمة عسكرية لأنه تواجد في منطقة غير مسموح بها، ومن دون الحصول على اذن أو تصريح رسمي من القيادة العسكرية.

وهذا الوضع ينطبق كذلك على الناشطين العرب الفلسطينيين سواء من القدس أو من الداخل، وستقدمهم للمحاكمة العسكرية إذا تواجدوا في منطقة اعتبرت منطقة عسكرية مغلقة، وهذا ما تعلنه دائماً سلطات الاحتلال لمنع التظاهر أو التواجد في أي منطقة ساخنة.

 

تعزيز للسيادة وليس للتهجير

هذا الأمر لا يستهدف تهجير مواطني الضفة لأن لديهم بطاقة الاقامة الدائمة، بل سيهجّر ويرحل كل من يقيم فيها من دون تأشيرة رسمية. وهذا يعني أن الامر يستهدف أولاً وأخيراً تعزيز السيادة "الحقيقية" الحالية على مناطق الضفة جميعاً، وللقول للرأي العام العالمي، وكذلك للشعب الاسرائيلي، ان الضفة الغربية ما زالت تحت السيادة الاسرائيلية، وكل ما تفعله الآن هو ترتيب الأمور والأوراق حتى لا يتواجد عليها من هم "متسللون" أو "غرباء"، ليسوا داخل الحاسوب الاسرائيلي.. وترحيل المواطن الغزاوي إلى غزة يهدف أيضاً إلى ترتيب الامور الأمنية إذ أن الضفة شهدت حالة من الفوضى، وبعد أن هدأت هذه الانتفاضة تود اسرائيل تعزيز سيادتها، ومعرفة كل من يتواجد في الضفة، وخاصة أن المتضامنين الاجانب يدخلون إلى اسرائيل عبر المعابر الاسرائيلية، وعبر مطار بن غوريون بحجة السياحة والزيارة، ولكنهم يختفون في مناطق الضفة.. وقد تم تشديد الاجراءات في المعابر الاسرائيلية إذ أن أي أجنبي يشكون بأنه متضامن مع الفلسطينيين فإنه لن يسمح له بالدخول، ويعاد إلى وطنه على نفس الطائرة التي وصل بها الى المطار.. ونفس الشيء يتم على معبر جسر الشيخ حسين على نهر الأردن أو جسر الملك حسين، أو في معبر رفح أو في معبر طابا قرب ايلات... والهدف الاساس هو عدم السماح لهؤلاء المتضامنين بالوصول الى الضفة.

وهناك إجراء آخر يتم عبر المعابر إذ أنه تُعطى التأشيرة للسائح ولكنها لا تسمح له بزيارة الضفة، وفي حالة تواجده في الضفة يقدم للمحاكمة أو الابعاد!؟

من هنا يمكن القول أن هذا الأمر يهدف بالاساس الى تعزيز السيادة الامنية على الضفة الغربية، وحتى على مناطق السلطة، والتأكيد على هذه السيادة أمام الرأي العام الاسرائيلي وخاصة اليمين المتطرف منه وحتى يكون الدخول والخروج والاقامة في الضفة بإشراف محكم من قبل اسرائيل، أي أن لا وجود للسلطة الوطنية الفلسطينية في هذا المضمار، وأمر التواجد في الضفة هو شأن اسرائيلي.

وكذلك يمكن القول ان هذا الأمر لم يأت لتهجير أبناء الضفة الغربية، إذ أنه لا يمسهم لأنهم غير متسللين ومعهم بطاقة هوية رسمية، ولذلك التهويل بالتهجير ليس في مكانه، فالتهجير يمس من أتى الى الضفة واقامته تجاوزت المدة المسموحة للزيارة أو الاقامة.

وكذلك هناك هدف آخر ألا وهو معرفة من يقيم من أبناء القدس في الضفة حتى تتاح للسلطات الاسرائيلية الفرصة القانونية لسحب هويته بعد سبع سنوات من الاقامة خارج حدود القدس، أو إجبار هذا المواطن على العودة الى القدس علماً أن هذا الأمر يكون الى حد ما صعباً له إذا كان مركز عمله اليومي في الضفة.

 

المطلوب حالياً ومستقبلاً

المطلوب عدم الدخول في متاهات الأوامر العسكرية الصادرة حديثاً أو قديماً، فهي بالآلاف أولاً، لانه لو تابعها المسؤول الفلسطيني فإنه سيدخل في متاهة لا يستطيع الخروج منها، وبالتالي يبتعد عن الصراع الأساس ألا وهو انهاء الاحتلال، وليس الغاء أمر عسكري أو تجميد آخر، فإذا انتهى الاحتلال، ذهبت معه كل أوامره العسكرية.

أما المطلب الثاني فهو ضرورة توحيد الصف الفلسطيني حتى لا تُعطى اسرائيل الحجة والعذر لعدم القيام باستحقاقات السلام، وحتى نكون نحن أقوياء.

أما المطلب الأخير فهو علينا قراءة الأوامر العسكرية الصادرة جيداً، وتحليل ما جاء فيها، وعدم التسرع في الاستنتاج لأن ذلك يرهقنا ويربكنا ويدخلنا في متاهات تفرح اسرائيل في تحقيق بعض أهدافها وهي اقحامنا وادخالنا في هذه المتاهات لأنها تبعدنا عن المطالب الاساسية..

 

التوقعات: تجميد شكلي وتنفيذ عملي

نتيجة ردود الفعل العديدة ستقوم اسرائيل بالإدعاء أنها قررت تجميد العمل بهذا الأمر إلا في حالات معينة اضطرارية، وبالتالي ستهدأ ردود الفعل، ولكنها على أرض الواقع ستنفذ هذا القرار بحذافيره وبأسلوب هادىء، كما هي الآن تطبق قانوناً أقره الكنيست عام 1977 بخصوص إقامة المقدسيين في القدس، وفقدانهم لحق الإقامة إذا أقاموا لفترة سبع سنوات خارج حدود دولة اسرائيل.

هذا الأمر العسكري ستنفذه اسرائيل وبشكل واضح وشرس في حال إعلان السلطة الفلسطينية إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، عندها ستبدأ بترحيل من انتهت فترة تأشيرته من القادة الفلسطينيين، والعديد من الفلسطينيين الذين يقيمون الآن من دون الحصول على إقامة دائمة، وكذلك تحديد تنقل قادة السلطة وشل حركتهم، لأنها صاحبة السيادة الأمنية على هذه المناطق حتى وبعد التوصل إلى اتفاق الحل النهائي. وستتمسك اسرائيل بالأمر العسكري أكثر وأكثر، ولن يستطيع أحد إلغائه.. لأن الغاءه أمر شبه مستحيل، لأن الجانب الاسرائيلي يؤمن ويؤكد يومياً أنه صاحب السيادة الأمنية على الضفة الغربية.. ولم يستطع أحد أن يقف في وجه ذلك ويقول العكس حتى هذه اللحظات

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.