تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رغم مرور 43 عاماً على النكسة .. إيماننا قوي لا يتزعزع في حتمية إنهاء الاحتلال الاسرائيلي..

بقلم رئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية: جاك خزمو

 

 

 

 

 

قبل 43 عاماً احتلت اسرائيل الضفة الغربية والقطاع وسيناء والجولان، بعد أن انتصرت في حرب سريعة خاطفة شنتها على الدول العربية الثلاث مصر وسورية والأردن يوم الخامس من حزيران 1967. وما زالت اسرائيل تحتل الضفة الغربية والجولان وجزءاً من الجنوب اللبناني. وترفض انهاء احتلالها لهذه المناطق العربية حتى ان الأمر وصل بها الى اعتبارها مناطق "اسرائيلية" لا يمكن التنازل عنها وخاصة بعد ضم القدس العربية الى اسرائيل حال احتلالها، وضم الجولان السوري في أوائل الثمانينات من القرن المنصرم... ورغم هذا الاحتلال، ورغم عربدتها العسكرية وسياساتها التعسفية القمعية بحق سكان هذه المناطق العربية المحتلة، فإن العالم ما زال – "يُمالق" اسرائيل ويدعمها، وفي مقدمته الدولة الأعظم في العالم – الولايات المتحدة – التي توفر كل الدعم والمساندة المالية والاقتصادية والعسكرية والسياسية، وتُبارك إلى حد ما سياسة اسرائيل الاحتلالية، لأنها ترفض استصدار أي قرار دولي يدين اسرائيل على ممارساتها وسياستها التوسعية الاستيطانية من خلال استخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي، وعملت على شل تنفيذ العديد من القرارات الدولية التي صدرت منذ 43 عاماً وحتى اليوم بخصوص القضية الفلسطينية، وتم إلغاء وشطب بعض هذه القرارات.

بعد حرب حزيران 1967، اتخذت العديد من الدول الافريقية وحتى الأوروبية قرارات داعمة للأمة العربية ومستنكرة لقيام اسرائيل بشن هذه الحرب، ومن هذه القرارات قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل... وخاصة من قبل الدول الافريقية، ودول عدم الانحياز، وقررت فرنسا بقيادة الرئيس الراحل شارل ديغول إلى حظر تصدير الأسلحة لاسرائيل.

هذا الموقف الدولي كان قوياً ولصالح أمتنا العربية، ولكنه بدأ يضعف وينهار، وخاصة بعد أن زار الرئيس المصري أنور السادات اسرائيل عام 1977 ومن ثم توقيعه لاتفاقيات كامب ديفيد استطاع من خلالها إعادة جزيرة شبه سيناء إلى مصر، مع قيود على السيادة الأمنية المصرية عليها..

وتطاولت وتمادت اسرائيل بعدها من خلال قصف المفاعل النووي العراقي "تمور"، واجتياح لبنان، وادخلت عالمنا العربي في متاهات عدة... وكل ما كانت تفعله اسرائيل كان يلقى الدعم والمباركة الاميركية... ويجب ألا ننسى أن حرب تشرين عام 1973 لتحرير الأرض العربية بدأت تحقق أهدافها في تحرير الأرض العربية، لكن الولايات المتحدة وفرت الدعم العسكري المباشر وإلى أرض المعركة والميدان لاسرائيل، وتحت يافطة الحفاظ على أمن دولة "معتدية ومحتلة"، ولم تطلب منها إنهاء احتلالها للأراضي العربية المحتلة عام 1967، وكان الموقف العربي في عام 1973 مثالياً في التعاون والتعاضد، واستخدم سلاح النفط لدعم الموقف العربي من قبل الملك فيصل بن عبد العزيز الذي اغتيل لمواقفه الوطنية بعد توقف حرب تشرين بسنوات قليلة جداً.

لقد كان لأمتنا العربية حضور قوي على الساحة الدولية، ولكنه لم يُستغل بصورة سليمة.. إذ صدر قراران دوليان الأول رقم 242 عام 1967 والثاني رقم 338 في عام 1973، والقراران يدينان احتلال اسرائيل للأراضي العربية منذ حزيران 1967، ويطالبانها بإنهاء هذا الاحتلال. ولكن أين التطبيق لهذين القرارين؟

عندما "احتلت" الأرجنتين لجزر الفوكلاند "البريطانية" لم يهدأ بال بريطانيا فأرسلت أسطولها الحربي فوراً وشنت حرباً على الأرجنتين و"حررت" الجزر... هذا حدث في أوساط الثمانينات من القرن المنصرم.

وعندما احتل العراق الكويت قامت الدنيا ولم تقعد إلا بعد شن حرب على العراق في عام 1991 وتم تحرير الكويت.. ودفع العراق ثمن هذا الاحتلال، باحتلاله منذ نيسان 2003؟

لاميركا وحليفتها اسرائيل كل الحق في احتلال أي بلد أو أرض، ولكن لا يمكن لأي عربي أن "يحرر" أرضه المحتلة لأن هذا يمس السياسة الاميركية في منطقة الشرق الأوسط..

العالم دجّال وكذاب وممالق إلى حد كبير، لا يفهم إلا لغة المصالح، ولغة القوة... وللأسف فإن عالمنا العربي منقسم على ذاته إلى أقسام ومحاور، غالبيتها "مسايرة" وممالقة لاميركا في حين أن قسماً من هذا العالم يقف بكل قوة ومرفوع الرأس يواجه هذه السياسة الاميركية الاسرائيلية المشتركة المعادية لكل القوانين الدولية.

لم تعد اسرائيل قوية إذ أنها تواجه أخطار كبيرة الآن، بعد أن فقدت قوة الردع والحسم في اعقاب حرب تموز 2006، وفي أعقاب انتشار ظاهرة المقاومة ضدها.

العالم كله يدرك أن اسرائيل هي التي ورطت اميركا في العراق وافغانستان، ولكن ليس هناك رئيس اميركي يقول ذلك وبكل جرأة لأنه يخاف على مصالحه.

احتلال اسرائيل للمناطق العربية في حزيران 1967، واستمرارها لهذا الاحتلال يشكل عبئاً ثقيلاً عليها، وخلق مشكلة جديدة لها وهي المشكلة الديمغرافية، حتى ان الاستيطان الذي تدعمه وتعززه أصبح عبئاً عليها، وسيؤدي إلى إضعافها..

اسرائيل هي المسؤولة عن فقد اميركا لنفوذها في منطقة الشرق الأوسط، وبدأت تظهر تحالفات جديدة بين دول المنطقة تسحب البساط رويداً رويدا من تحت اقدام النفوذ الاميركي في المنطقة، ليحل محلها نفوذ دول اقليمية ذات قدرات عسكرية واقتصادية قوية.

اميركا لا ترى الأمور بصورة جيدة، ولم تدرك بعد أن سياستها "الموالية" لاسرائيل ستكلفها كثيراً في منطقة الشرق الأوسط، وان عدم الزام اسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية يشكل خطراً كبيراً على أمن العالم، وسيعرض الأمم المتحدة عملياً لفقد نفوذها ووجودها، وخاصة إذا قررت مجموعات من الدول المظلومة الانسحاب من هذه المنظمة.

والسياسة الاسرائيلية الحالية، وان استمرت في التعنت والتمسك بالتوسع والاستيطان والحل، فإنها ستقود الى حرب مدمرة في الشرق الأوسط قد تدفع ثمناً باهظاً لها أغلى من الثمن الذي ستدفعه لتحقيق السلام الآن، ولهذا على قادة اسرائيل التفكير جيداً، وانها لفرصة ذهبية لها، في إنهاء احتلالها والدخول في نادي دول الشرق الأوسط، أما إذا رفضت ذلك وأصرت على هذه السياسة، فإنها ستتحمل مسؤولية ما قد تتعرض له المنطقة من دمار، ونتائج حرب ضروس شرسة قادمة لا محالة. وخاصة أن نظرية الحدود الآمنة قد ولّت، وكذلك فقدت اسرائيل قوة الردع والحسم، والصواريخ هي القادرة على حسم المعركة أو الحاق خسائر كبيرة في الجانبين!

بعد حرب حزيران 1967، ورغم ذهولنا من نتائج هذه الحرب السلبية علينا، ووقوعنا تحت نير احتلال جديدة فإن معنوياتنا كشباب في ذلك الوقت كانت عالية، وكان إيماننا وما زال قوياً في أن هذا الاحتلال سينتهي عاجلاً أم آجلاً... وها هي بشائر انتهاء الاحتلال بدأت تبدو في الأفق وبشكل واضح... رغم مرور 43 عاماً عليه.. وقد تمر سنوات إضافية أخرى عليه... لكنه سيُوَلي ومن دون رجعة، هذا هو إيماننا الذي يشحن فينا قوة الصمود والنضال ويشجعنا على الحفاظ على وجودنا العربي في القدس العربية رغم ما نواجهه ونعيشه من معاناة قاسية جداً.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.