تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

اتفاق تجارة حرّة بيـن تركيا والأردن ولبنان وسورية: المخاطر والتحديات؟؟

وقعت تركيا وسوريا والأردن ولبنان، إعلاناً مشتركاً لإنشاء منطقة تجارة حرة بينها على هامش الاجتماع الرابع للمنتدى الاقتصادي التركي ـ العربي، والثالث لوزراء خارجية منتدى التعاون التركي ـ العربي، في خطوة تعكس مدى التقدم والتطور والاستقرار في علاقات هذه الدول التي تشكل مركزاً يعتبر قلب العالم.

وإذا كان الحديث ممكناً عن الجدوى التي ستشكلها هذه الاتفاقيات والايجابيات التي ستنعكس على شعوبها من الانفتاح المتزايد والمتواصل بين هذه الدول عبر تخيف القيود التي تعيق حركة التنقل والتواصل، حيث عقدت هذه الدول «العزم على التعاون في مجالات عدة، بينها التجارة والسياحة والجمارك والزراعة والصحة والطاقة»، فإن من المهم التركيز على التحديات والمخاطر التي ستواجه قيام أي شكل من أشكال التعاون الإقليمي بين دول الإقليم بشكل ذاتي وبعيداً عن إذن الدول الكبرى وموافقتها وشروطها.

وأول هذه المخاطر هو الدور الإسرائيلي الذي سوف يسعى لعرقلة قيام وتطبيق أي تفاهم بين دول المنطقة لا تكون إسرائيل محوره. فإسرائيل تعتبر أن قيام مثل هذا التكتل الاقتصادي والسياسي سوف يضعف مكانتها وأهميتها ولذلك ستسعى بشتى السبل لتقويضه وخلق المشاكل بين أعضائه، ولها في ذلك تاريخ لا يستهان به.

وثاني المخاطر، أنْ تعتبر بعض الدول الإقليمية الأخرى ان هذا الانفتاح والتلاقي بين هذه الدول الأربعة موجه ضدها، وضد مصالحها، فتتبنى موقفاً سلبيا منه، بدل السعي للانضمام إليه. ولذلك سارع وزراء خارجية البلدان الموقعة، ولاسيما وزير الخارجية التركي، أحمد داوود اوغلو، إلى إعلان الرغبة بانضمام الدول الأخرى إلى الاتفاق الرباعي وأنه ليس نادياً مغلقاً.

أما ثالث المخاطر فستأتي من ومع الرياح الغربية التي لا تريد ان يكون هذا التعاون نواة لقيام شكل من أشكال الوحدة أو الاتحاد أو النادي الاقتصادي الإقليمي. وقد دعا وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إلى إقامة منطقة أمنية واقتصادية تركية ـ عربية موحَّدة، لأنّ العالم التركي ـ العربي هو «المنطقة الأهم استراتيجياً في العالم». فالدول الإقليمية (تركيا وسورية والأردن ولبنان) عبر إيجادها منطقة حرّة ومجلساً للتعاون الاستراتيجي، سوف تستقطب بالتأكيد رغبة دول أخرى ـ إيران والعراق وغيرهما ـ للانضمام إلى هذه المنطقة، وهذا ما لا يريح الدول الاستعمارية الغربية والأخرى صاحبة النفوذ في العالم.

وفي هذا السياق، فإنه ليس سراً أن التصويت على قرار العقوبات ضد إيران في مجلس الأمن الأسبوع الماضي، لم يكن فقط بسبب برنامج إيران النووي، لأن الجميع، حتى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، يعلم أن القرار لن يوقف البرنامج الإيراني، ولكنه بأحسن الظروف قد يعيقه. ولكن للقرار أسباب أخرى أهمها معاقبة تركيا على دورها التوازني المتصاعد في المنطقة ومثلها البرازيل.

والهجمة الإسرائيليةـ الدولية على الدور التركي لتحجيمه وفرملته، وعلى التقدم العلمي الإيراني لمنعه من إنجاز إلى ما وصلت إليه إسرائيل ودول الغرب، تعكس الأنانية(selfishness) التي تتصرف الدول الكبرى بموجبها. وتعكس النفاق (hypocrisy) والمعايير المزدوجة لهذه القوى، وتندرج في سياق منع قيام أي تعاون لا تريده ولا تقرره القوى الكبرى(supper powers).

وقد حذّر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من «دعاية قذرة تحاول إبعاد تركيا عن التقارب مع الدول العربية» في ردّ على وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس الذي قال إنّ تركيا «تبتعد عن البلدان الغربية».

إن قيام هذا التعاون بين دول المنطقة يشكل فرصة لإعطاء شكلٍ لنظامٍ إقليميٍ أكثر عدالة ومساواة، وهو ما لا ترغب به إسرائيل وأعوانها والمصوتين على قرار العقوبات على إيران في مجلس الأمن. وعليه، فإن مسؤولية تركيا وسورية ولبنان والأردن كبيرة في دفع هذا التعاون بينها قدماً للأمام وتطويره وحمايته من هجمات وتكتيكات المتضررين من قيامه.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.