تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

"بعض العرب": لا بيرحم ولا بيخلي رحمة الله تنزل!!

منذ وقت طويل وبعض الإعلام العربي يسلّط هجومه على إيران بحجة تهديدها للأمة العربية ودول الخليج وبحجة "محاولتها" الحصول على أسلحة تدمير شامل أي أسلحة نووية. وعبر الهجوم على إيران تم مراراً استهداف سورية وعلاقاتها المميزة مع الجمهورية الإسلامية، ووصل الأمر إلى حدّ الحديث عن سعي دمشق وطهران لإنشاء هلال شيعي يمتد من "قم" إلى "عيتا الشعب" في جنوب لبنان.

الهجوم على إيران لم ينتهي. ولكن هجوماً عربياً آخر بدأت تظهر طلائعه على تركيا ودورها المتنامي في المنطقة. ويجري التكهن عن الغايات والأهداف التركية ويتم نسج الأقاويل والحكايات وكأن تركيا قادمة لقضم ما تبقى من المصالح العربية.

نذكّر، أنه عندما كانت إيران في ظل حكم الشاه وقبل الثمانينات، وتفتتح في قلب طهران مقراً للسفارة الإسرائيلية، لم يتحدث أي من  الكتاب العرب عن خطر إيران ولم يشر أي كاتب إلى دورها في المنطقة. كانت إيران وقتها صديقة وحسنة النوايا وحتى الغرب الداعم لإسرائيل كان يعتبرها كذلك. ما الذي تغيّر؟؟ إيران تغيرت، وأصبحت تدعم المقاومة والشعب الفلسطيني. إذن التهمة الحقيقية الآن هي دعم المقاومة في لبنان وفي غزة، وهي ايضا  فتح سفارة لفلسطين محل السفارة الإسرائيلية، وهي كذلك  تأكيد المسؤولين الإيرانيين أن هذا الكيان الإسرائيلي إلى زوال.

وإذا كان "بعض العرب" يخشى "النوايا" الإيرانية النووية، فلماذا لا يخشى الحقيقة النووية الإسرائيلية، ولماذا لا يسلط إعلامه على الترسانة النووية الإسرائيلية، ويشرح كيفية التخلص من هذا الخطر المحدق بالمنطقة!! لا ندري لماذا يحاول "بعض العرب" خلق عدو جديد اسمه إيران ويحاولون استعداء هذا البلد الإسلامي الجار الذي يقف إلى جانب قضايانا. ولا ندري لمصلحة مَنْ يتم إبعاد الانتباه وتشتيت التركيز وحرفه عن القضية الفلسطينية والقدس المحتلة، القضية المركزية للعرب والمسلمين.

أما الحديث عن هلال شيعي فقد بلعه أصحابه بعد وقوف سورية إلى جانب المقاومة في العراق وقطاع غزة، وبعد العلاقات المميزة مع تركيا. وأصبح من غير الممكن الحديث عن هلال شيعي، ولابد من الحديث عن هلال إسلامي وهذا لا يخدم أهداف "بعض العرب".

وعلى ذكر تركيا بدأت بعض الصحف والأقلام العربية الخائفة على دور "بعض العرب" المحنّط، تركيز هجومها على الدور التركي ولاسيما بعد إعلان تركيا وقوفها إلى جانب الأهل في غزة حتى رفع الحصار الإسرائيلي عنهم وبعد الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية في عرض المتوسط واستشهاد عدد من المواطنين الأتراك.

الأقلام العربية المرتعشة تتلطى خلف "الغيرة" على الخصوصية العربية وضرورة عدم إدخال الغرباء والأجانب والجيران في القضايا العربية. معهم حق، فالأمريكيون والأوروبيون الذين "يفصّلون ويلبسون على كيفهم"، ويشترون ويبيعون في قضايانا ليسوا أجانب ولا أطماع استعمارية لهم في منطقتنا أبداً، حاشى!! والحال هذه، ليس على الأتراك ان يخشوا إسرائيل والدول الكبرى، بل "بعض العرب" الذي يخشى على دوره وكرسيه وانتهاء مراحل ما بعد الفراغ التي يعيش فيها.

كنتُ أشاهد بالأمس أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى وهو يهرول إلى غزة. أحسستُ للوهلة الأولى أن زيارته الميمونة تمت منذ ثلاث سنين وأن المسكين يخاطر بحياته ليصل إلى الأهل المحاصرين.. قلت لنفسي كيف يحدث أنّ ممثل الأمة الوحيد يدخل تحت قصف الصواريخ وهدير الطائرات الإسرائيلية وقنابلها دون حماية عربية!! واستفقتُ من شرودي وتذكرتُ ان الحرب العسكرية الإسرائيلية على غزة قد توقفت، وأن ممثل العرب يصل المدينة المنكوبة بعد أربع سنوات على الحصار، وقد مات من مات وعاش من عاش.. وعاشت همّة العرب.

مَنْ تمثل يا سيد  عمرو موسى، ولماذا أتيت؟؟ لستَ تحملُ هدايا للأطفال اليتامى والعاجزين والمشردين بعدما دمّر العدو منازلهم،والوقت ليس أول العام لنقولَ أنك بابا نويل.. ومع ذلك أهلاً بك في غزة الشهيدة والمجروحة والمعاقة والمقيدة والمحاصرة والمنتهكة والمباحة والمقاومة والأبية والتي تنام وتحيى على شعاع من الأملِ الذي لا يخبو.

عمرو موسى.. لماذا حضرت وحدك أيها العربي المثقل بمشاكل وترهات العرب بعد أربع سنوات؟؟ نعلم أنك تمثل العرب وأنك أثير خلافاتهم وأهوائهم ونزواتهم وتضادهم و.. وخلافاتهم على جنس الملائكة.. ولكن كنّا نتمنى قدوم بعض من تمثل معك.. "بعض العرب" الذين يرفضون أن يتدخل غير العرب في قضايا العرب.

هؤلاء.. "بعض العرب" لا يريدون أن يفعلوا شيئاً، ولا يريدون ان يفعل غيرهم شيئاً، بل يحاولون أن يمنعوا غيرهم من أن يفعل شيئاً وهذا أقصى ما يقومون به.

لكن بعض العرب الآخرين موجودون، ويؤمنون بقدرتهم على التغيير وفعل الكثير وأن المقاومة وإرادة الشعوب لا تقهران، وهم "يستمدون قوتهم من ذاتهم وتلك قوة لا تنفذ ولا تنتهي ولا تخور"، وقد لاح شعاع الأمل لمسيرة التجدد وبدأ هذا البعض يقطف ثمار الصبر والتحمل والتخطيط والبناء والمقاومة.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.