تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عباس: رئيس الوضع الراهن!!

لم تكثر تكهناتٌ ولم تنطلق وتسر إشاعاتٌ حول صدقية ومصداقية أي رئيس في العالم، كما جرت وتجري الشكوك حول حقيقة المواقف والتوجهات الفعلية لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية السيد محمود عباس، الذي يعتبر أنه قائد المقاومة الوطنية الفلسطينية لتحرير الأرض، والذي يقول خصومه إنه يفرّط بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وإنه سعى ويسعى لإبقاء الحصار مفروضاً على قطاع غزة حتى ترضخ حكومة إسماعيل هنية التي أقالها لشروطه وتعود إلى بيت الطاعة..

قبل سنوات جرى استفتاء "ديمقراطي" في الأراضي الفلسطينية المحتلة ـ بشهادة الغرب الديمقراطي ـ فازت فيه حركة حماس على حركة فتح، فكلفت الأولى من قبل الرئيس عباس تشكيل حكومة فلسطينية برئاسة إسماعيل هنية، حكومة  لم تعطَ الوقت أبداً، لا فلسطينياً ولا عربياً ولا دولياً، لتحكم ولتثبت أنها أهلٌ للحكم. ببساطة لأنها رفضت الإذعان لشروط الاحتلال وداعميه. وقام الرئيس عباس بحل تلك الحكومة التي رفضت بدورها قرار حلّها وحدث الانشقاق وتوسع بين قطاع غزة والضفة الغربية وتم تشكيل حكومة في الضفة ولا يزال الانقسام الفلسطيني والازدواجية الفلسطينية مستمرين منذ  ذلك الحين.

حكومة إسماعيل هنية المقالة تدير شؤون القطاع المحاصر منذ سنوات وسط ضغوط هائلة من كل الجهات بهدف  تحطيم إرادتها. أما المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية فقد قرر قبل فترة التمديد للرئيس عباس، المنتهية ولايته الرئاسية، رئيسا للسلطة الفلسطينية الى حين إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بموجب القانون.

لم تجر الانتخابات لتجديد السلطات الفلسطينية في الأرض المحتلة، ويبدو أنها لن تجر قريباً لأن استطلاعات الرأي لا ترجح كفة السلطة الفلسطينية ورئيسها. ولماذا على الرئيس عباس إجراء انتخابات غير مضمونة النتائج ما دام يمارس صلاحياته كما لو أنه في بداية عهده الرئاسي!! وما الحاجة للتجديد ما دام العالم الغربي "الديمقراطي" والعربي بملوكه وعروشه وقادته يستقبلونه كأنه رئيس لا نظير له؟!

وبعد الهجوم والقرصنة الإسرائيلية على "أسطول الحرية" في عرض المتوسط، فتحت مصر معبر رفح "لأجل غير مسمى"، وكأن الشعب الفلسطيني في القطاع لم يكن  قبل الهجوم الإسرائيلي بحاجة للطعام والكساء والدواء ومواد البناء والأوكسجين... لقد استعجلت القيادة المصرية في فتح المعبر ومن دون ضجة إعلامية كبيرة، وحسناً فعلت لنفسها، لأنها لو تأخرت أكثر لكانت الخسائر والإحراج أكبر، لاسيما بعد ان اضطرت إسرائيل نفسها للبحث عن وسائل تدّعي عبرها أنها بصدد تخفيف الحصار عن غزة، ولا يعقل أن تخفف إسرائيل الحصار قبل مصر العروبة.

وبعد الهجوم الإسرائيلي الغبي الفاشل والإرهابي على أسطول الحرية أيضاً، قام الرئيس عباس بجولة عربية وأوروبية وصلت إلى الولايات المتحدة. لكن لم يصدّق كثيرون ان عباس يلفّ العالم لرفع الحصار عن أهل غزة. ببساطة، لأن الشروط التي وضعها وسلطته لرفع الحصار تعزز الشكوك أكثر من الثقة بحسن النوايا وتزيد الطين بلّة.

أما لماذا لم يزر الرئيس عباس قطاع غزة، ويثبت للحكومة المقالة انه رئيسها الأعلى، فغير مفهوم أيضاً. هل ستتأخر حكومة هنية المحاصرة بفرش السجاد الأحمر للرئيس القائد الملهم إذا وصل إلى القطاع!؟ ربما! لا ندري إذا بقي عندهم سجاد وبسط ليفرشوه بعد الحرب والحصار، ولكن لديهم دماءهم الحمراء الطاهرة التي فرشت وروّت أرض القطاع وصمودهم الذي أجبر العالم ان يتذكرهم وأجبر الضمير العالمي النائم والساكت عن الحق على الاستيقاظ ولن يبخلوا بحسن الضيافة على الرئيس عباس متى قرر القدوم.

أما ما نُقل عن السيد عباس من أحاديث في المحافل اليهودية في الولايات المتحدة عن عدم قدرته على تجاهل حق اليهود في فلسطين، وقدرته على تجاهل حق العودة للاجئين الفلسطينيين وتطبيق قرار الأمم المتحدة /194/، فلا يمكن ان يمر بسهولة، ولا يمكن هضمه ولا فهمه ولا التعاطف معه، لأنه يمثل الخطر الأكبر والحقيقي على القضية الفلسطينية.  

الرئيس عباس كان أعلن يوماً عن نيته عدم الترشح للانتخابات الفلسطينية القادمة.. قد يكون  غيّر رأيه.. لابد وأن يقتنع أو يُقنَع ان القضية الفلسطينية "ستتيتّم" من دونه.

يشعر المرء أن معظم ما يحيط بالرئيس عباس مشكوك فيه. قصرُ الرئيس ومكتبه وبيته وأرضه وشعبه تحت الاحتلال! لكن السيد عباس تخلى عن المقاومة المسلحة، والتزم المقاومة السياسية! وهذا النوع من المقاومة جديد لانعرف الكثير عن أدبياته ووسائله وطرقه! الغرب يدعم سلطة عباس ويمدّها بالمال، لماذا، ربما بسبب المقاومة السياسية، ولكن ضد مَن!! القادة الإسرائيليون يتذكّرون بين الحين والآخر أنه لولا جيشهم لم تبق سلطة فلسطينية في الضفة الغربية، هل يفترون على الرجل!! المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مشكوك فيها وبأهدافها وغاياتها، لماذا؟ لأنها مستمرة منذ عشرين عاماً..ولم ولن تحقق أي شيء، لأن إسرائيل لن تعطي عباس أي مكسب وليست مضطرة لأن تعطيه. لماذا تعطيه؟ ولذلك لماذا استمرار المفاوضات؟؟

أسئلة كثيرة يمكن طرحها ومنها؛ ماذا لو جرت انتخابات فلسطينية حرّة الآن وأنهت الوضع الانقسامي الشاذ الذي أهان القضية وأضعفها وسخّفها؟ ماذا لو ترفّع عباس وزار قطاع غزة المحاصر ـ مثله في ذلك مثل بعض الأجانب ـ وصالح حركة حماس بما يقوّي الموقف الفلسطيني؟ ماذا لو تنازل عباس عن الحكم وأثبت انه لا يبحث عن كرسيٍّ واستعراض وسلطة؟؟ ماذا لو أوقف السيد عباس عرض مسلسل المفاوضات الطويل والسخيف والممل والمعروف النهاية مع الإسرائيليين؟؟

الجواب: سيتغير الوضع الراهن، ولن يعود السيد محمود عباس رئيساً، لماذا؟؟ لأنه رئيس الوضع الراهن والحالة المعلقة ومرحلة اللاقرار واللافعل. ولذلك نقول للسيد عباس أنك قد تكون حاجة لإسرائيل وحاجة لبعض العرب وحاجة لبعض الغرب ولكنك لن تكون حاجة وطنية فلسطينية أبداً إذا لم تحسم الكثير من الغموض الذي يدور حولك. وأصعب ما يكابده الشعب الفلسطيني أن يشعر أن من هو مؤتمن على مصالحه شريك في الحصار عليه.

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.