تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لاتنسوا حصار القدس.. فهو الحصار الأصعب والأخطر

 

محطة أخبار سورية

في مداخلة له أمام مؤتمر الهيئة الإسلامية والمسيحية الفلسطينية، لنصرة القدس والمقدسات، تحت عنوان "القدس عاصمة تحت الاحتلال"، والتي جرى مؤخراً قال النائب محمد بركة..

 

" إن المؤامرة على القدس نجدها في تغريب الانسان المقدسي عن مدينته، وتغريب المكان عن جذوره، وتغريب التاريخ، لإضفاء تاريخ مزعوم على المدينة..  إن شعبنا يواجه جرائم متعددة في آن واحد، وبشكل خاص الحصار التجويعي الاجرامي على قطاع غزة، ولكن الجريمة الأخطر على مستوى استراتيجي هي تلك التي تنفذ في القدس المحتلة، وهذا يستوجب طاقات أكثر" ..

 

وقال: " إن ارتفاع منسوب الجريمة والآفات الاجتماعية ليس صدفة، وهناك أصابع واضحة للاحتلال، المعني بمجتمع منهار، وهذا الملف يجب وضعه ضمن الأولويات القصوى في معالجة قضية القدس، يجب الاستثمار في الإنسان، وإنقاذ المجتمع من براثن المخدرات والجريمة".. وأضاف بركة، "إن المؤامرة على القدس متشعبة، وكذلك أيضا بالنسبة للجهات المنخرطة في موضوع القدس، وقبل أكثر من عامين عقد اجتماع في مقر الرئاسة في رام الله، وجرى الحديث بوضوح عن ضرورة اقامة مرجعية واحدة لكل هذه الجهات، تخوض النضال في ملف القدس، ولكن للأسف فإن هذا القرار لم يتم تنفيذه، وباعتقادي أن الأداء الجماعي والفلسطيني العام ليس بحجم المؤامرة التي تحيط بالقدس، وآن الأوان لأن يتحقق الأمر" .

 

 كلمات وضعت الإصبع على الجرح بخصوص موضوع القدس وما تتعرض له من تهديدات تستهدف البشر والحجر .. بل تستهدف السيطرة على كل ما يتعلق بهذه المدينة المقدسة منذ أعلنتها اسرائيل "عاصمة أبدية لها " .. وقد سبق وحذرنا مراراً وتكراراً من مغبة الوصول الى هذه المرحلة الخطيرة.. بل هي الأخطر في تاريخ القدس .. ولكن لم نجد إلا ردود فعل هزيلة وعشوائية وغير مدروسة بحيث لم تساهم ولو حتى بالقليل في الدفاع عن الوجود العربي في المدينة المقدسة..

 

استراتيجياً، فان حصار القدس هو الأصعب والأكبر والأخطر رغم صعوبة وخطورة حصار غزة  .. فلم يعد احتلال القدس هو المشكلة فقط..  فأي احتلال  مصيره الزوال .. ولكن اسرائيل لا تريد حتى أن تعترف بأنها تحتل القدس  العربية بل هي تصر على أنها استعادتها .. لذلك فليس في قاموسها القدس العربية بل "القدس اليهودية الموحدة"، ولذلك تعمل المستحيل من أجل طرد كل فلسطيني موجود في هذه المدينة، وتغيير معالمها لتحولها الى مدينة يهودية صرفة بكل ما تحويه هذه الكلمة من معنى ، فحتى الأماكن المقدسة والتي هي مقدساتنا  ان كانت مسيحية او إسلامية والتي شهدت نشأة دياناتنا منذ عصور طويلة ، فإنها حولتها بقدرة قادر الى أماكن يهودية.. تزييف للتاريخ وللتراث ولكل شيء في سبيل تهويد المدينة من كل النواحي الثقافية والدينية والتراثية والديمغرافية والجغرافية .. فهي تفرغ القدس من مواطنيها وفي الوقت نفسه تزج بعشرات الآلاف من اليهود في المستوطنات التي يتم إنشاؤها كل يوم في المدينة، بحيث باتت محاصرة بحزام استيطاني وجدار يخنقان المدينة من كل  النواحي الاقتصادية والاجتماعية والحياتية ..  ولم يكتفوا بذلك بل تغلغلوا بين الأحياء العربية وحول المقدسات الإسلامية والمسيحية .. بل حتى في البيوت العربية التي سلبت بطريقة أو بأخرى لتصل اسرائيل الى مرحلة تطبق فيه قانونها الذي أصدرته عام 1973 بأن لا يتعدى إجمالي عدد  الفلسطينيين في المدينة المقدسة الـ 22 بالمائة.. وليس هذا فحسب بل هي تريد لهؤلاء المتبقين أن يكونوا ضعفاء لا حيلة لهم من خلال محاولاتها تهويد الإنسان الفلسطيني، وتشجيع الظواهر السلبية بين مواطني القدس كالإدمان على المخدرات وبخاصة بين الشبان جيل المستقبل ..

 

ان من عادة اسرائيل إدخالنا في متاهات عديدة تستهدف صرف نظرنا عما تحيكه من مؤامرات ضد القدس.. ونجحت في ذلك فعلاً لأننا، رغم إدراكنا الكامل لخطورة مخططات اسرائيل وما تسعى اليه، الا أن قضية القدس رغم إثارتها مراراً وتكراراً إلا أن ذلك لم يتعد المؤتمرات والندوات والشعارات، ولم نفلح إلا بالتنديد والتصريحات التي ملأت المواقع الالكترونية..  وما الفائدة ما دمنا لا نعمل بتخطيط ودراسة لحماية القدس فعلاً من حصارها ومما تتعرض له .. فأُهمل المواطن وأُهمل الشبان وأُهملت المقدسات مما شجع اسرائيل على التمادي أكثر وأكثر في غيها وفي سيطرتها، ففرضت شتى القوانين والضرائب وسحبت الهويات وشتت العائلات فالزوج في جهة وزوجته وأبنائه في جهة أخرى و...

 

اسرائيل تنجح في حربها التي تشنها ضد القدس العربية ومواطنيها ومقدساتها .. لأننا لم نتحرك بجدية .. ولأننا في القدس، وكما قالها بركة وقلناها سابقاً، لا توجد لها مرجعية موحدة تستلم زمام الأمور وتقود النضال ضد المخططات التهويدية للمدينة المقدسة.. فكثرة الطباخين تحرق الطبخة..

 

اسرائيل تتحرك بكل السبل والوسائل من أجل تنفيذ مخططاتها .. أموال وجمعيات وإعلام يكثف كل جهوده من أجل الإيحاء للعالم بـ"يهودية" قدسنا عبر استراتيجية اعلامية خطط لها منذ أن وطأت أول قدم يهودية أرض قدسنا .. وقد نجحت إستراتيجيتهم في التأثير حتى على مستوى شعب بلد مثل تركيا وقد سمعناها من العديد منهم عند زيارتنا لها فحين معرفتهم بأننا من القدس يقولون "يعني انتم يهود".. فاذا كان شعب مثل شعب تركيا (التي لها مواقفها المشرفة مع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، وبخاصة في حصار غزة والحرب عليها) يعتقد بأن سكان القدس هم من اليهود فقط فما بالك بالشعوب الأخرى.. أليست هذه أكبر ضربة لنا ولعروبتنا ولعروبة القدس ؟!!  فأين استراتيجيتنا الإعلامية التي تفضح وتفند المزاعم الاسرائيلية حول "يهودية القدس" ؟!  وماذا يفعل العالم العربي والإسلامي بهذا الاتجاه؟! فهل العمل هو فقط بالمؤتمرات الكثيرة المتعددة والتي  لا نرى من نتائجها أي فعل ملموس على أرض الواقع...

 

فإلى متى سيظل التهاون في قضية القدس .. القدس في خطر .. القدس في حصار وهو الحصار الأصعب والأخطر.. فاصحوا قبل آن تعضوا أصابع الندم وقبل أن تتحول القدس كلياً الى "اورشليم اليهودية"..

ندى الحايك خزمو

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.