تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سيدنا البطريرك صفير: اذهب حيث شئت.. لكن الحج إلى براد

محطة أخبار سورية

منذ وُضِع حجر الأساس في التاسع من شباط الماضي، للكنسية المارونية وأُقيم قداس احتفالي إلهي في قرية براد - شمال حلب لمناسبة مرور 1600 عام على وفاة مار مارون شفيع الطائفة المارونية، وهو أول احتفال يقام في ذلك المكان، حيث جرى في المناسبة التأكيد على المعاني السامية لهذه المناسبة المتمثلة بإعادة إحياء هذا المقام المقدس والفترات التاريخية التي عاشتها الطائفة المارونية في سورية، أُعِيدَ تسليطُ الضوء على الطائفة المارونية وجذورها ونشأتها وقيل الكثير عن شفيعها الذي ـ قبل أن يكون سورياً ومسيحياًـ هو إنساني ومعتقداته تخدم الإنسانية قاطبة.

وفي لبنان ولمناسبة عيد مار مارون الـ1600، ترأس البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير، قداساً احتفالياً "موازياً" لاحتفال براد في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت، ولم يحضر إلى حلب.

بعد المناسبة كرّت سبحة الاحتفالات والزيارات ووُضٍعَ حجرُ الأساس لكنائس مارونية عديدة في المنطقة. وغادر البطريرك صفير في أيار الى الأردن في زيارة وَضَعَ خلالها حجر الأساس لكنيسة مار مارون "المغطس" بعدما قدم الملك الأردني عبدالله الثاني قطعة أرض لبنائها.

وقام البطريرك صفير بزيارات رعوية إلى بلدان الاغتراب وبزيارة رعوية واجتماعية إلى عكار في شمال لبنان وتم الاحتفال بوضع حجر الأساس لمبنى تابع للمطرانية، وتمت زيارة الجبل والمتن وبيروت، ولكن ليس إلى الجنوب اللبناني بعد!!

وقبل أيام(20/6/2010)، زار البطريرك صفير مدينة زحلة اللبنانية حيث دشن كاتدرائية مار مارون وترأس قداسا احتفاليا للمناسبة. وأكد صفير في كلمة له أمام سراي زحلة ان الأوطان كالأفراد والجماعات تحتاج الى التعاون المتبادل لما فيه خيرها وسلامها.

ولعله من المبشر بالخير أن نرى تزايد الكنائس والمعالم المسيحية في المنطقة وهو ما يعزز الوجود المسيحي الذي هددته الحروب المستمرة. فبدون المسحيين والوجود والدور المسيحي، تفقد المنطقة تنوعها وجمالها وغناها وإرثها. ولكن زيارات البطريرك صفير إلى الكنائس المارونية ووضع حجر الأساس في الأردن وعكار وزحلة وغيرها، لم تقترن بزيارة براد في حلب حيث مهد المارونية والمقام المقدس لشفيعها.

لماذا يا غبطة البطريرك!؟ يوم الاحتفال بعيد مار مارون في شباط الماضي، قالوا إن غبطته لا يريد ان يزور سورية دون طائفته. ربما قُصِدَ فئة سياسية لبنانية ما زالت تناصب سورية العداء وتتلطى خلف عباءة البطريرك. فمعظم أبناء طائفة مار مارون يزورون سورية، ومعظم أبناء طائفته سوريون وموجودون في سورية، ولطالما تمنوا أن يشرّفهم غبطة البطريرك بزيارته، وقد زار أصقاع العالم البعيدة، ولكنه لم يصل إلى سورية بعد.

قالوا إن البطريرك صفير ينتظر دعوة لزيارة سورية؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد وجّهت إليه دعوات كثيرة عبر جهات سورية عديدة، كانت أهمها يوم زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى سورية عام2000 في زيارة حج تاريخية حيث مشى على خطى القديس بولس الرسول. يومها زار البابا الجامع الأموي الكبير وعدداً من الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية في دمشق، وأقام قداساً جماهيرياً كبيراً في ملعب العباسيين في دمشق، شارك فيه مسلمون ومسيحيون ومن كل الطوائف. كذلك، زار البابا يوحنا الكنيسة التي دمرها الإسرائيليون في مدينة القنيطرة. ويومها أيضا قال غبطة البطريرك صفير إنه لن يلبي الدعوة حتى لاتسيّس سورية الزيارة. مع أن مجرد الحديث عن منع تسييس الزيارة هو تسييس لها وحرفها عن غرضها الديني والإيماني.

          

لا نريد العودة للماضي كثيراً، ولكن نحاول معرفة الأسباب التي منعت وتمنع غبطته من القدوم إلى سورية والحج إلى براد والأماكن الدينية المسيحية المقدسة مثل مار تقلا ومار سركيس وصيدنايا...الخ. إذا كان مَنْ حَوْل غبطته يظنّون أن الزيارة ستخدم سورية سياسياً وقد أثّروا عليه لمنعه من القيام بها، فهم وغبطته مخطئون وواهمون في هذا المجال. فلن تضيف الزيارة إن حصلت لرصيد سورية ما قد يظن البعض، هذا من جانب. ومن جانب آخر، لن تُقدِّم سورية مقابلاً لأحد مهما علا شأنه حتى يُقْدم على زيارتها.

أما إذا كان البطريرك صفير يخشى على سلامته، فسورية أحرص من غيرها على أمنه وسلامته ولم تقصّر يوما في احترام واستقبال وحماية وتكريم ضيوفها. أما إذا كان غبطته(وقد بلغ من العمر ما بلغ، ونرجو له طول العمر) لا يرى الحج لشفيع الموارنة ضرورياً أو عاجلاً، فهذا أمر يعود له، ولن نعلّق عليه لأنه لايحتاج إلى تعليق.

قبل أيام(الثلاثاء 22/6/2010) كان نائب رئيس المجلس النيابي اللبناني السابق، إيلي الفرزلي يتحدث في برنامج نهاركم سعيد على قناة "ال بي سي" الفضائية عن علاقة البطريرك صفير مع سورية. الفرزلي أكد أن العقبات التي تحول دون زيارة صفير إلى سورية هي لبنانية، وأن البعد يولّد عقبات أخرى. وأكد أيضاً اعتقاده أن سورية لا تتصرف مع غبطة البطريرك صفير على قاعدة الإحراج (ولماذا تتصرف سورية مع غبطته على قاعدة الإحراج!!). لعل ما قاله الفرزلي أقرب إلى الواقع ويلخصه ويعكسه إلى حدٍّ كبير.

رسالة مار مارون كانت إنسانية، كانت دعوة للمحبة والتآلف. الإنسانية والمحبة والتآلف تعني اللقاء والحوار وفتح القلوب، ولاسيما مع الجيران ـ حتى لا نقول الإخوة ـ كما قال صفير نفسه في زحلة: «جارك القريب، ولا أخوك البعيد». وغبطته زار معظم دول العالم وأجرى لقاءات أخذت طابعاً سياسياً وأخرى دينياً، ولكنه لم يحج إلى شفيع المارونية في حلب، فهل يمنع اختلاف وجهات النظر سياسياً ـ إن كان الأمر كذلك ـ الحج الديني؟؟؟

حين شارك العماد ميشال عون والوفد المرافق له أبناء الطائفة المارونية في حلب إقامة القدّاس الإلهي على قبر مار مارون في براد، ألقى كلمة قال فيها: «لقد اجتمعنا هنا اليوم للصلاة على القديس والناسك المار مارون الذي كان يفترش الأرض ويلتحف السماء لمساعدة إخوته مثلما علمنا السيد المسيح، وبعد /1600/ عام نرجع اليوم إلى الجذور والينابيع فالشجرة بدون جذور لا تعيش». وأضاف: «كنا نشعر بأنّ المسافة بين هذا المكان وجبل لبنان طويلة جداً ولكننا اليوم نشعر بأنها قريبة، والمهم أن نرجع الى صفاء النوايا وتنقية الوجدان ونفكر بإنسانيتنا ونحمل رسالة المحبة وشهادة الحق، فالشرور مهما تعاظمت سينتصر الحق والخير والسلام في النهاية، اليوم هو يوم تاريخي».

هل يمكن ان يضيف المرء بعد هذا الكلام المقرون بالفعل شيئاً آخر!؟.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.