تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إسرائيل تختم رسميا شهادة وفاة «أوسلو»

 

محطة أخبار سورية

في الوقت الذي يُلوّح كثيرون من العرب العاربة والمستعربة براية السّلام البيضاء تقودهم العزّة بوعود "أوباما" الذي يضحك كثيرا، ولا يكاد يفعل شيئا، وفي الوقت الذي ما زال العرب، عبر جامعتهم العربيّة، يصرّون إلحاحا على مبادرة السّلام خيارا استراتيجيّا، وسبيلا لرسم خارطة طريق الدولة الفلسطينيّة المؤجّلة، تعمد "إسرائيل"، في المقابل، إلى وأد كلّ فرص السلام الموعود قاطعة على أشدّ المتفائلين بحلحلة الوضع كلّ أمل في إمكانيّة قيام دولة فلسطينيّة في أقرب الآجال، وموجّهة رسائل مباشرة، وغير مباشرة إلى الخصوم والحلفاء -على اختلاف جنسياتهم- تُنْبئ فيها عن عزم الحكومة القائمة -تواصلا مع التي سبقتها والتي ستعقبها- اعتبار مسار السّلام وقيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب، دعاية سياسية أمريكيّة تفرضها قواعد اللعبة الانتخابيّة في هذه الدولة العظمى، وحكاية مسلّية يرويها الحالمون للأطفال الصغار قبل النوم!!.

 

آخر الطعنات القاتلة التي أضافت بها إسرائيل مسمارا جديدا إلى نعش "الدولة الفلسطينيّة" الموعودة، قرار وزارة التعليم في الدولة العبريّة، إلغاء معاهدة "أوسلو" من برنامج التاريخ الموجّه إلى تلاميذ المدارس الابتدائية، مع الإبقاء على معاهدتيْ "كامب ديفيد" مع مصر و"وادي عربة" مع الأردن.

 

فقد جاء في جريدة "هآرتس" أنّ المسؤول عن قطاع التعليم "مايكل يرون" في الدولة العبريّة وضع خطّة تنوي الوزارة العمل بها طيلة ثلاث سنوات قادمة تقوم على إلغاء معاهدة "أوسلو". وهذا الإجراء التربويّ في الظاهر الذي لا يخلو من دلالة سياسيّة في العمق، يؤكّد أنّ حكومة ناتنياهو مرّت من التلميح بأنّها غير ملزمة بالاتفاقيات السابقة إلى التنفيذ، فهي تخاطب الرأي العام الداخلي والخارجي بلغة واضحة صريحة بعيدة عن كلّ التباس.

 

الكرة إذن في شبكة حكومة فياض التي تَعِدُ الفلسطينيّ بقيام الدولة الفلسطينيّة بعد سنتين على أقصى تقدير! وهي مطالبة، كما تقضي بذلك الأعراف السياسيّة، أن تفسّر هذا اللغز، وأن تعطي إجابات واضحة عمّا يجري على الأرض؛ على أنّه إذا كانت "إسرائيل" تُراكِمُ إجراءات تنصّلها من معاهدة أوسلو، وتكنس في كلّ مرحلة ما انجرّ عنها، فعلى أيّ أساس تزجّ حكومة "عباس" و"فيّاض" بالفلسطينيّ في خندق الأحلام الموؤودة، وتصرّ على أن تذهب به قَسرا إلى متاهة لا يُتوقَّع أن تؤدّي إلى حلّ على المدى القريب أو البعيد؟ ولفائدة مَنْ إطالة الأزمة، وبيع الحلم والأوهام إلى شعب عانى من شتّى ألوان المغالطات والمحن، وملّ من ترويج الأكاذيب على أنّها حقائق على الأرض!!!؟

 

ليس العيب في التفاوض والبحث عن وسائل لرفع المعاناة عن المواطن الفلسطينيّ المسكين؛ فكلّ الذين فتحوا جبهات القتال بحثوا عن حلول سياسيّة، حتّى وإن كان سقف انتظاراتها أقلّ من المأمول، بما أنّ الطرف الأقوى يفرض، بالضرورة، شروطه، ويصوغها حسب مصالحه وأهوائه، لكن يبدو أنّ التفاوض أمسى عند "إسرائيل" مجرّد لعبة سياسيّة مسلّية لتزجية الفراغ، وورقة انتخابيّة تُلوّح بها الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة من أجل الظهور أمام حلفائها في صورة الدولة المحبّة للسلام التي رماها القدر بمحيط متوتّر!!!

 

أفليس في ما أقدمت عليه وزارة التعليم في الدولة العبريّة ما يزيد تأكيد حقيقة لا ينكرها إلاّ جاحد أو مكابر، وهي أنّ السّاسة في إسرائيل على اختلاف الأحزاب التي ينتمون إليها يلوكون علكة السلام دون أن يُسندوا أقوالهم الفضفاضة بأفعال على الأرض؟! وعندما تُلغي إسرائيل "أوسلو" من ذاكرتها، وتَشْطب كلّ ما نتج عنها، ماذا بقي من "السلطة الفلسطينيّة" وهي التي وُلِدَت من رَحِمِ هذه الاتفاقيّة!!!؟؟

 

إنّ إلغاء إسرائيل "أوسلو" من برامج التعليم بعد وأدها في الواقع السياسيّ هو رسالة من حكومة "ناتنياهو"إلى حكومة "عبّاس" و"فياض" تعلم فيه الأولى بانتهاء مدّة صلوحيّة الثانية أو بعبارة استعملها عرفات قديما "caduque".

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.