تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

البرازيل.. بمناسبة زيارة الرئيس بشار الأسد

يقوم الرئيس بشار الأسد بزيارة إلى قارة أمريكا الجنوبية وكوبا في أول زيارة لرئيس سوري إلى تلك المنطقة من العالم، حيث سيقوم سيادته خلال هذه الجولة التاريخية بالتوقف في كل فنزويلا وكوبا والبرازيل والأرجنتين.

وكنا تحدثنا سابقاً في هذه السلسلة عن فنزويلا وكوبا ونتابع مع البرازيل المحطة الثالثة لسيادته.

تمتاز البرازيل عن بقية دول قارة أمريكا الجنوبية كونها البلد الوحيد الذي لم ينشئه المستعمرون الإسبان والتي لا تتكلم الإسبانية، بل كانت مستعمرة للبرتغال وتتكلم لهجة مشتقة من اللغة البرتغالية، لكن هذا الأمر لا يعني بأي حال تأثرها بدرجة أقل من بقية دول أمريكا اللاتينية بالثقافة واللغة العربية التي عرفت طريقها إلى القسم البرتغالي من شبة الجزيرة الايبيرية التي عرفها العرب باسم الأندلس، حيث كانت لشبونة عاصمة البرتغال إحدى حواضر الثقافة العربية الإسلامية الأندلسية جنباً إلى جنب مع قرطبة وإشبيلية وغرناطة وغيرها.

وكبقية دول أمريكا اللاتينية أيضاً شهدت البرازيل في أواخر القرن التاسع عشر هجرة عربية كبيرة جاءت بمعظمها من سورية ولبنان، وازدادت بشكل ملحوظ في القرن العشرين، وكانت متمركزة في ولاية ساو باولو، وبعد ذلك امتد العرب إلى ولاية ميناس جيرايس، وريو دي جانيرو وأجزاء أخرى من البرازيل، ويقدر عدد المهاجرين العرب إلى البرازيل بحوالي المليون ونصف، فيما يبلغ عدد المواطنين المتحدرين من أصول عربية بحوالي عشرة بالمائة من السكان في البرازيل، ولهم العديد من الأندية والمستشفيات والمراكز الثقافية في المدن الرئيسية، مثل ساو باولو وريو ديجانيرو وبرازيليا، حيث تقوم هناك الأندية السورية والحمصية والحلبية، وكانت قد صدرت العديد من الصحف والمجلات باللغة العربية والبرتغالية، منها اليوم مجلة «الشرق» ومجلة «حمص»، كما أن النادي الرياضي السوري الي تأسس عام 1914 في مدينة ساو باولو يعتبر من أنشط الأندية.

تشهد العلاقات السورية - البرازيلية في وقتنا الحاضر دفعات قوية إلى الأمام، حيث قام الرئيس البرازيلي «لولا داسيلفا» بزيارة إلى سورية في كانون الأول 2003 أجرى خلالها محادثات مع الرئيس بشار الأسد حول التعاون بين البلدين في كافة المجالات وفي المحافل الدولية إضافة إلى القضايا الإقليمية والتعاون الاقتصادي بين دول المنطقة وأمريكا الجنوبية.

كما استقبل الرئيس الأسد مع وزير الخارجية البرازيلي «سيلسو نونس دو اموريم» في مطلع 2008 وبحث معه توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات المختلفة.

وترتبط سورية والبرازيل باتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجالات الثقافية والتعليمية والسياحية والرياضية والتشاور السياسي بين وزارتي الخارجية.

وتأتي هذه اللقاءات والنشاطات التشاورية بين البلدين من ضمن النظرية السياسية الجديدة للبرازيل القائمة على فكرة الجنوب – جنوب، أي قيام تعاون اقتصادي وسياسي وتنموي بين الدول الأقل تقدماً يسمح لها بالاعتماد على ذاتها لتطوير قدراتها بدل الاعتماد إلى ما لا نهاية على المساعدات المقدمة لها، وزيادة دور هذه الدول في المنظمات والمؤسسات الدولية بما يعبر جيداً عن الجغرافيا الجديدة السياسية والاقتصادية التي يعيشها العالم في بداية القرن الحادي والعشرين، ويعكس الطموحات لخلق عالم يكون فيه صوت الجميع مسموعاً أكثر، وقد تمثل هذا الأمر بشكل واضح في محاولة البرازيل إلى جانب تركيا للعب دور وسيط وتقديم اتفاقية تحل مشكلة الملف النووي الإيراني.

كما تقوم البرازيل بدعم الحقوق العربية وتؤكد على ضرورة عودتها إلى أصحابها وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجولان السوري المحتل حتى حدود الرابع من حزيران 1967.

وقد تلاقت الرؤية البرازيلية للنظام العالمي الجديد مع ثوابت السياسة السورية القائمة على الحوار مع جميع دول العالم وضرورة احترام المصالح الوطنية للدول وخلق وسائل لتحقيقها بعيداً عن سياسة الإملاءات والضغوطات وفرض الرؤى والسياسات من قبل الدول الأكبر على الدول الأصغر، مما يعني وجود آفاق واسعة للتعاون بين سورية والبرازيل في المحافل الدولية.

أما في المجال الاقتصادي فالبرازيل التي تضم ضمن حدودها السياسية «رئة العالم» المتمثلة في أدغال الأمازون التي تنتج قسماً كبيراً من الأوكسجين وتستوعب غاز ثاني أوكسيد الكربون، والقوة الاقتصادية الأولى في أميركا اللاتينية وثامن أكبر اقتصاد في العالم، تعتبر عالمياً من رواد انتاج الطاقة البديلة عن الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز الطبيعي) الذي يعتبر المسبب الأكبر لظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي، وهي تستطيع أن تقدم خبراتها في هذا المجال لمساعدة سورية التي تسعى إلى إيجاد مصادر جديدة للطاقة بديلة عن النفط والغاز.

ونختم بقول رئيس مجلس النواب الاتحادي البرازيلي وهو رئيس حزب الحركة الديمقراطية بالبرازيل: «إن زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى البرازيل من شأنها نقل علاقات البلدين إلى أفق جديد يتناسب مع طبيعة علاقاتهما وثقلهما السياسي والاقتصادي والثقافي وصولاً إلى مستوى استراتيجي يحقق تطلعات الشعبين ومصالح البلدين ومنطقتي الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية».

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.