تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عناوين الزيارة التاريخية للرئيس الاسد الى امريكا اللاتينية

أجمع المراقبون السياسيون والاعلاميون على إطلاق وصف "التاريخية" على جولة الرئيس بشار الأسد إلى عدد من دول أمريكا اللاتينية ـ وهي شملت تباعاً فنزويلا وكوبا والبرازيل والأرجنتين ـ ودون أي تردد وبكل موضوعية  يكمن سبب اعطاء هذه الزيارة تلك الاهمية لانها  الزيارة الأولى من نوعها لرئيس سوري إلى بلاد الجنوب الأمريكي التي شملت هذا العدد من الدول، والتي حققت عدداً كبيرا  من النتائج الهامة يمكن تفصيلها إلى سياسية واقتصادية وأخرى اجتماعية ترتبط بالجاليات السورية الموجودة في تلك البلدات والتي سيكون لها أيضاً انعكاساتها السياسية والاقتصادية.

ففي المجال السياسي، حققت سورية حضورا لافتاً في أمريكا الجنوبية، وأسهمت زيارة الرئيس الأسد في زيادة إدراك هذه الدول لمشاكل منطقة الشرق الأوسط وفهم القضايا العربية والإسلامية، مما مهّد وسيمهّد لمواقف أكثر إيجابية وتعاطفاً مع قضايانا المحقة والعادلة، ولاسيما في تحرير الأراضي العربية المحتلة من قبل العدو الإسرائيلي.

كما أدت زيارة الرئيس الأسد إلى هذه البلدان إلى خلق قواسم ومواقف مشتركة حيال الملفات والمواضيع الحساسة على الساحة الإقليمية والدولية؛ سواء من الصراع العربي الإسرائيلي أو من الملف النووي الإيراني أو لجهة تنسيق المواقف والتعاون الثنائي والإقليمي لبلورة نظام عالمي جديد سمته الرئيسية "التعددية القطبية"، يهدف إلى تحقيق السلام والأمن الدوليين، ويسعى لتجنب حدوث الحروب ولمنع حصولها أو التهديد بها. عالمٌ تسوده العدالة وحكم القانون اللذين يفرضهما المنظمات الدولية وهي اليوم  تعاني مشاكل جمة في فقدان دورها ومكانتها بسبب خضوعها لنظام هيمنة يرفض الا فرض رأيه  و رؤيته ومصالحه على الاخرين  وهذا يستدعي العمل والتعاون من أجل  إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وفي هذا السياق، دعمت سورية، مثلاً، حق البرازيل في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن ليصبح أكثر تمثيلاً للعالم من النواحي الجغرافية والسياسية.

 

ولأن التـوافـق السـياسـي يتطلّب تطوير العلاقات الاقتصادية، فقد وقعّت سورية مع كل من فنزويلا وكوبا والبرازيل والأرجنتين عدداً من الاتفاقيات في مجالات الصحة والزراعة والتعاون الفني والقضائي والإعلام والتجارة والجمارك والنقل...الخ.

لكن الأهم ان سورية حصلت على دعم عدد من دول أمريكا اللاتينية لتوقيع اتفاقية تجارة حرة بين سورية وكتلة «الميركوسور» بما يؤسس لشراكة إستراتيجية بين الطرفين، "الأمر الذي يمكن أن يسهم في دفع الروابط التجارية بين سورية ودول قارة أميركا اللاتينية" نحو آفاق جديدة تحقق المصلحة للجميع. وبكلام آخر، فإن سورية اتفقت وهذه البلدان على تكثيف العمل لتطوير العلاقات على الصعيد الاقتصادي ليرقى إلى مستوى العلاقات السياسية. وشددت هذه الدول على أهمية تشجيع الوفود التجارية والاقتصادية ورجال الأعمال على تبادل الزيارات والاستثمارات وإقامة مشاريع مشتركة. وكانت لافتة في هذا المجال، زيارة الرئيس الأسد لساو باولو وللمستشفى السوري اللبناني، الذي هو من أضخم المستشفيات في القارة الجنوبية، وتموله الجاليتان السورية واللبنانية وقد أنشئ عام 1921.

وبكلام آخر، فإن الجولة الرئاسية السورية وضعت الأسس، وطوّرت الموجود منها لعلاقات شراكة اقتصادية سورية أمريكية لاتينية، سيكون لها مردودها الكبير في المستقبل.

وإلى جانب العلاقات السياسية والاقتصادية، حملت جولة الرئيس الأسد بُعداً آخر تمثل في لقاء الجاليات السورية الموجودة في هذه البلدان، والتي اعتبرها الرئيس الاسد جسراً بشرياً بين الوطن الام والمغتربات. وهي بحق كذلك، لأنها جاليات كبيرة وأعدادها تتجاوز الملايين، ولأنها تتمتع بحيوية وثقافة وديناميكية وخبرة في كافة المجالات تؤهلها لأن تكون جسرا فعلياً تساهم في بناء بلدانها الجديدة، وتساهم في توطيد العلاقات بين الوطن الأم سورية وبين هذه البلدان.

ولقاء الرئيس بشار الأسد مع السوريين المقيمين في تلك البلدان، وهؤلاء المتحدرين من أصل سوري خلق حميمية بين الجانبين وعزز ارتباط المغتربين بوطنهم الأم سورية. وقد شاهدنا تهافتهم لاستقبال ولقاء الرئيس الأسد للتعبير عن المحبة له وتعلقهم بالوطن، والتقدير لمواقفه الحكيمة التي وضعت سورية في منزلة الدول الكبرى. وقد علقت الصحف أن الملامح السياسية لجولة الرئيس الأسد في أميركا تجلت بدعوته أبناء الجاليات، للعب دور سياسي وأساسي في تأييد الأطراف والرؤساء والأحزاب المساندة لقضايانا. وكان لافتا قول الرئيس الأسد في خطابه الموجه إلى أبناء الجالية السورية أن «جميع الدعوات التي تضمنتها كلمته موجهة أيضا إلى المغتربين اللبنانيين»، بما يؤكد النظرة القومية لسورية عند التعامل مع القضايا الهامة واتخاذ المواقف بشأنها.

إنها زيارة تاريخية بكل المقاييس، وستكون لها نتائج مهمة على المدى القريب والمتوسط، وعلى الصعيد الإستراتيجي.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.