تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نصر الله يفتح ثغرة في جدار التحقيق الدولي والخائفون يسفّهون المعطيات!!

استعرض السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في العنوان الأول من مؤتمره الصحفي ليل أمس الاثنين 9/8/2010، الأحداث والمعطيات التي رتّبتها إسرائيل منذ تسعينات القرن الماضي لاتهام حزب الله باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، عبر الدخول الإسرائيلي على خط الخلاف بين الحريري وحزب الله. واستعرض السيد نصر الله في العنوان الثاني وثائق وقرائن تؤكد اتهام حزب الله لإسرائيل باغتيال الحريري.

وشملت وثائق اتهام حزب لإسرائيل التأكيد أن الأخيرة تمتلك القدرة والفرصة على تنفيذ العملية ولديها المصلحة والدافع، فيما أكدت الوثائق أن البصمات الإسرائيلية والأسلوب الإسرائيلي كان واضحاً في التنفيذ. وإذ تناول نصر الله القرائن والمعطيات الموجودة ومنها ملف العملاء الكبير في لبنان، عرّج أيضاً على ملف الاتصالات اللبناني، حيث أن هذا القطاع مخترق كلياً من قبل المخابرات الإسرائيلية، ركّز على موضوع الاستطلاع الجوي الذي يعتبر حجر الزاوية في كل ما تقوم به إسرائيل في لبنان موضحاً أن إسرائيل رصدت طرق تحرك رفيق الحريري قبل اغتياله مرات عديدة، لافتاً إلى الحركة الجوية للطيران الإسرائيلي قبل وأثناء وبعد الاغتيال.

ولكن ماذا بعد عرض السيد نصر الله؟؟

السيد نصر الله نفسه أوضح أمس في مؤتمره الصحفي أنه "إذا تجاهلت المحكمة الدولية هذه المعطيات فهي ستؤكد قناعتنا بأنها مسيّسة". وبالتأكيد فإن ما قاله وما عرضه السيد نصر الله ألقى بمزيد من الشكوك الحقيقية حول حيادية لجنة التحقيق الدولية التي اتهمت سورية ولمدة أربع سنوات ثم انتقلت الآن لتوجه تهمة اغتيال الحريري إلى حزب الله.

ومهما يكن فإن القرائن التي قدمها السيد حسن نصر الله تثير الشكوك الجدية حول إسرائيل، وإذا كان كل ما عرضه لا يكفي لبناء شبهة ضد إسرائيل، فما الذي يصلح لذلك، لاسيما إذا أخذنا في الاعتبار أن نصر الله، وبسبب موقعه ومكانته، لا يمكن ان يقدِم على تقديم معلومات مزيفة، ناهيك عن المعلومات التي لم يكشف عنها وألمح إلى أنها موجودة ومتوفرة لدى حزب الله، ولكن لم يحن الوقت بعد لكشفها.

وفي السياق، لابد هنا من الانتباه إلى السياق التاريخي للأحداث للتأكيد على أهمية تسلسلها وترابطها والتمهيد الإسرائيلي المبكر لاتهام حزب الله باستهداف الرئيس رفيق الحريري وقبل عدة سنوات من تنفيذ الاغتيال.

وإذا كان لابد من الربط بين القرائن والمعطيات التي تم عرضها أمس، فإن هذه المهمة ليست من مسؤولية حزب الله ولا هي مهمة السيد نصر الله، بل هي مهمة لجنة التحقيق الدولية والمحكمة الدولية لتحويلها إلى أدلة دامغة. وإذا كانت خمس سنوات من عمر التحقيق الدولي قد ضاعت حتى الآن خلف شهود الزور، فإن ما قدمه نصرالله أمس يفتح مجالاً جدياً للبحث عن الحقيقة وليس عن كيفية إخفائها.

نقطة أخرى بيّنها السيد نصر الله هي موضوع العملاء الذين جندتهم إسرائيل لتحقيق غاياتها وأهدافها في لبنان. وقد قدّم هؤلاء دعما تقنياً ولوجستياً ومعلوماتياً وأمنياً وكانوا كما أثبتت التحقيقات معهم اليد الطولى لإسرائيل في تنفيذ عملياتها في لبنان، حيث شاركوا ونفذوا بعض الاغتيالات. والسؤال الذي يفرض نفسه، هو كيف يفرّ بعض هؤلاء إلى الخارج وإلى إسرائيل بالتحديد رغم الإخبار عنهم، ورغم سجن بعضهم لفترة معينة؟ من تواطأ معهم وسهّل وأمّن هروبهم؟ ولماذا لا تسعَ لجنة التحقيق الدولية إلى استجوابهم والاستماع إلى ما لديهم؟

أما المسألة الأخرى التي أكد نصر الله عليها، فهي أنه حمّل الحكومة اللبنانية مسؤولية التقدم باتجاه حزب الله للمطالبة بالحصول على ما لديه من قرائن وأدلة، ما عرضه وقدّمه وما لم يكشف عنه، في موضوع اغتيال الحريري للاستفادة منها في كشف الحقيقة.

المدّعون في قفص الاتهام:

لقد وضع الأمين العام لحزب الله أمس لجنة التحقيق الدولية والمحكمة الدولية والأطراف اللبنانية التي دأبت منذ اللحظة الأولى لاغتيال الحريري على اتهام سورية باغتياله ثم تحوّلت الآن لاتهام حزب الله بعد بطلان اتهامها لسورية، في قفص الاتهام وعلى هؤلاء جميعاً الآن إثبات مصداقيتهم وبراءتهم.

مطلوب الآن من لجنة التحقيق الدولية ربط القرائن ودراسة الأدلة والدفاع عن مصداقيتها التي تعرضت للطعن واهتزت أكثر من مرّة وفي أكثر من مرحلة من عملها، بدءا من اتهام سورية إلى موضوع اعتقال الضباط الأربعة الذين سجنوا لمدة أربع سنوات دون وجه حق، وصولا إلى الاعتماد على شهود التلفيق والزور الذين لا يزالون يسرحون ويمرحون ولا أحد يحاسبهم بعد كل ما قاموا به تضليل للتحقيق هم ومن خلفهم.

ومطلوب أيضاً من الأطراف اللبنانية التي نصبت نفسها قاضياً ومدعياً عاما وشاهداً ورتبت وفبركت شهود الزور وسعت لتركيب الاتهام ضد سورية ومن ثم ضد حزب الله أن تتمتع بالحياء قليلا وأن تتراجع عما اقترفته في الفترة السابقة وأن تتوقف عن إطلاق الاتهامات جزافا ضد حزب الله وقبله ضد سورية بناءً على لاشيء، والتوقف عن لعبة الإساءة لسمعة الآخرين بحجة الاتهام السياسي، والتوقف عن الهروب إلى الأمام لأنه لم يعد ينفعها بشيء.

ولكن الردود التي صدرت عن بعض هذه الأطراف، حتى قبل أن يعقد السيد نصر الله مؤتمره الصحافي أمس، وحتى قبل أن يعرض القرائن والمعطيات، ورفضها وتسفيهها لكل ما قدمه يؤكد أنها ليست في وارد مراجعة موضوعية لمواقفها السابقة، ويؤكد أنها ماضية في تزوير الوقائع والشهود وتلفيق الأكاذيب وتضليل التحقيق وبالتالي تغييب الحقيقة ونسفها وليس كشفها كما تدّعي.

ولعله من المستغرب، في هذا المجال، أن تعطي بعض الأطراف اللبنانية لنفسها الحق في توجيه الاتهام السياسي دون دليل ودون قرينة، لسورية كدولة ولحزب الله كطرف لبناني وكمقاومة، فيما من غير المسموح به لحزب الله اتهام إسرائيل بقرائن ووقائع وأدلة.

لقد نصح السيد وليد جنبلاط، أمس، الأمانة العامة لـ«14 آذار» وكان أحد أطرافها ذات يوم، بالوقوف لحظة تأمل وبمراجعة مواقفها للوصول الى العدالة «نريد جميعاً الوصول للحقيقة وليس ان تغير مجراها وتوصل البلاد الى الفتنة... يجب ان نتذكر أن ما أدى الى هذه الكارثة كان القرار 1559 ولحصوله كان لا بد من اغتيال الحريري». واعتبر جنبلاط ان القرائن التي قدمت أمس فتحت بابا عريضا في ما يتعلق بكيفية حصول جريمة اغتيال الحريري.

أما إسرائيل، المخطط والمنفذ للاغتيالات في لبنان وخارج لبنان، والتي بدأت قبل فترة التهويل بالقرار الظني الذي سيصدر عن المحكمة الدولية، وبالفتنة القادمة إلى لبنان، فقد بدأت أمس تعيد حساباتها، بعدما أفشى السيد نصر الله سرّاً يمكن أن يشكل فضيحة للوسط الأمني والاستخباراتي الإسرائيلي، عبر استخدام الصور الجوية للطيران الإسرائيلي، وهي مسألة لابد وأن يكون لها أكبر التداعيات في إسرائيل.

كلمة أخيرة:

يبدو أن المصيبة في بعض الأطراف اللبنانية أنهم يعودون بنسبهم لأهل مرو. فكما قال المروزي للعراقي: لو خرجت من جلدك لم أعرفك، يبدو ان أهل الفتنة والاتهامات المسبقة في لبنان لا يريدون تصديق أي شيء غير الذي يريدون تصديقه. ومن يستطع ـ أياً يكن ـ إقناع من لا يريد الاقتناع!!

مهما يكن، فإنه بعد مرور خمس سنوات على اغتيال الحريري يمكن القول إن هناك تواطأ دوليا, أممياً ضد لبنان، والمحكمة الدولية المتآمرة ترتدي لباساً سياسياً ناعماً، وهذه الأطراف اللبنانية تمثل جسراً وامتداداً للدور الخارجي. وإذا كان لابد من تغيير هذا الاعتقاد فلا بد من أخذ ما طرحه السيد نصر الله بالاعتبار سواء في موضوع التصوير الجوي أم في موضوع شهود الزور والعملاء. وأي قرار ظني دون التحقيق مع إسرائيل ومع شهود الزور هو قرار مسيّس.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.