تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

شركات نقليات هوب هوب ترحّب بكم!!

حدثتني صديقة طرطوسية عن رحلة قامت بها مع خطيبها الحمصي على متن خطوط شركة نقليات ق. من دمشق إلى الدريكيش حيث تأخرت الرحلة أكثر من ساعة ونصف عن الوصول في الموعد المحدد. والمشكلة ليست في التأخير فقط، لأن هذا لم يزعج الخطيبين الجالسين جنباً إلى جنب. ولكن ما أزعج الخطيبين وركاب الرحلة هو الحرارة داخل الباص وانعدام الخدمات والأكثر من كل ذلك رائحة الدخان التي تصاعدت من مؤخرة الباص وكادت تصيب الجميع بالإغماء. وعلق الخطيب الحمصي بأن الماء الذي يقدمونه في الرحلة ساخن لدرجة كافية لشرب "المتة". لكن الخطيبة الطيبة لم تحضّر نفسها للموقف المفاجئ ولم تصطحب معها عدة "المتة". والمهم أن الخطيب الحمصي العاشق لم يحمّل خطيبته مسؤولية سوء خدمات الشركة ولم يعاتبها على ذلك.

وبعد أن عانى الركاب من ارتفاع الحرارة، اضطر معاون السائق لفتح فتحات التهوية في سقف الباص، وعندها بدأ أكل البذر وتجاذب أطراف الحديث بين الركاب وارتفعت الأصوات وعلت صيحات الترحم على أيام "الهوب هوب"، ولولا مرسوم منع التدخين لبدأ الناس بالتدخين.

حقاً السفر مع نقليات ق. لم يعد ترفيهياً ومريحاً، بل أصبح متعباً ومزعجاً، والقصة السابقة حقيقية جرت في إحدى الرحلات، وليست من نسج الخيال، ومن لا يصدق ما يعانيه المواطنون من ترهل باصات شركات النقل، فليجرّب السفر على متن  احدى  باصات شركة ق... مثلا

ارتفاع في الأجور وانخفاض في الخدمات؟

عندما تم الترخيص للعديد من شركات النقل العام في سورية قبل عدة سنوات، كان الهدف أن تقدم هذه الشركات خدمات أفضل للمواطنين في مجال الراحة والأمان والسلامة ومواعيد الوصول وأن يتم التعامل مع المواطن باحترام ولياقة. وقد سُمِح للشركات بتقاضي أجور نقل أعلى وأحيانا مضاعفة عن أجور النقل العادية "الهوب هوب". وقد بدأت معظم الشركات بدايات موفقة، ثم بدأ انهيار مستوى خدماتها يظهر تباعاً، وبدأ التراجع في هذه الخدمات حتى انعدمت تقريباً.

ويمكن عرض مشاكل النقل التي تعاني منها باصات شركات النقل العامة التي تغطي معظم مناطق القطر بما يلي:

أولاً، التأخر في الوصول في المواعيد المحددة بسبب الأعطال المتكررة وتوقف باصات النقل أثناء الرحلة الواحدة أكثر من مرّة، وغالباً لا تملك الشركة باصاً بديلا لإرساله لنجدة الباص المعطّل، ما يضطر الركاب إلى انتظار إصلاح العطل وتحمّل الكثير والتأخر في الوصول والمعاناة والتعب، أو البحث عن وسيلة بديلة سواء كان الوقت في الليل أو في شدة الحرّ، أو تحت المطر!!

ثانياً، تعطل التكييف في معظم الباصات، تعطلاً جزئياً أو كلياً، ولاسيما في الرحلات النهارية، حيث الحرارة تتخطى الـ/40/ درجة. وإذا كان السوريون من الشعوب التي لا تداوم على "الساونا" فإن السوريين اعتادوا منذ مئات السنين على حمامات المياه الدافئة في الجولان وفي تدمر حيث المياه الكبريتية. ولكن لم يعتد السوريون على الحمامات الشمسية في الأماكن المغلقة وبلباسهم الكامل والرسمي قبل وجود شركات النقل  .

في الرحلات النهارية وغيرها قد يكون هناك أطفال ومسنين ونساء ومرضى، والحرّ يشوي، لكن الشركات لا تأبه لذلك. والمشكلة تنعكس في الغالب على السائق ومعاونه اللذين يقع اللوم عليهما من قبل الركاب في كل ما يجري، لأنهما في الواجهة.

ثالثاً، خدمات الضيافة. عندما أُقرَّت أجور تعرفة النقل في الباصات الحديثة، كان القرار بناء على مستوى الخدمات التي ستقدمها، ومنها؛ علبة محارم صغيرة، زجاجة مياه صغيرة، قطعة "كيك" أو "سندويش" تعرّض الراكب للريجيم الطويل.. لم يعد هناك شيء يقدّم من هذا في المطلق حتى المياه تحولت الى ابريق ماء وكاسات بلاستيك يدور بها المعاون على الركاب اضافة الى حبة سكاكر من النوع العاشر توزع على الركاب وغالبا لاتوزع...

وما أبقت نقليات ق. عليه هو زجاجة ماء صغيرة يتم تقديمها أحياناً وليس دائماً وكأنها للدعاية. وإذا جرى وتمّ توزيع هذه الزجاجات على الركاب، فإن الركاب لا يستطيعون استخدامها إلا لحلّ حليب الأطفال لسخونتها... وحتى التلفزيونات التي تم تركيبها في الباصات فقد تعطل معظمها. أما الأفلام التي يتم عرضها ـ إن عرض أي فيلم ـ فهي مكررة ومملّة وقديمة وممجوجة ولا تناسب جميع الأعمار وخاصة الأطفال.. بالطبع نحن لن نتحدث عن تقديم القهوة أو الجرائد اليومية أو تعقيم المقاعد والأماكن أو بقية الخدمات التي يتم تقديمها في بعض الشركات الأخرى.

رابعاً، عدم الالتزام بالقوانين. إن قِدَم باصات النقل الجماعي لاغلب الشركات  واستهلاكها وتآكلها أدى إلى نتيجة أخرى هي الفوضى وعدم الالتزام بالقوانين. والمشكلة أن المواطن مضطر لاستخدام هذه الباصات لعدم وجود البديل لديه. ففي كثير من المناطق لا يوجد إلا شركة واحدة تؤمن النقل إلى العاصمة والمحافظات الأخرى، ولعل غياب المنافسة والمحاسبة هو ما يؤدي إلى تراخي الشركات الموجودة واستهتارها.

وأخيراً، يحق لنا السؤال: متى تتوقف الجهات الخدمية عن انتهاك أبسط حقوق المواطن العادي؟ فكما تريد الشركات تحقيق الربح والعائدية والاستمرارية، عليها أن تقدم خدمات مقابلة للمواطن لاتقل عن الحد الأدنى المتعارف عليه. لا يمكن للشركات أن تحافظ على امتيازاتها وتلغي الخدمات التي نالت ترخيصها وحددت أسعارها على أساس أنها ستقدمها.

حقوق المواطن أهم وأغلى..وأمن المواطن وسلامته وراحته أعز وأسمى.. وما نطرحه ونطالب به ليس إلا الحدّ الأدنى.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.