تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الهزيمةبدأت الآن.. في العراق يوم فرٌ وغده كرُِ

مصدر الصورة
sns - العرب أونلاين

 

محطة أخبار سورية

ها هو إمبراطور البيت الأبيض يعلن وعلى رؤوس الأشهاد بأن " الحقيقة الصعبة أننا لا نرى نهاية للتضحيات الأمريكية الكبيرة التي يقدمها الجيش الأمريكي في العراق .. "بمعنى أن المهمة القتالية انتهت بالفشل، لان الثمن كان باهظا وهو مازال يدفع ومن دون ضمانات للحفاظ على المكاسب المؤقتة التي تحققت لأمريكا وإسرائيل، في العراق، من جراء تقويض كيان الدولة العراقية المناوئة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة.

 

مع نهاية آب سوف ينخفض عديد قوات الاحتلال الأمريكي إلى حوالي 50 الف، وبحسب برنامج الانسحاب المعلن فان نهاية 2011 ستكون شاهدا على رحيل كامل لتلك القوات، الى جانب رحيل الآلاف من مرتزقة شركات الحماية الخاصة المتعددة الجنسيات والمنسقة عملياتيا مع القوات الأمريكية.

 

ومن الواضح ان الثلاثي الامريكي ـ وزارة الدفاع والخارجية ووكالة الاستخبارات السي اي اية ـ ومنذ اكثر من سنة قد انجزت خطة متكاملة تبتغي الإمساك بالمفاصل الامنية الحاسمة داخل العراق، ومن بناء شبكة استخبارية خاصة بها تعتمد على ولاء اجهزة الظل ذات الطابع العراقي، والمشكلة تحت اشراف وتجهيز امريكي خاضع لمراكز التدريب والاستطلاع الاستراتيجي المستبقية في العراق والمدعومة بقوى قتالية نوعية لا تتعدى اعدادها بضعة الاف من المقاتلين والفنيين، بدعم جوي متحرك يجري التحكم به بواسطة الاقمار الاصطناعية وعبر مراكز التخطيط والسيطرة والاتصال الاقليمي في البحرين وبتسهيلات توفرها اجهزة تقوية في التحكم العملياتي داخل السفارة الامريكية في بغداد وداخل القنصليات الامريكية المنتشرة في جنوب ووسط وشمال العراق، اما تجمعات القوى العسكرية النوعية فستكون محصنة بقواعد مجهزة وقابلة لاستيعاب اضعاف اعدادها المستبقية وهي موزعة جغرافيا على المناطق الحساسة جنوب و شمال بغداد وقرب كركوك والموصل !

 

سياسيا جرى استبقاء العراق خاضعا لقيود البند السابع ولاجل غير مسمى، وذلك حتى تتكامل صورة ضمانات عدم انحراف العملية السياسية التي اسسها الامريكان في العراق والتي فصلت لاستبقائه على حالته المتشظية والضعيفة والتابعة، وما نشهده اليوم من هندسة امريكية لشكل الحكومة القادمة والكيفية التي تجري فيها الامور بين الاطراف المتصارعة على السلطة الناقصة في العراق، دليل صارخ على ان كل الذي جرى ويجري من انتخابات واستفتاءات واقرارات لدستور دائم وقوانين وتشريعات انما هو عبارة عن ديكور خارجي مزركش بمداد غير ثابت يتماهى في جوهره مع المحتوى الداخلي لاجندة التصير المرسوم مسبقا.

 

الاتفاقية الاطارية ـ الاستراتيجية ـ والتي احتوت في جزء منها على الاتفاق الامني طويل الامد، والذي تضمن المفردات الواضحة للانسحابات الامريكية الخشنة من العراق، هذه الاتفاقية التي وقعت في زمن بوش، لم ينحرف اوباما عن مضمونها قيد انملة، فعندما نجري مقارنة جوهرية بينه وبين سلوك سلفه سنجد بان الاختلاف الملموس ينحصر فقط في استعجال مواعيد الانسحابات الخشنة نتيجة الارتفاع الباهض للخسائر الامريكية بشريا وماديا، خاصة وان امريكا تعيش في زمن الاخير، ازمة اقتصادية عميقة، وانها لا تتحمل ورطتين وفي آن واحد، ورطة في افغانستان واخرى في العراق.

 

لا لن تستدرج المقاومة العراقية الاصيلة الى مستنقع العملية السياسية اللاوطنية، فهي متفسخة لا محالة مع انكشاف ظهرها المسنود بالتواجد المباشر للقوات المحتلة، وكيفما حط ازلام الاحتلال ركابهم الحكومي، فانهم يبقون جزءا اصيلا من المشكلة وليس الحل !

 

الانسحاب الامريكي الجزئي هو نتيجة من نتائج مقاومة اهل العراق ومن المنطق النضالي جعله عنوانا لحسم المعركة واستكمالها بهزيمة كاملة للغزاة ومرتزقتهم من مجندي الشركات الامنية، وكل ايتام الاحتلال من طائفيين وعنصريين !

 

ان الدعوة لتفاهمات وطنية غير مشروطة بين كل القوى العراقية المؤمنة بالمشروع الوطني لبناء العراق وفق عملية تأسيسية قائمة على دعائم المواطنة لا غير، بحقوقها وواجباتها وعلى ضوء البرامج السياسية وليس فكرة الكانتون الطائفي اوالعرقي، ستكون حتما هي المدخل للبداية الجديدة بعد تحرير العراق من محتليه !

 

المساءلة القضائية الحقة للقتلة واللصوص واجبة على فترة مابعد الاحتلال بكل جوانبها مثلما هي واجبة على فترة ماقبله !

 

لا اجتثاث واستأصال واحتكار للعمل السياسي، وحرية العمل للجميع مقرونة باعتصامهم بحبل القانون ودولة المؤسسات قولا وفعلا، دولة المواطنة الواحدة لاستكمال طريق التحرر واعادة البناء !

 

اعادة الاعتبار للجيش العراقي الوطني، والغاء قانون حله، واعادة تشكيلاته الى الخدمة وتحديث تسليحه ودمج التشكيلات الحديثة به وجعل عقيدته الوطنية سد منيع بوجه المتصيدين من دعاة التقسيم، هو هدف وطني كبير لا بد من انجازه، فالجيش العراقي ركن اصيل وثابت من اركان الدولة العراقية الحديثة، ان تفرغ الجيش لاختصاصه الدفاعي يستدعي جعله حارسا محايدا للعمل الوطني، ويستدعي عدم تدخله بشؤون الحكم، ويستدعي اعادة الاعتبار لقانون خدمة العلم ـ الخدمة الالزمية المقيدة.

 

شعب العراق بكل تضاريسه هو سيد البلاد وهو اعلى سلطة فيها، وممثلوه المنتخبون في اجواء من الاستقرار والحرية المكفولة قانونيا وفعليا هم من يشرع له، وعلى اساس من الكفاءة والنزاهة يجري تعيين الحكومة المنفذة!

 

لا لشخصنة الافكار، ولا لفكر الاستاصال، البعث " العراقي اوالسوري " يحمل فكرا سياسيا مثله مثل الشيوعي والاسلامي والليبرالي، له الحق بالبقاء رغم جرائم من عمل باسمه ولكل جريمه عقاب، وذات الشيء بخصوص الاحزاب الاخرى، ميزان الجميع سيكون الالتزام بقوانين دولة المؤسسات التي يؤطرها نهج واضح ونزيه مشروط بقانون تكافوء الفرص والتداول السلمي للسلطة !

 

لا انتخابات عادلة وديمقراطية حقا بدون حرية سياسية مصانة من مؤسسات محايدة ترتبط بالدولة الوطنية ـ دستورا وجيشا وقضاءا مستقلا ـ ولا تتلون بتلون السلطة فيها، فاحزاب السلطة اليوم هي الدولة وبالتالي هي الخصم والحكم، وهذا الحال يفرغ اي انتخابات او استفتاءات من محتواها الاختياري لانها تأسست على مبدأ احتكار السلطة الذي يستنسخ نفسه مع كل دورة لاعادة تقسيم الحصص الطائفية والعرقية وتحت مسميات شكلية مموهة خالية من المضامين الحقيقية لها !

 

الاحزاب الوطنية التي تتعامل مع العراق كدائرة انتخابية واحدة، والاحزاب المحلية التي ينحصر عملها على مناطق بعينها من المحافظات بدوائر انتخابية جزئية، يجب ان تسلم بانها جميعا مفتوحة لجميع العراقيين كهوية متقدمة على كل الهويات البدائية الاخرى كالطائفية والعشائرية والعنصرية، وتنبذ الاحتكار والاقصاء في الفكر والممارسة !

 

البرلمان الوطني العراقي يشرع لكل العراقيين، وحكومته تنفذ قوانينها على كل العراقيين، الامن والدفاع والتخطيط والثروات الطبيعية والعلاقات الخارجية والمالية كلها من اختصاصات الحكومة المركزية، وكل الشؤون الاخرى من اختصاصات السلطات المحلية بالتعاون مع المركز.

 

للعراقي كل الحقوق الطبيعية والمثبتة بلائحة حقوق الانسان بما فيها حق التنقل والعمل والسكن في اي محافظة من محافظات العراق، مضافا لها ما يكتسبه من حقوق اضافية يشرعها برلمانه، فحق التدين مكفول للجميع وحق اللا تدين ايضا مكفول، ولا تمييز امام القانون على اساس الجنس واللون والرس !

 

كل الخلافات مسموح بها الا الخلاف على وحدة العراق واستقلاله وحقه في التعبير عن نفسه، فمن لا يؤمن بوحدة هذا الشعب وارضه ارض سومر وبابل واشور ارض ولايات البصرة وبغداد والموصل المربوطة ربطة الجسد بالقلب ـ بغدادـ هو جدير بالعزل القانوني والشرعي ومن الواجب تعريته حتى يشهر افلاسه !

 

لا مصالحة وطنية حقيقية في ظل سلطة طائفية وعنصرية متخادمة مع المشروع الامريكي في العراق !

 

ان شأن الثروات الطبيعية كشان القطاع العام غير قابلة للخصخصة والتملك الاجنبي، هي ارصدة واصول ثابتة ومصيرية من الواجب استثمارها وطنيا وتحسين ادائها لتكون الرافعة المادية للنهوض بالاوضاع الماساوية التي يعيشها الشعب العراقي ـ الذي كان ينتظررفعا للحصار الامريكي الجائر وليس احتلالا يجهز على ما تبقى من عمران وبقايا لحياة الانسان فيه ـ ليتسنى له اعادة اعمار نفسه وبلاده ومن كل الوجوه، صناعيا وزراعيا وصحيا وتعليميا وثقافيا وخدميا ونفسيا!

 

من يدعي الوطنية حقا عليه مطالبة المحتلين بتعويضات كاملة عن الخراب الذي سببوه للعراق وشعبه، وكما تطالب الكويت بتعويضاتها التي تعتبر مشروعة فان على العراق مطالبة الامريكان بالتعويضات التي تقدر حتى الان بعشرات الترليونات من الدولارات، وعليه يجب مكاشفة الداخل والخارج بالحقائق المريرة التي تعيشها البلاد، عن حجم الدمار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والنفسي والعسكري الذي سببه الاحتلال، واقله التلوث الاشعاعي المسبب بقذائف المحتلين المشبعة بالعناصر المشعة والمحرمة دوليا، والذي يصعب معالجته وازالة اثاره، ان كوارث احتلال العراق اكبر من ان يتحملها شعب العراق لوحده، وعليه فان التمسك بحق التعويضات مطلب وطني لا تنازل عنه رغم ان الذين ذهبوا لا يعوضون وهؤلاء فقط اكثر من مليون ونصف شهيد وملايين الايتام والارامل والمهجرين والمعاقين، ناهيك عن الانتهاكات والممارسات المشينة لمئات الالوف من المعتقلين في سجون الاحتلال واتباعه ـ ابوغريب والمطار وبوكا وغيرها ـ !

 

من يدعي الوطنية عليه ان يعمل لالغاء كل الاتفاقات الجائرة ـ المعاهدة الامنية مع الامريكان ـ التي ربطت مصير العراق بالمحتلين، بحجج واهية اثبتت التجربة بطلانها كاخراج العراق من البند السابع، واسقاط الديون والتعويضات، وحماية ارصدة العراق في الخارج . . . !

 

من يدعي الوطنية يعمل لاسترداد حقوق العراق المهدورة من قبل بلدان الجوار الجغرافي وتحديدا ايران والكويت وتركيا كقضم الاراضي الحدودية والسرقات النفطية والمائية، ان السكوت على احتجاز ايران لاكثر من 150 طائرة عراقية وتلويثها لمياه شط العرب ورعايتها لامراء الميليشيات في العراق هو نوع من المساومة على الوطنية العراقية !

 

العراق المسالم المتسامح مع جيرانه والمنفتح على العالم لا يعني البتة ان يكون عاجزا عن المطالبة بحقوقه المشروعة ولا ان يكون خانعا لتجاوزات الاخرين، وانما هو الساعي لتسوية القضايا العالقة بروح الحكمة والعزة والمصلحة المشتركة !

 

الوطنية العراقية وحدها قادرة على التعامل مع التجاوزات الايرانية وردها الى نحور اصحابها، فالعراق الموحد المستقل القوي والحكيم والراسخ بخيارات شعبه عدلا وديمقراطية حقيقية سيكون حتما هو المضاد الحيوي لكل فيروسات الفتن المعدية القادمة من الجوار او من الكيان العنصري الصهيوني بؤرة العدوان والتأمر الأصيل في المنطقة !

 

التفاعل مع قضية المهجرين العراقيين في الداخل والخارج والعمل على تكامل الجهود لتامين عودتهم واسترداد حقوقهم المنزوعة، لتتكفل الدولة ما يلزم لتحقيق هذا الهدف الملح، والذي سيساهم بعودة الكفاءات والأيادي الماهرة للمباشرة بتنفيذ خطط إعادة الإعمار كواقع ملموس وليس كشعارات جوفاء !

 

العمل على استرداد أموال العراق المنهوبة من قبل المحتلين وأعوانهم ـ أفراد وأحزاب وشركات ـ وعليه يلزم ملاحقة كل من مد يده للمال العام الثابت والمنقول ـ العتاوي الكبار ـ ومحاسبتهم، بما فيهم الذين هربوا الأموال المسروقة للخارج !

نقلا عن العرب أونلاين.... جمال محمد تقي

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.