تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الثقافة السياحية والسياحة الثقافية

 

تعجّ سورية بالأماكن الأثرية والتاريخية التي يتجاوز عددها أكثر من /3000/ موقع تعود لخمس حضارات متعاقبة. وهذه الأماكن تنتشر في مختلف أرجاء سورية من شرقها إلى غربها ومن جنوبها على شمالها، ولا تكاد تخلو منطقة في سورية من آثار عريقة تعود لحقبة تاريخية معينة.

 

وفي جولة سريعة حول سورية يمكن الإشارة إلى العديد من المواقع الأثرية والسياحية في غيض من فيض؛ ففي دمشق وريفها قلعة دمشق وأسواقها والجامع الأموي وكنيسة حنانيا ومعلولا وصيدنايا، ودير مار موسى في منطقة النبك؛ وفي حلب قلعة حلب وأسواقها؛ وهناك قلعة معرة النعمان ومتحفها والمدن الأثرية وتل مرديخ ومملكة ابلا وسرجيلا في إدلب؛ وعلى الشاطئ قلعة المرقب وقلعة أرواد وبرج صافيتا في طرطوس؛ وفي اللاذقية قلعة صلاح الدين ومدينة أوغاريت حيث أول أبجدية في العالم. وفي الشرق نجد مملكة ماري وحضارتها وحلبية وزلبية في دير الزور وقلعة جعبر في الرقة. وفي الجنوب، مدينة بصرى ومدرّجها الشهير في السويداء وفي الوسط نواعير حماة وقصر ابن وردان.. وغيرها الكثير من المواقع الخالدة بروعتها التي تسحر الألباب.

ولكن الزائر إلى معظم هذه الأماكن يفاجأ بوجود أشخاص يعملون في هذه المواقع الحسّاسة، وهم لا يعلمون عنها إلا القليل، مع أن المطلوب وجود أناس مدربين يتقنون لغات عدّة مهيأين لاستقبال الضيوف الذي يقصدون هذه المعالم من آخر الدنيا ومن كل البلدان ليطلعوا على الحضارة التي تمثلها.

فالزوار الذين يقصدون زيارة هذه المواقع، لابد وأنهم أناس معنيون بالثقافة أولاً وبالسياحة ثانياً، وهؤلاء لم يأتوا لمجرّد أن يروا الحجارة والبنيان القديمة، بل أتوا لمعرفة بقية قصة الحضارة التي ترمز لها هذه الشواهد الخالدة والتي سمعوا أو قرأوا عنها قبل قدومهم.

ولذلك فإن من الضروري وجود أشخاص "يحسنون الاستقبال" يتضمن أن تكون لديهم، إلى جانب "الاتيكيت" وحسن المظهر، الخبرة والمعرفة بالمواقع التي يُخصصون للعمل فيها. فالشخص الذي يعمل في بصرى أو في تدمر أو أي مكان آخر، يجب أن يكون قادرا على تقديم صورة حقيقية عن الموقع الذي يعمل فيه، وأن يكون مستعداً للتفاني في تقدير المسافة التي قطعها الزائر للوصول إلى ماري في أقصى الشرق أو جزيرة أرواد في أقصى الغرب، أو قلعة جعبر في الشمال.. وهنا تبرز أهمية الموظف الذي يملك الخبرة في المكان الذي يعمل فيه، وتبرز أهمية الدليل السياحي الذي يجب أن يتم إعداده بالشكل الأمثل وأن يخضع لاختباراتٍ في اللغة و"الاتيكيت" وفن التعامل، وفي المعلومات الأثرية وهذا هو الأهم، خاصة وأنه غالباً ما يكون هناك ضيوف من مستويات ثقافية رفيعة. ولا أظن أنه لدينا نقص في عدد الكوادر، بل ربما هناك نقص في إدارتها وحسن توزيعها على المواقع الأثرية.

مسألة أخرى تجب الإشارة إليها، هي غياب أو ضعف الجهود المبذولة من قبل المعنيين في السياحة والآثار، لإعداد وتجهيز هدايا تذكارية تمثّل هذه الأماكن الرائعة، يمكن الحصول عليها منها. مثلاً لماذا لا يتم  باشراف وزارتي السياحة والثقافة تنظيم موضوع ايجاد نماذج عن الآثار السورية منها مثلا  إعداد تمثال صغير يمثل ربة الجمال يباع في تدمر..أو مرآة نسائية صغيرة عليها صورة لربة الجمال… أو أيقونة تمثل دير مار موسى الحبشي… الخ. والهدف هو تزويد الزائر بأشياء تذكّره برحلته إلى سورية وتدعوه للعودة إليها هو وأصحابٌ له يتلقون بعض الهدايا منها فيرغبون بالقدوم إلى دمشق أقدم عاصمة في العالم لاتزال مأهولة على مرّ التاريخ.

ولا يعقل في هذا السياق مثلاً، أن يتم بيع "كنزات" أو قمصان عليها دعايات وإعلانات لشركة أمريكية أو أوروبية في المناطق السياحية!! ولا يعقل أيضاً أن يتم بيع الدخان المهرّب أمام قلعة الحصن أو ألبسة أوروبية أو عربية في أماكن أثرية أخرى. ولا يعقل أن يقتصر النشاط الترويجي أمام المواقع السياحية والأثرية على بضعة شبان يبيعون بعض الكوفيات والكنزات ويقرّرون السعر الذي يريدون تقاضيه ويلحقون بالضيف والسائح ويستمرون بالإلحاح عليه حتى يضطّرّ لشراء قطعة معينة وهو مرغم على ذلك بسبب الإحراج.

وتأتي النظافة؛ نظافة الأماكن الأثرية والسياحية لحمايتها وجعلها أكثر قبولاً وجذباً. فمن ذا الذي يكملُ زيارةَ موقعٍ أو مكانٍ يعجّ بالأوساخ والقمامة، ومن ذا الذي يعود إليه ثانية، أو ينصحَ أحداً بالقدوم إليه!! والنظافة تشمل أيضاً العاملين في المواقع الأثرية والبائعين أمامها وتعني أيضاً نظافة كل المرافق المتعلقة بها. ومع أن النظافة هي الشيء الطبيعي الذي يجب أن تكون الأمور عليه ولا حاجة للتذكير به، إلا أن الواقع مختلفٌ كثيراً في العديد من الأماكن والمواقع الأثرية والسياحية والمهملة هي أصلاً.

إن سورية تمتلك مواقع عديدة وثروة أثرية هائلة تعتبر جزءاً هاماً من تراث الإنسانية الكبير، وإذا ما أمكن استثمارها سياحياً وثقافياً فسيكون لها عائدات كبيرة ومضاعفة، تعادل مناجم النفط في بعض الدول، بل وتتخطاها. وتحسين وتطوير الخدمات المقدمة للسائح بحيث توازي أو تقارب جمال وتميّز وتفرد المقومات السياحية والأثرية الموجودة يحقق جذب عدد أكبر من السياح للبلاد، وهذا ما يضاعف الفوائد والعائدات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسياحة بمختلف أنواعها. وأين هي الحكومة بوزاراتها المعنية من قضية تنظيم السياحة وتحويلها الى صناعة حقيقية ترفد ميزانية الدولة بايرادات هامة ؟؟؟وهل سنكتفي ببعض البيانات التي تصدرها وزارة السياحة عن أرقام "عدادتها" لكل من يدخل سورية ويصبح  المغتربون والسائقون و العابرون وغيرهم رقما بين السواح القادمين الى سورية . وهل يكفي ان تقدم لنا السياحة أرقام المليارات التي اضيفت الى واردات الدولة دون أن أي منعكس لذلك على اقتصاد البلد؟؟؟

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.