تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عباس يذهب ضيفاً على مائدة الأمريكيين والإسرائيليين اللئام ومهمته "غسيل الصحون" بعد انتهاء الوليمة

عشية بدء المفاوضات المباشرة يوم غد الخميس بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "أن الهدف هو التوصل لاتفاق سلام يستند إلى الاعتراف بإسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي، ونهاية الصراع عبر إنهاء المطالب من إسرائيل" في إشارة إلى حق العودة للاجئين الفلسطينيين، إلى جانب إرساء ترتيبات أمنية ميدانية حقيقية لإسرائيل. أكثر من ذلك، فقد ذكرت مصادر إسرائيلية أن نتنياهو سيرفض أي تجميد جديد للبناء في مستوطنات الضفة، تاركاً البت بهذه المسألة إلى جلسات التفاوض المباشر.

بالمقابل، "أمل" رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في أن «نجد لنا في إسرائيل شريكاً قادراً على اتخاذ قرارات ومواقف جوهرية ومسؤولة نحو إنهاء الاحتلال وضمان الأمن الحقيقي لكلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي».

وهكذا، وفي قراءة بسيطة لاستعدادات الطرفين، قبل بدء المعركة التفاوضية، نجد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتصرف بشكل منهجي ومؤسساتي لتحقيق ما يريد؛ يرفع سقف المطالب والشروط ويستجمع كل الأسلحة السياسية والإعلامية والدبلوماسية والحصار والضغوط وسياسة الاستيطان وسياسة التفاوض على كل شيء لانتزاع المزيد من التنازلات وفرض الأمر الواقع والأهم الثبات على المواقف وعدم التراجع قيد أنملة عما يعتبره حقوق مواطنيه ودولته، وعدم الاكتراث لأي مطالب فلسطينية ولاسيما عودة اللاجئين الفلسطينيين. بل يكاد نتنياهو يضع في جيبه الصيغة النهائية التي سيفرضها على الجانب الفلسطيني كاملة قبل الذهاب إلى المفاوضات.

بالمقابل، يذهب السيد عباس إلى واشنطن منهكاً مشتتاً ضعيفاً مستجدياً؛ فقد تخلى عن سلاح المقاومة قبل بدء المعركة، بل وأدان أعمالها البطولية. وتخلى عن حق العودة لمواطنيه الذي يعانون الغربة والتشرد منذ أكثر من ستين عاماً، وعن معظم الأراضي المحتلة وعن القدس والأماكن المقدسة.. ورضي "بالبقايا" التي تركتها له إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة، ليس كرمى عينيه واحتراما له ولسلطته وإنصافاً لشعبه، بل لتجميل الاتفاق الذي سيوَقّع في النهاية ويشهدَ عليه عباس زوراً.

ويحقّ لنا أن نتساءل؛ ماذا أعدّ عباس استعدادا للمفاوضات؟ هل حمل خلفه تأييد الشعب الفلسطيني والوحدة الفلسطينية؟ كلا، لم يحاول حتى ذلك، بل إن الحديث يجري عن تنسيق عباس مع إسرائيل ضد الأهل في غزة لأنهم لم يسقطوا حكومة حماس المنتخبة ديمقراطياً لصالح سلطته الفاقدة الشرعية. هل حصل عباس على تأييد الدول العربية والإسلامية الفاعلة؟ كلا، وليس هناك أي إجماع على دعمه ودعم المفاوضات المباشرة، لا فلسطينياً، ولا عربياً ولا إسلاميا. ويمكن للمرء أن يسأل عن الدعم الذي يمكن أن يوفره حضور الملك الأردني والرئيس المصري "الصوري" إلى جانبه، مقابل الغياب الأوروبي الفاعل الذي فرضته إسرائيل والمضيف الأمريكي، ومقابل غياب التمثيل الفلسطيني والعربي أيضاً!!

يذهب السيد عباس إلى المفاوضات المباشرة أعزلاً إلا من المساومة والتسليم لمطالب العدو وتقديم سيل من التنازلات؛.... رئيسٌ منتهي الصلاحية لسلطةٍ منتهية الصلاحية، ومنذ أعوام. وهذه السلطة وعباس نفسه لا يمثلان أكثر من نفسيهما ولا يمثلان الشعب الفلسطيني لا في الداخل ولا في الشتات. فهما منعزلان عن هذا الشعب ومشاكله وهمومه وأزماته ومعاناته وفقره والضغوط والتحديات التي يواجهها ويعيشها كل يوم.

ربما السؤال الأوجه الذي يجب طرحه هو؛ هل كان بمقدور عباس ألا يذهب للمفاوضات المباشرة!؟ والجواب القطعي، كلا. لماذا؟ لأن الأوامر الغربية والأموال التي ترسل لسلطته للحفاظ عليه وعليها، وارتباطاته... وأشياء أخرى أصبحت معروفة للقاصي والداني، تمنعه من ذلك، لكن ليست المصلحة الوطنية الفلسطينية أبداً. فالمصلحة الوطنية الفلسطينية لا تتحقق بذهاب عباس إلى المفاوضات وحيداً مجرداً من أي قوة يحترمها الخصوم والأعداء وتحقق عودة الأرض والحقوق. ألم يقطع عباس دابر المقاومة في الضفة الغربية منذ ثلاثة أعوام وحتى الآن ليثبت الولاء والطاعة؟؟

لم يُبْقِ السيد عباس على أسسٍ للمفاوضات، ولم يلتزم بثوابت معينة تمكّنه من مقارعة العدو. لم يتمسك عباس بأي معايير ليركن إليها؛ خضع لكل المعايير الزئبقية التي أرادتها إسرائيل، وترك كل شيء معلقاً على التفاوض.. إسرائيل لم تحترم يوماً أي قرار دولي أو ميثاق أو اتفاق ولم تلتزم بأي عرف. فكيف ستلتزم إسرائيل بترك أي شيء للفلسطينيين بعد أن أعتقها عباس وسلطته من مرجعية وأسس السلام ومن كل الالتزامات والقيود ولاسيما حق العودة!! وهل ستجد  إسرائيل، لو خيّرت شخصا أكثرَ من عباس ودوره لإنقاذها وتعزيز صورتها وتجميلها في العالم بعد ان  انكشفت أمام العالم وتشوهت صورتها المزيفة خلال الأشهر والسنوات الماضية بسبب التصرفات والأعمال الإسرائيلية الهمجية والحرب على لبنان وغزة والقرصنة على ناشطي السلام في المياه الدولية..

يبحث عباس عن شريك في إسرائيل، بينما أعرب الزعيم الروحي لحزب «شاس» الإسرائيلي الحاخام المتشدد عوفاديا يوسف، عن أمله أن يختفي الفلسطينيون ومحمود عباس عن وجه الأرض وليضربهم الطاعون.  

ربما ضرب الطاعون رأس السيد عباس الذي قرر الذهاب إلى المفاوضات التي قررتها ووضعت برنامجها وحددت مسارها وتوقيتها ومكانها وغايتها وأهدافها ونتائجها جهات غيره. إنه ذاهب بأقل الأهداف وبلا مطالب وشروط وقد اشترطت إسرائيل كل ما تريد. تحوّل عباس شرطياً لإسرائيل في الضفة الغربية. قدّم كل شيء. تنازل عن كل شيء وعليه أن يكمل مسيرة التنازلات. السيد عباس يذهب ضيفاً على مائدة الأمريكيين والإسرائيليين اللئام ومهمته "غسيل الصحون" بعد انتهاء الوليمة. فهل ستجد إسرائيل أفضل من عباس للتفاوض معه!؟

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.