تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل هناك من يشاغب على الرئيس الحريري؟؟

مصدر الصورة
SNS

اعتبر كثيرون ان حديث رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى صحيفة الشرق الأوسط(6/9/2010)، واعترافه بخطأ اتهام سورية باغتيال والده رفيق الحريري وحديثه عن دور شهود الزور المخرّب للعلاقات السورية اللبنانية، محطة فارقة وخطوة أولى لتصحيح الأخطاء السابقة التي ارتكبها فريقه خلال السنوات الخمسة الماضية، سيتّبعها بخطوات أخرى.  ولكن تصريحات حلفاء الرئيس الحريري في قوى 14 آذار وبعض نواب تيار المستقبل الذي يرأسه، لم تسرْ بهذا الاتجاه. بل إن بعضها عاد لنغمة اتهام سورية باغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري وآخرين، في تحدٍّ واضح لما قاله السيد الحريري.

فقد ذكرت السفير9/9/2010، أن أولى إشارات التباين بين سعد الحريري وحلفائه المسيحيين في 14 آذار برزت من خلال الرد غير المباشر لسمير جعجع على حديث الحريري لصحيفة الشرق الأوسط بقوله إن الجهة الوحيدة المخولة بالتوصيف (في شأن شهود الزور) هي المحكمة الدولية وكل ما عدا ذلك تسميات تخص أصحابها.

وفيما فُسّر هجومه على سورية، في لحظته هجوماً ضد الحليف المظلة الواقية سعد الحريري، حمّل النائب نديم الجميل (يوم 14/9/2010)، سورية مسؤولية الاغتيالات في لبنان من بشير الجميّل إلى رفيق الحريري معتبراً أن تحقيق مشروع الهيمنة السورية، "اقتضى اغتيال بشير الجميل ... ورفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز.. ونحمل سوريا مسؤولية كل الاغتيالات".

وفي اليوم ذاته (14/9/2010) أكد وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور سليم الصايغ أن «لسوريا مسؤولية معنوية عما حصل ولو برّأتها المحكمة لأنها كانت سلطة الوصاية على لبنان»، معتبراً أن كلام الرئيس الحريري لصحيفة الشرق الأوسط "لا يغيّر في الوقائع شيئاً".

إن الخوض في تفسير هذه المواقف المناقضة لتصريحات الرئيس الحريري مهم جداً لأنه يجيب عن أسئلة كثيرة مطروحة حول مغزاها وأهدافها ودلالاتها، ويقدّم فكرة عمّا يجب فعله بشأنها:

أولاً، يرى البعض أن هذه التصريحات الصادرة عن حلفاء الحريري، تشير بوضوح إلى بداية افتراق بين هذه الأطراف بسبب السياسات الجديدة التي بدأ الرئيس الحريري انتهاجها لتحسين العلاقات مع سورية والسير تحت مظلة التوافق السوري ـ السعودي. ويرى أصحاب هذا الرأي ان حلفاء الحريري لا يؤيدون السياسة الجديدة له لأنها تضر بمصالحهم المرتبطة بمصالح جهات أخرى عربية وإقليمية ودولية. ويتخوف أصحاب هذا الرأي من أن هؤلاء سيحاولون أن تخريب ما بدأه الحريري صراحة أو من وراء الستار، وهذا ما يفسّر سبب استمرار تصريحاتهم المعادية لسورية والمقاومة في لبنان. وللتذكير فإن أياً من "آل الجميّل" مثلاً لم يتحدث يوماً عن مشروع إسرائيلي ضد لبنان أو عن هيمنة إسرائيلية على لبنان، مع أن الحروب الإسرائيلية والمدمّرة التي شنتها إسرائيل على لبنان لا تخفي نتائجها والمشروع خلفها.. اللهم إلا إذا كان آل الجميل ضمن هذا المشروع الإسرائيلي، وبذلك يمكن أيضاً فهم أن يتحدث سامي الجميل عن التعاون مع إسرائيل والمقاومة ضد سورية. ويكفي هذا للقارئ ليعتبر بنفسه ويقدّر خلفيات هذه التصريحات وهذا الهجوم.

ثانياً، البعض الأخر، يرى أن التصريحات الصادرة عن حلفاء الحريري تعكس توزيع أدوار بينهم أي بين أنصاره ونوابه، للقول إن الرئيس الحريري محشور أو إنه غير قادر على السيطرة على فريقه السياسي وبالتالي تجب مساعدته والوقوف بجانبه. ويعني بكلام آخر، ان على فريق 8 آذار وسورية تقديم المزيد من التنازلات، وتحمّل المزيد من الأخطاء ثم قبول الاعتذارات وكأن شيئاً لم يكن، فيما يستمر هذا الفريق السياسي باستثمار الوضع القائم وتحقيق مصالحه الخاصة على حساب سورية والمقاومة إلى أجل غير مسمّى..

ثالثاً، هناك من يرى أن الرئيس الحريري وبسبب الظروف الإقليمية والدولية والوضع السوري القوي والسياسات السورية التي أثبتت صوابيتها، أضطر إلى التراجع "المؤقت" أمام التحولات والتغيرات، ولكن إلى مرحلة معينة بانتظار حصول تبدّلات "ما" قادمة. وفي هذا السياق، وخلال فترة الانتظار، يجري التركيز من قبل حلفائه ونوابه على المقاومة والهجوم على سلاح حزب الله، فيما يواصل هو بث إشارات التهدئة والدعوة إليها واللعب على الحبال ريثما تحين اللحظة المناسبة لإظهار المواقف الحقيقية.

وبالنتيجة، وأياً تكن الأسباب وراء استمرار هجوم البعض في لبنان على سورية وعلى المقاومة، فإنه بات لزاماً على الرئيس الحريري فصل الخيط الأبيض عن الأسود وتحديد من معه ومن ضده ومن يتفهم ويتفاهم معه على سياساته ومن يعارض هذه السياسات ويقف في وجه تطبيقها. ولم يعد مقبولاً أن تستمر المواقف الرمادية الصادرة عنه أو عن المقربين منه، لأن سورية عندما فتحت قلبها له، استقبلته كزعيم لبناني وعربي ويمثل حكومة الوحدة الوطنية في لبنان وبالتالي هي تعتبر أن الرجل الذي يؤخذ من لسانه يجب أن تطابق أقواله أفعاله. وقد أكدت سورية في مناسبات عديدة أنها لا تريد الدخول في التفاصيل اللبنانية، ولا تريد أن تقف مع طرف ضد طرف، وأنه لا عودة للمرحلة السابقة، وعلى الجميع أن يفهم ذلك.

وفي ظل تحسين العلاقات السورية اللبنانية، على الرئيس الحريري محاسبة الذين يستمرون في التصويب على هذه العلاقات ووضع حد لتصرفاتهم وتصريحاتهم(بل وإبعادهم) حتى لا تسبب المزيد من الأذى والضرر لهذه العلاقات، وحتى لا تنعكس نتائجها عليه هو شخصياً، وحتى لا يُفهم أنه تراجع عما قاله لصحيفة الشرق الأوسط، فيما المطلوب "خطواتٍ" أكثر "جرأة" لتصحيح أخطاء السنوات الماضية عملياً على أرض الواقع ولمنع تكرار حدوث مثلها في المستقبل. ونلفت هنا إلى الشكوك التي أعلن عنها النائب في كتلة الحريري  محمد كبارة قبل يومين حول دور سورية، وذلك في إطار تعليقه على المؤتمر الصحفي للواء جميل السيد.. وكأن ما من شيء يتحرك في لبنان إلا بإذن سورية أو بأمر منها!!

وأكثر من ذلك، فإن نظرة عامة ومتابعة وبسيطة إلى وسائل إعلام الرئيس الحريري وتصريحات نواب تياره، وإعلام وتصريحات حلفائه، تجعل المرء يشعر أن الأمور لم تتغير كثيرا. وهذا له تبعاته بالتأكيد وهو لا يبشّر بالخير لمستقبل علاقات البلدين، لاسيما وأن من دأبوا على مهاجمة سورية والمقاومة في الماضي، ما زالوا هم من يدير الدّفة.. ويبدو أنهم قادرون على أن  يغيّروا الاتجاه عند أول خضّة بسيطة أو منعطف. وكلام الرئيس ميشال سليمان بالأمس(15/9/2010) كان واضحاً بشأن خطورة التصريحات المعادية لسورية التي يطلقها البعض في لبنان، وتأثيرها السلبي على العلاقات السورية اللبنانية، لاسيما بعد ان قطعت هذه العلاقات أشواطاً كبيرة إلى الأمام.

آن الأوان لوضع حدٍّ لاستغلال العلاقات السورية اللبنانية لأغراض داخلية لبنانية أو لأغراض إقليمية أو لتشويه صورة سورية ودورها والمشاغبة على مكانتها وسياساتها..وعلى السلطة التنفيذية في لبنان القيام بما عليها في هذا الشأن ودون تباطؤ..وإلا فليتحمل كلٌ مسؤوليته أمام التاريخ وأمام  شعبه وبلده ...

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.