تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

جنوب السودان يواجه مشكلات ما بعد الانفصال

مصدر الصورة
sns - العرب أونلاين

 

محطة أخبار سورية

بينما ينطلق مسؤولو جنوب السودان بسياراتهم الجديدة اللامعة على الطرق المليئة بالحفر يلوح السكان لهم وهم يهللون في فرحة غامرة بالاستفتاء التاريخي على الانفصال الذي حاربوا من أجله لسنوات.. لكن ربما يلعن هؤلاء يوما ذلك الاستفتاء وما نجم عنه.

 

وينظر الجنوبيون إلى هذا الاستفتاء على انه الخطوة الأخيرة على طريق طويل مخضب بالدماء نحو التحرر من قمع الشمال حيث خاضوا حربا منذ عام 1955 باستثناء سنوات قليلة. ويتوق أغلب الجنوبيين لليوم الذي يحكمون فيه أنفسهم بأنفسهم.

 

وفي حين يقف جنوبيون مبتهجون بصبر في انتظار الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء تحاول حكومة الجنوب شبه المستقل استغلال موجة من الدعم الشعبي للظهور بمظهر أبطال الدولة الجديدة.

 

لكن عندما تنحسر نشوة الاحتفالات بالاستقلال فإن ظروف الحياة في جوبا او في اي مكان من هذا الاقليم الذي مزقته سنوات الحرب ستكون صعبة للغاية وستتحول الآمال العريضة لدى الجنوبيين في بناء دولة جديدة من الصفر إلى عبء يثقل كاهل الحكومة الجديدة.

 

وقال الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر خلال زيارة "الجنوب لديه توقعات كبيرة لن تتحقق جميعها.. رفاهية اقتصادية شبه فورية وتعليم ورعاية صحية.. ولذلك سيكون هناك قدر كبير من خيبة الامل".

 

ويمثل التعليم الابتدائي في جنوب السودان واحدا من اقل النسب في العالم وكان التوصل إلى اتفاق السلام عام 2005 دافعا لالتحاق الكثير من الأطفال بالمدارس المكتظة في جوبا حتى ان أحد المعلمين طلب مكبرا للصوت كي يصل صوته إلى كل التلاميذ الذين اكتظت بهم فصول الدراسة.

 

كما يعاني الجنوب من واحد من اعلى مستويات وفيات الأمهات في العالم ويعاني سكانه من فرط الإصابة بامراض نادرة أو يمكن الوقاية منها.

 

وقال سائق حافلة صغيرة "لقد شقوا بعض الطرق وشيدوا بعض المساكن الجميلة لأنفسهم لكن انظر-- ما زالت مستشفى جوبا في حالة مزرية".

 

وكثيرا ما تتوقف اجتماعات الحكومة بسبب انقطاع الكهرباء التي تتوفر فقط لدى القلة المحظوظة. وتعتمد المدن التي وصلتها الكهرباء على مولدات كهرباء تعمل بالديزل لا يمكن الاعتماد عليها في غياب شبكة وطنية للإمداد.

 

والبنايات التي تتجاوز طابقين في جنوب السودان قليلة كما تستخدم فنادق كثيرة الخيام والمساكن سابقة التجهيز بدلا من الاستثمار في مبان ثابتة.

 

وظهرت في الشارع الرئيسي بمدينة جوبا بنايات ضخمة يمكن على الفور تصور انها تخص وزارات الجنوب. لكن الحقيقة انها مساكن تخص الوزراء الذي يتجول كثير منهم في الشوارع بسيارات دفع رباعي جديدة أو حتى سيارات من نوع هامر.

 

كما أن لدى المسؤولين الجنوبيين خطي هاتف محمول أو ثلاثة بسبب ضعف شبكات الهواتف.

 

وعلى الرغم من الاهتمام الكبير الذي يلقاه الإقليم من شركات الهواتف المحمولة تم منح التراخيص لشركات صغيرة ذات قدرات محدودة. بل أن احدى الشركات تستخدم مفتاح الاتصال الخاص بأوغندا وهو مفتاح يستحيل تقريبا الاتصال به من أغلب شبكات الهواتف المحمولة السودانية.

 

وتحاول جوبا جهدها لمكافحة الفساد الذي أطل برأسه بعد ان تولى متمردون سابقون الحكم في حكومة تملك تحت تصرفها ملياري دولار سنويا.

 

وأجبر مسؤولو المطارات الصحفيين الزائرين لتغطية الاستفتاء على دفع مئات الدولارات للسماح لهم بإدخال المعدات اللازمة للتغطية الصحفية.

 

لكن هذا امر بسيط. ففي عام 2008 وقع وزير المالية الجنوبي السابق عقودا لشراء حبوب للشعب الجائع بمبالغ تزيد على الميزانية السنوية للجنوب كلها. وكثير من هذه التعاقدات لم يتحقق. وينفي الوزير السابق ارتكاب اي مخالفات.

 

وأينما كان هناك تطبيق للقانون فإنه غالبا ما يتم بصورة عشوائية.

 

فقد اكتشفت النساء اللائي اعتقدن انهن افلتن من أحكام الشريعة بالنسبة للملابس في الشمال انهن كن مخطئات في الجنوب ذي الأغلبية المسيحية. ففي عام 2008 ألقي القبض على عشرات النساء في جوبا بسبب ارتدائهن السراويل كما تعرضت كثيرات مؤخرا للضرب أو الاعتقال بسبب ملابسهن.

 

وقالت بيتي ناموسوك الأوغندية التي تعرضت للضرب على يدي أحد رجال شرطة بسبب قصر سروالها أكثر مما يجب "في جوبا لا تعرف ما هو مسموح وما هو غير مسموح".

 

وتبنى الجنوبيون الذين عاشوا تحت حكم الشريعة الذي فرضه حكام الشمال وجهات نظر اكثر محافظة عن المجتمع بخلاف مئات الآلاف من اللاجئين الأصغر سنا الذين عادوا إلى ديارهم بعد انتهاء الحرب. وكثيرا ما تتصادم الثقافات المختلفة.

 

وحاولت الحكومة معاقبة افراد قوات الأمن غير المنضبطين لكن الغلبة ما زالت للسلاح. وفشل الجنوب في تسريح جيشه الكبير بعد اتفاقية السلام وغالبا ما يكون الملتحون بالشرطة اقل تدريبا.

 

وفي المطاعم مثلا تجد بعض النساء انفسهن إهمالا من المضيفين مع تأخير تلبية طلباتهن بعد كل الرجال. وعندما يشتكين يكون الرد أن هؤلاء الرجال ينتمون للجيش أو الشرطة الذين قد يثيروا المشاكل وربما يبادرون باطلاق النار اذا لم يتم تلبية مطالبهم بسرعة.

 

وفي الليل يطلب السكارى من رجال الأمن المسلحين الرشاوى أو ما هو أسوأ من ذلك مما يستلزم التنبيه على الأجانب بعدم الخروج ليلا.

 

وقال أحد موظفي الأمم المتحدة ان المنظمة تفرض قيودا على خروج موظفيها ليلا وأضاف "اطلق النار على شخص في حانة قرب النهر وفي مرة أخرى أوشك مسلحون على إطلاق النار في مشاجرة خارج مكان يرتاده موظفون أجانب.. وقالت ناموسوك "على جوبا ان ترتب أوضاعها وإلا تحولت إلى خرطوم أخرى".

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.