تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

كل شيء واضح في اليوم الرابع!

محطة أخبار سورية

بعد منتصف ليل جمعة الغضب كان خطاب الرئيس المصري لتوضيح موقفه تجاه انتفاضة الشعب المصري على نظامه.

وبقليل من الانتباه يمكن فهم سبب هذا التأخر ربطاً بخطاب تلاه في البيت الأبيض لرئيس الإدارة الأميركية أوباما وأشار فيه إلى اتصال هاتفي أجراه مع مبارك بعد انتهاء خطابه للشعب المصري مباشرة.

 

حديث أوباما لم يكن جديداً في محتواه لكنه أوضح الدور الأميركي والتنسيق الذي جرى ترتيبه بين إدارته والرئاسة المصرية بعد أن أعلن منذ اليوم الأول للثورة الشعبية المصرية عن تشكيل خلية أزمة في واشنطن لمتابعة الحدث المصري المفاجئ والخطر.

المسألة تصبح أكثر وضوحاً حين نستحضر تصريحات السيدة كلينتون قبل ذلك بعدة ساعات وتوجيهاتها غير الدبلوماسية للحكومة المصرية وللنظام المصري، هذه التصريحات التي حرصت فيها على ربط ما يجري في مصر بما يجري في بعض بلدان أميركا اللاتينية وتعيد الأسطوانة المشروخة حول أهمية الديمقراطية والامتناع عن استخدام العنف لقمع المتظاهرين، كل ذلك معطوف على تهديدات الناطق باسم البيت الأبيض بقطع المعونة العسكرية والاقتصادية الأميركية إن استمر قمع المتظاهرين.

إن شراكة الولايات المتحدة مع النظام في مصر هي التي أوصلت أحوال مصر إلى هذه الدرجة من التردي على كل الصعد ومن الغريب حقاً أن يتقبل المصريون علاقة كهذه تجعل مستقبل مصر دولة ونظاماً رهينة بيد الولايات المتحدة واستطراداً بيد إسرائيل.

كان يمكن التعامل مع هبة الجماهير المصرية في اليوم الأول، وربما كان الحل أسهل بكثير مما هو عليه الآن وما زال سر التأخير في المعالجة وظهور الرئيس غير معروف، لكننا نستطيع التكهن على ضوء المواقف الغربية من الحدث وخاصة الأميركيين الذين لم يخفوا قلقهم الشديد تجاه ما يجري. إن الخوف الأميركي لا يتعلق بالحرص على حرية الشعب المصري فهي الدولة الأكثر رعاية للأنظمة الديكتاتورية في العالم، وهي الدولة الراعية لاتفاق كامب ديفيد الذي حرم مصر من سيادتها على جزء كبير من أرضها في سيناء وفصلها عن معادلة الصراع العربي الصهيو- أميركي في المنطقة، إنه القلق والخوف من تغيير حقيقي في مصر ستكون إحدى نتائجه المؤكدة فصم العلاقة غير المتكافئة بين مصر والولايات المتحدة، وانتهاء نتائج اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني.

الحريق في المحروسة يجري إطفاؤه بطرائق قديمة لا تستطيع إنهاء كل الجمرات الملتهبة فوق الرماد وتحته، وخطاب الرئيس المصري لم يقدم أي جديد لطمأنة الشعب المصري وشبابه المنتفض حيث إن إقالة الحكومة مجرد عمل إداري للرئيس يستطيع ممارسته في كل وقت، ولم يكن من الحكمة انتظار كل هذا الوقت من أجل تغيير الوزارة.

حتى لو كان تغيير الوزارة فاعلاً في معالجة بعض القضايا الاقتصادية والمعيشية فإنه لا يكفي لتلبية مطالب المنتفضين في كل أنحاء مصر المعمورة، والخراب الذي طال كل مناحي الحياة المصرية على مدار سنوات طويلة لا تعالجه أسماء جديدة لوزارة يقترحها رئيس الدولة.

التغيير السياسي الذي يطول البناء الفوقي برمته ويحدث نقلة نوعية في حياة الناس السياسية وقواها المجتمعية والمشاركة في الحكم هو وحده ما يضع الحل على سكته الصحيحة، وهذا يعني تعديل الدستور في الشأن الانتخابي لموقع الرئاسة ومجلسي الشعب والشورى، كما لحرية التعبير وتكوين الأحزاب والتجمهر وغيرها من مظاهر الديمقراطية الحقيقية. كما أن هذا يعني إلغاء قانون الطوارئ وإعلان التعهد بمدة زمنية محددة لولاية الرئيس وكذلك رفض التوريث.

إن تخفيف معاناة الناس ومنح الشباب ضوءاً في نهاية النفق سوف يحمي الجمهورية من الانهيار ومن استمرار تعبيرات الغضب التي شاهدنا نماذج مرعبة لها الجمعة.

سوف تتكرر أيام الغضب إن لم يكمل الرئيس المصري تلبية طلبات الشعب المصري وبقي غائباً عن مسرح الفعل الإيجابي لتهدئة الخواطر، وإن بقي معتمداً على الحرس الجمهوري والجيش وأجهزة الأمن فقط. وأهم شيء يمكن إعلانه غداً لتعديل الصورة هو إعلان نهاية ارتباط مصر العربية بالسياسة الأميركية حتى لا تكرر أميركا إهانتها لمصر كما فعلت عبر تصريحات رئيسها ووزيرة خارجيتها والناطق باسم البيت الأبيض.

تستطيع مصر بالاعتماد على سواعد أبنائها وإمكاناتها الكبيرة مع قليل من الحكمة والعدالة أن تستغني عن كل أوجه علاقة التبعية للولايات المتحدة وأعتقد أن شعب مصر يريد ذلك.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.