تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سعد الحريري.. وخيار التعطيل؟؟

خاص/ محطة أخبار سورية

"قيل لأمرأة عرجاء رقصتك ليست جميلة، فردّت: الأرض مايلة". ينطبق هذا القول على سعد الحريري رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان كثيراً. فالرجل يمكن وصفه بامتياز بأنه رجل الفرص الضائعة.

فقد دخل السيد سعد الحريري المعترك السياسي والعمل الحزبي والإداري بعد رحيل والده رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري الذي اغتيل في العام 2005. وقبل ذلك التاريخ لم يكن لسعد الحريري أي ذكرموجود، ولم يكن له أي دور أو نشاط. ولذلك، عندما وضعْته الظروف في حلبة التحدي الخطيرة التي تمثلها السياسة اللبنانية والأوضاع اللبنانية وتعقيداتها وتعرجاتها والتواءاتها ودهاليزها، لم يكن قادراً على إدارة الدفة بالاتجاه الصحيح رغم الزخم والدعم الذي تركه الوالد الراحل شعبياً وعربياً ودولياً.

وبدأت أخطاء الحريري الابن بالتكاثر والتكرار والتزايد. ورغم مرور السنوات، لم يتمكن من الخروج من تحالفات المرحلة الأولى وضغوطها ونصائح المقرّبين الذين فضّلوا مصالحهم وزيادة ثرواتهم وأرصدتهم السياسية والمصرفية على حساب ثروته ورصيده السياسي والمالي والشعبي. وربما ـ عن قصد أو من دون قصد ـ تم حشر سعد الحريري في الزواريب الضيقة للسياسة اللبنانية وانعزل الرجل عن الأطراف الفاعلة الأخرى في لبنان وبدا انه يسير خلف بعض حلفائه ووسائل إعلامه بدل أن يكون القائد والملهم لهم جميعاً..

ليس بالإمكان أكثر مما كان. وقد قاد هذا النمط من الممارسة والشعور "بالأنا الواحدة" إلى تصدع الحلفاء وتغيير موازين القوى لغير صالحه. وانسحب النائب وليد جنبلاط وكتلته وتركه نواب آخرون وتراجعت علاقاته التي كان قد بدأها مع سورية والحضن الدافئ الذي وفرته له القيادة السورية، وألقي بالشكوك حول علاقاته بالمملكة العربية السعودية بعد التصريحات التي بثتها بعض التلفزيونات تضمنت اعترافاته أمام لجنة التحقيق الدولية ومهاجمة بعض أفراد الأسرة المالكة.. وبدت الخيبة الأكبر عندما راهن وفريقه على النظام المصري ورئيسه المخلوع حسني مبارك، فكان أن اضطر إلى التحوّل لدعم الثورة الشعبية في موقف يبيّن قصر النظر وقلّة الخبرة وسرعة نقل البندقية من كتف إلى آخر!!

وقبل أيام أعلن سعد الحريري انتقاله إلى موقع المعارضة بعد أن فشل في السلطة والحكم.. وكان إلى جانبه، كل من سمير جعجع وأمين الجميّل.. وهذا يعطي فكرة واضحة عمّن يقود ويوجّه دفّة الحريري.

وعلى قاعدة: قلْ لي مَن تعاشر أقلْ لك مَن أنت، فإنه من المتوقع ـ وسعد الحريري محاط بنفس الفريق والوجوه ـ أن يكون أداؤه في المعارضة أكثر سوءاً وسلبية من أدائه في الحكم، وأن يكون دور المعارضة الجديدة "تعطيلياً" إن لم نقل "تخريبياً" في وجه الحكومة الجديدة ورئيسها نجيب ميقاتي، سواء في الداخل اللبناني عبر الحشد الطائفي أو عبر الضخ الإعلامي المناوئ...الخ، أو خارجياً عبر نسج التحالفات وممارسة الضغوط المختلفة لوضع العصي في الدواليب، والتي بدأت تأخذ طريقها حتى قبل تشكيل حكومة ميقاتي.

وبدل أن يبحث السيد سعد الحريري عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى "خساراته" المتلاحقة، واستنزاف رصيده، وابتعاد الأصدقاء عنه، أظهر الخطاب الذي ألقاه في الذكرى السادسة لرحيل والده قبل أيام، أنه لم يتعلم الدرس، وراح يبحث عن أسباب وهمية وغير منطقية لتبرير الفشل وتحميل الآخرين مسؤوليته. وربما إذا استمر السيد الحريري بهذا النهج "التدميري" للذات فلن يجد بعد فترة إلا القلائل حوله.

ربما المطلوب من السيد سعد الحريري، الآن وبسرعة وقبل فوات ـ الأوان أن لم يكن قد فات فعلاًـ العودة إلى دفاتر والده وقراءتها من جديد لتحديد الأصدقاء من الأعداء، لإعادة تصويب البوصلة بالاتجاه الصحيح، ولفهم اللعبة السياسية والأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية وموازين القوى وتحديد المصالح والقيام بالنقد الذاتي والموضوعي للتجربة الماضية.. وربما الاستماع لنصائح صديقه القديم وليد جنبلاط حول اللعبة الدولية ومصالح الأمم والجغرافيا السياسية والخروج من القوقعة الطائفية الضيقة إلى المدى الاستراتيجي الأرحب.. والكف عن التزام خيار التعطيل وتبني "الفزلكات" اللفظية والسياسية الضيّقة التي يتبرع له بها سمير جعجع وآخرون والتي ثبت بالتجربة فشلها وعدم جدواها والتي لا تسمن ولا تغني، وأخيراً التوقف عن الصراخ وندب الحظ ولوم الآخرين والانتقال غلى العمل البنّاء والمفيد والايجابي.. فالناس ترى وتسمع وتقرأ و"بسلامة معرفته"!!

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.