تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عند بعض العرب ..لم يعد العدل أساس الملك؟؟

خاص محطة أخبار سورية

في مسرحية "صيف 840" لمنصور الرحباني، يخاطب سيف البحر المتمرد اليوزباشي عساف الضاهر قائلاً: بلدك ناقصتو العدالة، ومن هيك ما عم يظبط". أي إن بلدك تنقصه العدالة ولذلك فإن أحواله لا تستقر ولا تستقيم.

معظمنا يعرف أو سمع بعبارة: العدل أساس الملك، أو عبارة: لو دامت لغيرك لما وصلت إليك.. أو ما قاله الإمام والخليفة الرابع علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه): ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني.. أو مضمون الحديث النبوي الشريف: ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم ... أو كلّكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..

لكن جزءا من  قادة الأمة العربية على ما يبدو لم يسمعوا أو يقرأوا هذه الأحاديث والأقوال.. وهم يتصرفون وفق أهوائهم وكأنهم خالدون على كراسيهم وعروشهم إلى الأزل.. وكأنها ستدوم لهم أيضاً وحدهم ولن تصل أبداً إلى غيرهم..

ما انكشف حتى الآن عن ثروات يكنزها بعض القادة العرب في المصارف الأجنبية الغربية الأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها... والتي تموّل العدو الصهيوني وحروبه على الأمة العربية، يبيّن حجم الفساد والبذخ الذي يمارسه هؤلاء.. ويبيّن حجم "خيانة الأمانة" التي هم مسؤولون عن حفظها، ويبيّن كيف هم وأولادهم يهدرون أموال شعوبهم ومواطنيهم في مشاريع فاشلة أو صفقات خاسرة أو على الترف والمجون والرقص وفي الملاهي، فيما الشعوب تتضور جوعاً والبنى التحتية في بلدانهم تحتاج الأموال لتطويرها، وكذلك بناء المشاريع والمستشفيات والمدارس والجامعات وكلّ أنواع الخدمات التي تجعل دولهم تتقدّم وتتحسّن أحوالها.

لم يبق نوع من الموبقات لم يقترفه هؤلاء، ولم يبق ضرب من ضروب الانحلال لم يقوموا به ويمارسوه.. وعندما تمت محاصرتهم من قبل الشعوب الثائرة بدوا وكأنهم غرباء عن الواقع والظروف وكأنهم في واد آخر، وهم كذلك فعلاً.. وكانت حجتهم جاهزة: المؤامرة.. وكانت شمّاعة التخويف أيضاً تُلقى على الإسلاميين والجهات الخارجية وكان التهديد بخراب البلاد..

والمشكلة أن معظم هؤلاء القادة أتوا إلى الحكم ووصلوا إليه على حصان الثورة ومشروع الاستقلال ودحر المستعمر.. وها هم يرحلون عنه عبر الثورات أيضاً، بعد أن فسدوا وأفسدوا ونهبوا وسرقوا وقصّروا وظهروا أمام شعوبهم كالأعداء وأشدّ قسوة وبطشاً منهم؛ ولم يفعل الاستعمار الفرنسي في تونس والبريطاني في مصر والإيطالي في ليبيا أكثر مما فعل هؤلاء القادة المخلوعون فاقدي الشرعية الشعبية والقانونية والأخلاقية والأدبية والدينية، ولم تمارس قوات الاستعمار أعمالا وحشية أكثر مما مارس هؤلاء بحق شعوبهم. لقد تصرف بعض القادة العرب مثل الإقطاعي الذي يتصرف بملكه وتحدثوا عن بلدانهم كمن يتحدث عن أملاكه ومزرعته وأغنامه، وكأن الشعوب عبيد لديهم وهم يغدقون عليهم النّعم والخيرات والبركات والأفضال!!

لكنّ أسوأ ما مارسه القادة العرب هو النفاق الذي هو أشد خطورة من الكفر.. لقد نافقوا في كلّ شيء وعلى الجميع، فاكفهرّت وجوههم وكانت ساعة الحساب عسيرة..

لم يعد العدل أساس الملك عندهم، بل استبدلوه بالبطش والقوة واستخدام العنف والترهيب والتخويف والتجويع وهذا ما دفع الناس عند أول فرصة للانتفاضة عليهم للتخلص من جبروتهم وسطوتهم وأولادهم وعائلاتهم وأنظمتهم.. ومنذ متى كانت القوة ضد الحق!!

ولكنّ الأشد وطأً هو الموقف الغربي منهم: فإذا كان القادة الغربيون لم يكتشفوا خداعهم وغباءهم، فتلك مصيبة، وإذا كانوا قد اكتشفوا حقيقتهم، وسكتوا عنهم، فهم أكثر نفاقاً منهم.. وربما هذا هو المرجّح، لأن تقبيل زعيم أوروبي ليد القذافي لا يمكن هضمها ووضعها في غير باب النفاق والتواطؤ والمصالح..

لقد خاض الزعيم الإفريقي العالمي نيلسون مانديلا حرباً تاريخية ضد الظلم والتفرقة العنصرية وتم سجنه أطول فترة معروفة يتعرض لها سجين سياسي في العالم، حيث قبع وراء القضبان مدة /27/عاماً.. لكن الزعيم الكبير الذي غادر السجن وانتقل إلى قمة الرئاسة في جنوب إفريقيا، تخلّى عن هذه الرئاسة بعد انقضاء مدة السنوات الخمس لها، ورفض أن يُمدد أو يُجدد له أو أن يُعاد انتخابه، وترفّع عن الكرسي والمناصب.. وهو يُلقّب الآن بالزهرة السوداء وينظر إليه على إنه "أبو الأمة" ورمزها.

أحاول منذ وقت بعيد أن أجد صفات مشتركة بين مانديلا وبين الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي أو بينه وبين مبارك أو القذافي...، وما زلتُ أبحث حتى الآن..

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.