تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

البطريرك صفير: لا تنصح خليفتك أن يفعل ما فعلت!!

 

خاص/ محطة أخبار سورية

 

قدّم البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير استقالته وبدأت الخلوة لانتخاب بطريرك بديل وجديد للموارنة. وأبى البطريرك الذي دخل عقده العاشر، أن يرحل من دون ترك مواقف كثيرة ليست وداعية في حديث لصحيفة الجمهورية اللبنانية (9/3/2011).

البطريرك الذي يفترض أنه رجل دين يدعو للمحبة والتسامح، تحدث في السياسة وخاض في التفاصيل الكثيرة واتخذ مواقف تجعل من الصعب "قبول" طلب الغفران الذي ارتجاه به ساعة تكريمه قبل أيام، دون قول بعض الكلمات.

البطريرك العجوز، مثلاً، نفى رداً على سؤال أن يكون نادماً لأنه لم يزر سورية، متسائلاً لماذا عليه أن يندم. ورأى أنّ "على اللبنانيين أن يقبل بعضهم على البعض الآخر بالمحبة والتعاون". وخلص إلى أنّ دور بكركي لن يتغيّر مع تبدّل الأشخاص...الخ.  يمكن الرّد بالكثير على النقاط على تحدث عنها وآثارها البطريرك صفير، ولكن نكتفي ببعض الملاحظات لعدم الإطالة:

أولاً، أظهر صفير وحتى اللحظة الأخيرة أنه يمثل طرفاً لبنانياً ويتبنى وجهة نظره بشأن القضايا الداخلية والإقليمية ضد طرف آخر. وهذا يناقض مهمته كبطريرك ورجل دين ينظر إلى الرعايا على أنهم سواسية. وهذا الانحياز لم يكن في وجهة النظر فحسب، بل بالممارسة، وهو ما تؤكده تصريحات صفير نفسه، والوثائق التي كشفها موقع «ويكيليكس» وتنقل عن مسؤولين إسرائيليين بأن المال السعودي والبطريرك صفير كانا وراء فوز «14 آذار» في الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في لبنان.

ثانياً، دعا البطريرك صفير إلى المحبة ورأى أنّ "على اللبنانيين أن يقبل بعضهم على البعض الآخر بالمحبة والتعاون"، ولكنه لم ينطلق من ذاته أبداً ليبدأ بتنفيذ ما يقول. فلم يبادر صفير منذ سنوات إلى لقاء الأطراف الأخرى التي تعارضه الرأي ولم يقم بأي خطوة من شأنها ردم الهوة بين الأطراف اللبنانية، حتى داخل الطائفة المارونية التي تتبعه والتي تفرقها المواقف السياسية، أو بين المسيحيين أنفسهم أو بين المسيحيين والمسلمين..

البطريرك صفير، مثلاً، انتقد وجود السلاح خارج الدولة باعتباره "شواذاً"، في إشارة إلى سلاح المقاومة، وهو ما يمثل وجهة نظر لبنانية معروفة بتوجهاتها وأسس منطلقاتها وطبيعتها، وحبّذا لو اتخذ البطريرك موقفاً أكثر توزناً ليكون أكثر قبولاً.

ثالثاً، ورداً على سؤال، نفى البطريرك صفير أن يكون نادماً لأنه لم يزر سورية، متسائلاً لماذا عليه أن يندم. لا أدري إن كان أحد في سورية متأسف لأن غبطته لم يزر هذا البلد، أو إن كان أحد يشعر بالفراغ لعدم مجيئه، لكن كلام غبطته يؤكد اتخاذه موقفاً عدائياً لسورية حتى آخر لحظة في حياته، بما يتناسب مع مواقف الأطراف اللبنانية الذي تناصب سورية العداء. وإذا كان هذا يتنافى مع دعوته للمحبة والتسامح، نسي صفير أو تناسى أنّ شفيع المارونية القديس مار مارون موجود في سورية وفي حلب وفي براد تحديداً، وأن هناك العديد من الموطنين السوريين يتبعون الكنسية المارونية، وربما هم أكثر عدداً من أتباعها في لبنان، وأنه احتراماً لهم كان عليه زيارة سورية، وضريح مار مارون، أو على الأقل تجنب قول ما قاله.

وبعد إعلان هذا الموقف من صفير، يتساءل المرء حقيقة، أين التسامح والمحبة التي كان يتحدث عنها ويدعو إليها في عظاته دائماً. نعم، كان عليه أن يندم لأنه لم يزر سورية ورعايا الكنيسة في سورية ومقام المارونية وشفيعها في سورية، ولأنه لم يطبق ما ينادي به عن المحبة والتعاون.. وإذا لم يكن يعتبر كلّ ذلك تقصيراً، وأسباباً تستدعي منه الندم، فهو أمرٌ يستحق الوقوف عنده مليّاً، وربما طويلاً؟؟

رابعاً، خلص البطريرك صفير إلى أنّ دور بكركي لن يتغيّر مع تبدّل الأشخاص. تُرى، هل هي محاولة لمصادرة موقف الخلف وتطويقه بمواقف مسبقة تأخذه بمنحى معيّن، قبل أن تتم تسميته وانتخابه!؟! بالتأكيد لا نتكلم عن العلاقة الروحية بين البطريرك الجديد وربه وطريقة ممارسته لطقوس دينه والتعبير عن إيمانه. ولكن  في الجوانب الحياتية والقضايا الأخرى، فإننا نجد أنه من البديهي والطبيعي أن تتغير مواقف الكنيسة طبقاً للبطريرك الجديد وأولوياته، ونظرته للأمور وتوجهاته والذي من المفترض أن تكون له لمساته الخاصة وأسلوبه وتطلعاته لتفعيل دور الكنيسة باتجاه المصالحة وجمع اللبنانيين، وتجنّب الاستفزاز وكلّ ما يقود إلى الانشقاق.

لقد استقال البطريرك صفير وترك انقساماً حاداً داخل الموارنة والمسيحيين وتجاذبا مع الطائفة الشيعية، والمقاومة وسلاحها، فيما لم يتخذ غبطته موقفاً واضحاً ضد الفساد في لبنان الذي جعل ديون هذا البلد إلى تتخطّى الخمسين مليار دولار، وما ترك ذلك من تداعيات على المجتمع اللبناني. بمعنى آخر، تبنى البطريرك صفير مواقفَ وسياساتٍ ليست من صلب دوره، فأضعف بكركي وموقع بطريركها. ولهذا فإن البطريركية المارونية تحتاج بطريركاً مختلف، يعمل على التوافق المسيحي ـ المسيحي والتلاقي المسيحي ـ الإسلامي و"يغيّر دور بكركي" ليكون أكثر اعتدالاً وتوازناً ويكون وتكون للجميع وليس لفئة ضد فئة.

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.