تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سباق حكومي لفرملة انجاب السوريات

 بلا رقيب

 
كان رئيس هيئة تخطيط الدولة د. عامر لطفي صريحاً عندما عرض ملامح الخطة الخمسية الحادية عشرة منذ أشهر قائلاً: إن معدل النمو السكاني هو 2.4%.. فهو عرض الرقم الذي أعطاه إياه المكتب المركزي للإحصاء والحكومة تعطي ثقتها الكاملة بأرقام المكتب.
بالطبع كان صريحاً أيضاً بأن الخطة الخمسية الحادية عشرة بنيت على هذا الرقم وهذا الرقم كان مثار جدل في الحكومة لأنه يعتبر من أعلى معدلات النمو السكاني.. نعم هذا الرقم يحتاج إلى أقل احتمال تحقيق معدل نمو اقتصادي يصل إلى أكثر من 7% حتى تتم تلبية حاجات السكان الذين يكثرون، فحسب العرف الاقتصادي معدل النمو السكاني يحتاج إلى نمو اقتصادي بمعدل ثلاثة أضعاف الأول.. وهذا يحتاج إلى جهود حكومية كبيرة في تخفيض معدل النمو السكاني ما أمكن.. فالجدل كان يدور في كواليس الحكومة وفي اجتماعات المسؤولين عن تخفيض معدل النمو السكاني إلى 2.1% وأنه ربما لا تستطيع الخطة تحقيق ذلك.
إلى هنا الكلام جميل ومسبوك بطريقة علمية وفنية ولكن.. ماذا إن اكتشفنا أن معدل النمو السكاني ليس 2.4%؟
ما رد فعل الحكومة إن كان الرقم الحقيقي للنمو السكاني يصل إلى 3% اليوم وهي تشارف على وضع اللمسات الأخيرة للخطة الخمسية الحادية عشرة وبرامجها؟.
في إحصائيات المكتب المركزي تبين أن المكتب أعطى رقمين لمجموع الولادات في عام 2009، الرقم الأول هو تقدير 520 ألف مولود جديد في منتصف عام 2009، والثاني في جدول توزع الولادات المسجلة حسب الجنس والمحافظة عدا المكتومين فالرقم يصل إلى 670.793 ألف مولود.
إن الفارق بين هذين الرقمين هو فارق النسبة بين معدل النمو السكاني المأخوذ بناء على أول رقم.. أما الرقم الثاني البالغ 670.793 ألف مولود فلم تؤخذ نسبة معدل النمو السكاني عليه لأنه عملياً سيظهر نسبة معدل تفوق 3% لنمو السكان.. ومن ثم فإن الخطة الخمسية الحادية عشرة بنيت على معدل نمو سكاني تقديري أقل مما هو موجود.. وليس على معدل نمو سكاني حقيقي بناء على رقم الولادات المسجلة في سورية.
إن معدل النمو السكاني عادة كان مثاراً للشك ومحل اختلاف وجدل قبل أن يتم اعتماد أرقام المكتب المركزي للإحصاء.. فإن كانت نسبة النمو قريبة فلا مشكلة، إنما المشكلة الحقيقية هي عندما يكون معدل النمو السكاني «المواليد في عام» بنسبة مضللة يفرغ الخطة من مضمونها ويهزها بشكل كبير.. وبالتالي يصبح الحديث عن النتائج والإنفاق والإصلاح في خبر كان.
إن معدل النمو السكاني مؤثر بمجمل عوامل الاقتصاد الكلي، مؤثر في البطالة وفي الموارد وفي السياسات المالية والنقدية والاجتماعية والإنفاق والأجور والمشاريع وبكل مناحي الاقتصاد والخطط التي ينبغي أن ترتكز عليه وتستند إليه.. فالخطط تبنى على هذا المعدل لنحصل على نتائج صحيحة بالنهاية وإن كانت هيئة التخطيط قد بنت معدل النمو على رقم تقديري فإن التحقق بات واجباً.. فالهدف من إثارة الشك التحقق والتأكد من هذا الرقم لأنه مؤثر بالفعل وخطر، والاقتصاديون يدركون تلك الخطورة.
فالحكومة ستنفق في الخطة الحادية عشرة 4000 مليار ليرة سورية، إن إنفاق هذا الرقم بغياب رؤية للحد من الانفجار السكاني كي تتناغم مع كتلة الإنفاق سيؤدي إلى تآكل نسبة كبيرة من هذه الإنفاقات وهدرها دون جدوى كالسابق من الإنفاقات ورغم أنه ثمة من ينفي وجود نسبة «بطالة» عالية عندنا، إلا أنه ينبغي ألا يغيب عن الذهن أن نحو مليوني شخص قد هاجروا خلال السنوات الخمس الماضية ومن المحتمل عودة جزء مهم منهم.
نعم إن النمو السكاني اليوم مقلق إن بنت الخطة الخمسية القادمة على رقم فيه شك، وهنا أضم قلقي إلى قلق السيد رئيس مجلس الوزراء من هذا المعدل للنمو السكاني والذي لا يمكن السيطرة عليه بانشغال الخطة بمعدل نمو آخر غير معدل نمونا السكاني وبغياب سيناريوهات وأدوات تؤدي إلى ضبط هذا النمو وتسيطر عليه.
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.