تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحظر الجوي الغربي على ليبيا... والعجز العربي

محطة أخبار سورية

هاهم أعداء الأمة و على غرار مؤامراتهم وخططهم للعودة إلى منطق الاستعمار الحديث يتهافتون على اقتناص أي فرصة مواتية
 
لهم كي يستغلوها تحت يافطات متعددة من الأكاذيب تحت بند المحافظة على حقوق الانسان لتبرير أهدافهم الحقيقية في العودة لاستلاب الأمة مقدراتها وثرواتها.‏
 
لعاب الغرب اليوم ولهاثه في حالة تلهف قصوى كما هو واضح للانقضاض على ليبيا تحت هذه الذريعة أو تلك فالمهم أن يكون حاضراً للانفراد بفريسته النفطية أولاً وأخيراً وغير ذلك فلتصبح ليبيا أوغيرها من الأوطان العربية ساحة جهنم فليس مايعنيه من الأمر أي شيء سوى مصلحته .‏
 
والحدث الليبي اليوم لعله الاختبار الخارجي الأول لإدارة الرئيس الأميركي أوباما كيف لا وهو الذي رفع كما نعلم منذ تسلمه السلطات الرئاسية في واشنطن لواء الدبلوماسية بعيداً عن أي منطق تهديدي ، لكن المشهد الليبي اليوم كما هو واضح جعله أمام حالة خاصة وامتحانية له في نفس الوقت إذ إن واشنطن على امتداد إداراتها السابقة كانت تجد لنفسها الذريعة لمثل هذا الوضع في ليبيا اليوم كي تتدخل عسكرياً تحت جناح يافطة أهدافها المتلونة والأمثلة متعددة وكثيرة على ذلك في العراق وأفغانستان وباكستان والسودان وقبلها في البوسنة والهرسك وهاييتي ودول إفريقية عديدة كي تحوز على الكعكة وحدها دون غيرها .‏
 
وفي الحالة الليبية الأمر لايختلف كثيراً عن سابقيه وإن تأخر العمل العسكري الأميركي .‏
 
إذ إن بوادر الاختلاف داخل إدارة الرئيس أوباما طغت على السطح بين من عبروا عن حنق وسخط لصمت أوباما وبرودة ردة الفعل الأميركية وتدخلها عسكرياً وبين قلة ممن يرون في الحل الدبلوماسي أوترك الدول الأوروبية الأخرى تبادر إلى الحل تحت إشراف دولي أمراً يجنب أميركا دخول مغامرة عسكرية جديدة هي أكبر من طاقتها الحالية كما يقول الرئيس أوباما بنفسه ، لكن الجمهوريين والمحافظين في مواقع صنع القرارالأميركي هم إلى اليوم لايمكنهم أن يتصوروا جبهة لاتقودها أميركا وفي هذا يقول مدير مكتب هيومن رايتس واتش في واشنطن توم ماليفرسكي إن الإدارة الأميركية بسياستها هذه كأنها تقول للسلطة الليبية افعلي ماتشائين وللمحتجين فيها كثفوا من نشاطكم وثورتكم واحرقوا الأخضر واليابس كي يسهل الانقضاض على ليبيا النفطية وهي محطمة ومنهارة .‏
 
ومن خطورة ما تتحفز إليه واشنطن لاقتناص ساعة الصفر للانقضاض على ليبيا نجد على جبهة الأوروبيين أيضاً تحركاً شبيهاً بالتحرك الأميركي مع توالي اجتماعاتهم في بروكسل وباريس وواشنطن وفي عواصم عربية أيضاً كالقاهرة والرياض تحة يافطة ومعادلة التدخل الأطلسي الذي يطلب مساعدة أومشاركة عربية في هذا الاتجاه على الأقل تحت بند المشاركة في حظر جوي مرتقب فوق ليبيا. إذاً عجلة مشاورات التدخل الأجنبي تتسابق مع تزايد أعمال الخراب والدمار في ليبيا ما يجعل مساحة التدخل هذه مفتوحة على كل السيناريوهات والأخطر منها مايتم الحديث عنه لتقسيم هذا البلد العربي إلى كيانات قبلية هشة .‏
 
إن سيناريو ماحصل في العراق والصومال والسودان ليس بعيداً عن أذهاننا ومازلنا نعيش إلى اليوم تداعيات ذلك الانكسار والشرخ الذي حل في هذه الأوطان العربية بفعل فاعل الغرب الاستعماري الذي يرفض التخلي عن منطق الاستعلاء والسيد والحاكم.‏
 
وكم هي المرارة التي نعيشها في ساحة عربية جديدة هي ليبيا حينما نجد قوى الغرب وواشنطن في مقدمتها تعمل على أكثر من محور وجبهة كي تزيد من عمليات الاقتتال الداخلي في ليبيا وتوسيع رقعتها وصب الزيت عليها تارة وهي تطلب من القاصي والداني تزويد المحتجين الليبيين بالسلاح والعتاد وصولاً إلى تحقيق مطالبهم في حين على الجبهة الأخرى تنتقد باستحياء ماتعتبره من انتهاك للنظام في ليبيا في استخدام القوة المفرطة ضد مناوئيها من الشعب الليبي .‏
 
إن شبح التدخل الدولي في ليبيا بات الأكثر اقتراباً مع وجود تأهب غربي واضح الملامح في السر والعلن ،وهو تدخل يستفيد منه الغرب مع الانقسام الدولي تجاهه وفي ظل المعارضة الروسية والصينية التي تدفع بالغرب إلى التوجه نحو حلف شمال الأطلسي لامكان اللجوء إلى النموذج اليوغسلافي عام 1999م حين استخدمت قوات الحلف للاطاحة بحكم الرئيس سلوبودان ميلوسوفيتش وتقسيم البلاد إلى أقاليم وهذا هو خطورة مايجري التحضير له حيال اليوم وإمكانية تكرار المشهد السوداني ولاسيما إذا بقيت الأمور على حالها لاغالب ولامغلوب في الساحة الليبية وهو أمر يجب ألا يغيب عن بال المسؤولين العرب وألا ينجروا إليه رغماً عنهم كي لاتزداد الخسارة خسارات والفتنة فتناً والكارثة كوارث.‏
 
إن المشهد الليبي اليوم في صورته وأمام مجموعة من السيناريوهات التي تعد له يجعلنا نجزم أن هذا المشهد يختلف كثيراً عن واقع ثورات أحرار مصر وتونس إذ إن وجه الاختلاف فيه وخطورته هو محاولة عودة الغرب الاستعماري إليه كي يوقف عجلة حركة الثورة العربية عن أهدافها وحركة النهوض العربية التي انطلقت على امتداد وطننا العربي رافضة الظلم والقهر والاستبداد والانحناء والانهزام أمام أعداء الأمة.‏
 
إن المشهد الليبي يتطلب تحركاً عربياً مسؤولاً اليوم وهذا التحرك يجب أن يكون هذه المرة استثنائياً عن سابقيه كي يؤكد صوابية قرار الأمة في منع تدويل الأزمة الليبية ورفض التدخل الأجنبي فيها كي لاتكون الساحة الليبية مفترق طرق للعودة إلى منطق الاستعمار الجديد من أبوابه الواسعة في منطقتنا العربية.‏
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.