تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تدويل جديد للصراع في منطقة الشرق الأوسط الكبير

 

عمر نجيب

يوم الخميس 17 مارس شهدت العاصمة التونسية مظاهرات احتجاجا على زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لتونس. وأفادت مراسلة وكالة فرانس برس أنه في حين بقيت مجموعة من المتظاهرين، تطلق الهتافات المناهضة للولايات المتحدة في وسط العاصمة، سارت مجموعة أخرى ظهرا عبر المدينة وصولا إلى مقر وزارة الخارجية البعيد نحو ثلاثة كيلومترات عن وسط العاصمة حيث كان من المقرر أن تجري كلينتون مباحثات مع نظيرها التونسي المولدي الكافي. بيد أنه تقرر في النهاية عقد اللقاء في مقر الحكومة، وليس في مقر وزارة الخارجية الذي شهد محيطه تعزيزات أمنية.

 

ورفع المتظاهرون عند باب مقر الوزارة شعارات منها "لا وصاية أمريكية على الأراضي العربية"، و"كلينتون ارحلي"، و"شعب واحد لا شعبين من مراكش للبحرين"، و"الشعب يريد إسقاط الوصاية".

 

كما حمل المتظاهرون صوراً لضحايا الحرب في العراق، وقال أحدهم ويدعى إبراهيم وهو طالب عمره 21 عاما "جئنا لنسمع صوتنا ونقول للولايات المتحدة لا نريد ديمقراطية على ظهر الدبابات ولا نريد مساعدات مشروطة".

 

وأضاف "نحن الشعب لم نستشر الولايات المتحدة حين قمنا بالثورة لتحقيق الديمقراطية التي نريدها نحن، لا هم، الأمريكيون".

 

وقالت راضية النصراوي المحامية والناشطة الحقوقية إن "التونسيين قاموا بثورتهم بوسائلهم الخاصة وهم قادرون على بناء تونسهم الجديدة دون تدخل أي كان" من الخارج.

 

وأضافت "نحن نرفض التدخل الأمريكي في ليبيا. يجب ترك الليبيين يديرون أزمتهم بأنفسهم حتى لا يكون هناك عراق ثان في العالم العربي".

 

كما أدان حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي التونسي المعارض سابقا "التدخل" الغربي وخاصة الفرنسي في شؤون ليبيا، ودعا الشعب التونسي إلى "التصدي لأي تعاون محتمل" مع الغرب "للعدوان" على سيادة ليبيا.

 

وذكر أحمد الاينوبلي الأمين العام للحزب في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه إن "التدخل الغربي وخاصة الفرنسي في شؤون ليبيا يعتبر عدوانا سافرا على إرادة الشعب الليبي وعلى المشاعر القومية في عموم الوطن العربي".

 

وأكد أن هذا "التدخل يعتبر قفزاً على حقيقة المشاعر الوطنية والقومية المتجذرة في وجدان شعوبنا التي لا يمكن إلغاؤها تحت أي شعار".

 

ورفض الحزب "رفضا قطعيا" استغلال التراب والمياه والجو التونسي في "أي عدوان محتمل على ليبيا" داعيا الشعب التونسي "إلى التصدي لأي تعاون محتمل مع القوى الغربية الاستعمارية للعدوان على سيادة ليبيا أرضا وشعبا".

 

وذكر حقوقي آخر "الذين حملوا السلاح ضد القذافي كانوا على أبواب طرابلس وضجت وسائل الإعلام بأخبار عن أن ساعات النظام أصبحت معدودة، ولكن حكومة القذافي وبالجيش الذي هو من قلب الشعب استطاعت أن تحول الأحداث إلى صالحها رغم الدعم الخارجي لخصوم القذافي، وهذا يعني أنه إن كانت هناك معارضة قوية للزعيم الليبي فإن الدعم له كان أقوى، وهنا يجب وقف عملية الكيل بمكيالين"، ويضيف "التدخل الغربي العسكري سيضيف مناصرين للقذافي".

 

وتقدر القوة الحالية للجيش الليبي وحده بـ119 ألف جندي إضافة إلى 45 ألف جندي احتياط، ويضم 10 كتائب مدرعات، ولديه ألفا مدرعة، وكتيبة مشاة محمولة وسبع كتائب سلاح جوي، ومئات الطائرات وغالبها قديم.

 

وعلى الرغم من وصف المحللين العسكريين معدات الجيش الليبي بالعتيقة والتي تعود إلى الزمن السوفييتي إلا أن الجيش الليبي مسلح بأسلحة أحدث من عدد من المصادر الأخرى بينها فرنسا.

 

وحسب صحيفة "واشنطن بوست" فإن القذافي نجا من الأزمة الحالية لأنه احتفظ بولاء الجيش له على الرغم من انشقاق مجموعات من الجنود يقدر عددها بحوالي ستة آلاف جندي وضابط، لكنهم لم يرو في معارك الثوار إلا القليل منهم.

 

رفض للتدخل

الملاحظون الغربيون اعتبروا أن المظاهرات التونسية ضد كلينتون تعتبر مثالا لشعور عام يشمل المنطقة العربية الممتدة من بلاد الرافدين على البوابة الشرقية للأمة العربية وحتى السواحل الأفريقية على المحيط الأطلسي.

 

مصادر رصد ألمانية أفادت أن الوزيرة كلينتون فشلت خلال زيارتها لتونس في الحصول على مساندة حكومتها للعمليات العسكرية التي ستقوم بها القوى الغربية وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ضد ليبيا بعد أن صوت مجلس الأمن الدولي ليلة الخميس الجمعة بأغلبية 10 أصوات وامتناع 5 على فرض منطقة حظر جوي على هذا البلد المغاربي.تونس رفضت كذلك فتح مطاراتها أو موانئها للقوات الغربية خلال عملياتها على الأراضي الليبية.

 

وكانت كلينتون وفي لهجة تحذير وبهدف الضغط قالت "أن تونس تدرك جيدا أنه اذا لم يرحل القذافي فانه سيعمل على الارجح على إثارة مشاكل عندكم وفي مصر وفي أي مكان هذا من طبعه".

 

كما أعلن المدير السياسي لوزارة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز ان القوات الليبية الموالية للقذافي باتت الخميس على بعد 160 كلم من بنغازي، وتواصل "التقدم" بفضل تفوقها العسكري.

 

ومن جانبه حذر وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه من انه ليس هناك الكثير من الوقت للتدخل.حيث أن "المسألة قد تكون قضية ساعات"، وتسقط آخر معاقل المعارضة الليبية في قبضة القذافي.

 

قبل ذلك ويوم الأربعاء لحق نفس الفشل كلينتون حين حاولت إقناع ساسة القاهرة والمجلس العسكري الأعلى بركوب قطار مغامرة الحرب ضد ليبيا، حيث أكدت مصر أنها لن تشارك في أي تدخل عسكري في ليبيا وذلك مباشرة بعد إعلان هيلاري كلينتون إن مشاورات تجري بشأن مشاركة عربية.

وقالت منحة باخوم المتحدثة بإسم وزارة الخارجية المصرية لرويترز "مصر لن تكون من بين هذه الدول العربية. لن نشارك في أي تدخل عسكري".

 

تحذير

ويسجل المراقبون أنه تزامنا مع المظاهرات المناهضة للولايات المتحدة في تونس والتي ينتظر أن تتسع إقليميا مع بدء التدخل العسكري على أرض عربية، وتزامنا مع الرفض المصري التونسي للمطلب الأمريكي للمشاركة في الغزو، ألقى الوزير الأول التونسي المؤقت الباجي قائد السبسي يوم الخميس 17 مارس كلمة بمناسبة إحياء تونس يوم الأحد ذكرى استقلالها سنة 1956، حملت في طياتها الكثير من التحذيرات للأطراف المحلية والأجنبية التي تحاول ركوب حركة التحول في المنطقة لتخرجها عن مسارها الطبيعي وتحولها إلى أداة تدمير وشغب وتفرقة وصولا إلى تحقيق مخططات المحافظين الجدد حول الفوضى الخلاقة التي يريدون أن تقود إلى إعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط الكبير ليضم 54 إلى 56 دويلة متنازعة فيما بينها.

 

الباجي قائد السبسي حذر من مخاطر "الانزلاق" عن ثوابت الدولة التونسية ومن محاولات "الركوب على الثورة". وقال في كلمة افتتح بها ملتقى دوليا حول "التحول الديمقراطي في تونس" إن "الثورة لا تعني ضرورة الديمقراطية، فهناك مسالك عديدة ممكنة، فإما أن نصل إلى الديمقراطية، وهذا ما نريد ويجب أن نعمل من أجله، وإما أن ننزلق". ورأى أن "دعاة الانزلاق موجودون ويعملون ولا بد أن ننتبه إلى هذا الأمر".

 

وأكد أن ما حصل في تونس "ثورة تونسية خالصة لها خصوصياتها وكانت نتيجة تداعيات داخلية ترتبط بأخلاقية السلطة وتجاوزات السلط". وأن "من خصوصيات هذه الثورة أنها ليست مؤطرة وليس لها زعامات"، مؤكدا أن "المسار الديمقراطي الذي نطمح إليه هو مسار يشارك فيه الشعب بكامله بلا إقصاء وله ضوابط وينبغي أن نسير فيه بمراحل وبخطى ثابتة".

 

وأضاف "لا بد من الانتباه إلى المنزلقات والمخاطر المحدقة بمصير هذه الثورة نحن وظيفتنا أن لا نسمح بانزلاق الثورة أو بركوب الثورة". وتابع أن هناك "خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها ناضل الشعب التونسي عشرات السنين من أجلها وأقام على أساسها "دولة تونسية عصرية" بعد الاستقلال عن فرنسا في 20 مارس 1956".

 

تردد ومعارضة في الحلف

رغم نجاح واشنطن وباريس ولندن في استصدار تخويل من مجلس الأمن الدولي للتدخل عسكريا في ليبيا، فإن هناك معارضة وترددا في آن واحد داخل منظمة حلف شمال الأطلسي التي يطارد بعض أطرافها شبح حرب مشابهة للحرب في أفغانستان والعراق.

 

تركيا العضو في الحلف والتي تملك ثاني أكبر جيش في المنظومة العسكرية بعد الولايات المتحدة تعارض تماما أي تدخل عسكري في ليبيا، كما أن ألمانيا لا تزال ترفض أي عمل عسكري غربي في الوطن العربي.

 

وأوضح مسؤول عسكري في الحلف لوكالة فرانس برس أن "الولايات المتحدة تحاول استمالة برلين وانقرة. وأضاف أن "الأمريكيين يعتبرون أن فرض حظر جوي لا يفيد في شيء نظرا لتفوق قوات القذافي على المتمردين، والسبيل الوحيد هو إرسال قوات على الأرض وهو ما لا يريدون القيام به وحدهم بسبب انشغالهم في العراق وأفغانستان".

 

ويشار إلى أن موسكو التي تتعاون مع الحلف الأطلسي متيقظة أيضاً لهذا ال

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.