تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

من يعاقب من؟

محطة أخبار سورية

 
كل يوم تتراكم الأسئلة التي لا تجد جواباً في العقول المنفتحة فكلها تدور حول مواقف الغرب المرتبكة حول ما يجري في بلاد العرب. لكأن ما يجري بعيد عن أصابعهم وألعاب مصالح الكيان الذي زرعوه في قلب الشرق وخاصرته وبات هذا الكيان مع الزمن عنصر الابتزاز وبوصلة المواقف السياسية لحكام الغرب والولايات المتحدة الأميركية. حتى لو بدا هذا الغرب مرتبكاً وفاقداً للتوازن في المنطق السياسي إضافة إلى فقدانه لمعايير مصالحه الحقيقية والإستراتيجية.
فثمة علامات استفهام كبيرة ترتسم حول موقف فرنسا ما سمته العقوبات على سورية، فمن ناحية فرنسا كانت تعارض مبدأ العقوبات الذي كانت تنتهجه الولايات المتحدة الأميركية. ومن ناحية ثانياً لماذا تعاقب سورية هل لأنها أرادت الحفاظ على أمنها واستقرارها ومطاردة عناصر الشغب؟ وهل تعاقب سورية لأنها بدأت مشوار الإصلاح والتطوير الشاقين بعد رقاد طويل بدل أن تمد لها يد المساعدة بكل أشكالها؟ ومن يعاقب من؟
فثمة حقائق لا يرقى إليها الشك أولاها أن فرنسا لم تستطع تثبيت قبضتها أو الحلول محل الولايات المتحدة في كل من تونس ومصر وأن الشعبين المصري والتونسي يرفضان إحلال باريس مكان واشنطن وتل أبيب في كل من تونس والقاهرة.
والثانية أن وزير الخارجية الفرنسي الذي وصل إلى منصبه وفق معادلة داخلية فرنسية فرضتها ظروف الرئيس الفرنسي ما زال يحتفظ بضغينة تجاه الرئيس الدكتور بشار الأسد وفاء لرئيسه وملهمه جاك شيراك الذي يحاكم حالياً بتهم فساد. فوجد أن الظرف مناسب جداً للانتقام من سورية. وخاصة أن السيد آلان جوبيه هو أيضاً كان قد حوكم بتهم فساد وغادر البلاد وحرم لفترة طويلة من حقوقه السياسية وهو اليوم الرجل القوي في البلاد لحاجة الرئيس ساركوزي إليه في حملته الانتخابية الفاصلة التي بدأت تباشيرها في مواجهة خصومه داخل حزبه أولاً.
والسيد جوبيه يعرف تماماً أن موقفه المتناقض مع ذاته في قضايا الشرق العربي لا يمكن تبريره منطقياً ولا سياسياً ولا مصلحياً والتفسير الوحيد له هو التفسير التاريخي العشائري.
والسيد جوبيه يعرف أيضاً أن ما سماه عقوبات على سورية ليست سوى حبر على ورق من الناحية العملية فالمسؤولون السوريون الثلاثة عشر لا يملكون أرصدة في بلاده ولا في أوروبا ولا يزورون أوروبا للتنزه بل بدعوات من نظرائهم الأوروبيين للتنسيق والتعاون. وأن فرنسا وأوروبا ليست مصدراً من مصادر سلاح سورية، فأوروبا لا تستطيع بيع سورية طائرات مدنية أوروبية بسبب الضغوط الأميركية وفشلت أوروبا وباريس تحديداً في تنفيذ صفقة طائرات ايرباص فكيف تدعي الآن أنها تعاقب سورية تسليحياً إنها نكتة بلا شك.
والسيد جوبيه يعرف أيضاً أن حماسته للعقوبات ليست مبنية على وقائع بل على شائعات أو بحدها الأقصى معلومات منقوصة وتفتقر إلى الحد الأدنى من المصداقية.
ويعرف وزير الخارجية الفرنسية أيضاً، وهي ليست المرة الأولى التي يتسلم بها هذا المنصب، أن معركته الانتخابية لا تخاض في درعا وبانياس بالتأكيد. وأنه يرتكب خطأ استراتيجياً لا ينسجم مع ما تدعو له فرنسا بالعلن فهو في تصعيده هذا يدعم الإرهاب والتطرف والفوضى الهدامة بدل أن يجفف ينابيعهم وأنه يعيد إنتاج الخطأ الأميركي في ظاهرة بن لادن.
بالتأكيد هناك من لا يريد أن يتهم السيد جوبيه بأنه شاء هذا لكن الخطأ البشري وارد في ظل الضغط الصهيوني الهائل والناتج عن غضب الصهاينة من سقوط حلفائهم الرئيسيين في المنطقة.
بالتأكيد كان على جوبيه أن يتجاهل ما يحصل في البحرين واليمن فثمة معادلة أخرى هناك حيث مصالح إسرائيل غير مهددة كائناً من كان الحاكم ونظام الحكم هنا أو هناك وخاصة أن الشعب الفرنسي قد لا يكون قد سمع بالبحرين ويخلط بين دول الجزيرة لكنه بالتأكيد يعرف سورية تاريخاً ودوراً محورياً. وثمة حقيقة يعرفها السيد جوبيه والرئيس ساركوزي تماماً هي أن لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة بل مصالح دائمة وسورية ما بعد انتهاء الأزمة، وقد شارفت على نهايتها، لن تكون سورية ما قبلها.
 
  
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.