تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

خلف الحائط.. أمام الجدار!!

 

 

خاص/ محطة أخبار سورية

 

للجدار أو الحائط في اللغة العربية وفي اللغات الأخرى دلالات كثيرة وربما متناقضة، مع أن المجتمع العربي بدأ حياته ولمرحلة طويلة متنقلاً بين الخيام والمضارب، ولكن ذلك لم يمنع من أن تفرد اللغة والتعابير دلالات كثيرة تستخدم كمدلولات لأهمية الحائط أو الجدار!!

* فقد يقال أن فلاناً حبس نفسه أو زوجته بين أربع حيطان، ويعني أنه أبعد نفسه أو أبعد زوجته عن الآخرين وضيّق على حاله أو عليها لسبب ما. وبالمقابل، يقال أن المرأة لا تريد من الرجل إلا أن يسكنها بين أربع حيطان تؤويها، مع أن هذا القول أصبح قديماً وربما منقوصاً؛ والصحيح أن المرأة لا تطلب من الدنيا إلا رجلاً، فإذا أتى طلبت منه كلّ شيء.

** ويقال في العامية عن شخص معيّن أنه: "ماشي الحيط الحيط ويقول يارب السترة". أي أنه لا يتدخل في شؤون غيره أو في أشياء لا تعنيه، وهو يريد سلته بلا عنب، وأن يكفّ الآخرون بلاءهم عنه.

** وعندما يقال لشخص ما "حيطك واطي" فهي تعبير عن نوع من الاستنقاص والشتيمة، والمقصود منها أنه غير مدعوم ويمكن تجاوزه . أما إذا قيل "استوطى حيطه"، فمعنى ذلك أنه لم يقم له اعتباراً. ويقال أيضاً أن فلان مثل الحائط؛ أي قاسٍ لا يمكن التفاهم معه.

** أما إذا أراد القوم التعبير عن "سريّة أمرٍ" ما، فيقولون إنه يجري خلف جدران مغلقة أو مرتفعة أو خلف أبواب مغلقة. والقصد أنه ما من أحد يعرف حقيقة ما يجري. وقد يقال أن المفاوضات وصلت إلى "حائط مسدود"، وبطبيعة الحال فإن الحائط مسدود، ولكن ذلك يعني أن المفاوضات فشلت ولم تصل إلى نتيجة إيجابية. أما إذا قيل أنه تم إحداث فتحة في جدار المفاوضات، فهذا يعني أنه حصل اختراق في المحادثات أو المفاوضات وهي تبشّر بالخير والوصول إلى نتائج طيبة.

وبالمقابل، يقال أن "للحيطان آذان"، وهي عبارة توجّه لمن يتحدث بأمور مهمة وهو رافع صوته، وبالتالي يجري تنبيهه أن عليه أن يتكلم بصوت خفيض حتى لا تسمعه بعض الجهات التي قد لا يرغب بأن تعرف رأيه  وينتشر الأمر   ويذاع الموضوع بين العامة.

** ويقال أن فلاناً يقاتل وظهره إلى الحائط، أو أنه أجبر على القتال وظهره إلى الحائط، ويقصد أن القتال وصل إلى نقطة حاسمة وأن ذلك الشخص يقاتل للدفاع عن حصونه ومعاقله الأخيرة، وبالتالي، فهو سيستخدم كلّ طاقاته وإمكاناته وما لديه من قوة ليتجنب الخسارة.

** وأحياناً يقال أن دولة أو جهة ما تقيم جداراً فولاذياً في وجه الإعلام، والمقصود أنها تعتم تعتيماً شديداً على أمور معينة. وبالمقابل، يقال أيضاً كسر المرء جدار الصمت؛ أي اخترق السّرية وأباح بما لم يكن مباحاً من قبل وأعلن أشياء لم يكن أحد يتوقع إعلانها.. أما إذا قيل أنه خيّم جدار من الصمت، فهذا يعني السرية والصمت الطويل والثقيل والقاتل، والذي لا يحركه أي شيء وهو دليل على سوء الأمور.

*** ويقال في الأخبار أن إسرائيل تقيم جداراً عازلاً على الحدود مع مصر ـ والجدار بطبيعته عازل ـ ولكن المقصود هو عزل داخلها عن الداخل المصري بشكل كامل لمنع التأثر والتأثير. وبالمقابل، يهرع اليهود للصلاة قرب ما يدعون أنه "حائط المبكى" وهو حائط الحرم القدسي الشريف من الجهة الغربية.

أما عندما أقيم جدار برلين أو حائط برلين، فكان ذلك كناية عن تقسيم ألمانيا بعد خسارتها الحرب أمام الاتحاد السوفيتي، وعندما هُدِم حائط برلين كان ذلك دلالة على عودة الوحدة الألمانية بعد انهيار حلف وارسو.

*** وقد ترمز الجدران أو الحيطان السميكة والعالية إلى السجون التي يخضع فيها الناس للتعذيب والقتل والإهانة، ومنها أمثلة كثيرة، مثل سجن الباستيل التاريخي في فرنسا، وسجن أبو غريب في العراق والذي استخدمه الأمريكيون لتعذيب العراقيين المناهضين للاحتلال الأمريكي لبلادهم، وسجن غوانتانامو في خليج كوبا والذي استخدمه الأمريكيون أيضاً لتعذيب المعتقلين من أنصار القاعدة. ومن الجدران التي تقيمها أمريكا، جدار عالٍ سميك من الترهيب يمنع الحديث عن ممارسات إسرائيل في المنطقة ويخفي حقيقة ما تقوم به من اعتداءات.

أما نحن فاننا لا نريد أن نقيم بيننا وبينكم أي جدران، ونؤكد على أواصر المحبة واللقاء.. ودمتم!!

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.