تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مؤتمرأنطالياالمعادي لسورية..حقائق وغايات وارتباطات

 

عقدت بما يسمى "المعارضة" السورية مؤتمرها "الأول" في مدينة "انطاليا" التركية يومي 1 و2 حزيران الجاري، واتخذت بعض القرارات، ومن بينها تشكيل لجنة استشارية مكونة من 31 عضوا، بالاضافة الى اصدار بيان يلبي رغبة أسيادها يطالب بالتغيير في سورية، وباستقالة الرئيس الدكتور بشار الأسد.

لماذا عقدت "المعارضة" هذا المؤتمر في هذا الوقت؟ ولماذا في تركيا؟ وما هي أهداف عقده من مختلف الزوايا والرؤى؟ هذه الأسئلة وغيرها سيحاول هذا التحليل الهادىء الرد عليها بصورة متزنة وواقعية.

 

نوعية المعارضة في انطاليا

المعارضة في كل مكان من العالم لأي حكم معين هي ثلاثة أنواع: الأول: معارضة وطنية شريفة تهدف الى البناء، وتصحيح الأمور عبر الحوار والكلمة الصادقة، وبشتى الطرق السلمية الهادئة.. والنوع الثاني: معارضة لم يعجبها الوضع فهي معارضة هادئة تعبّر عن رأيها ولكنها لا تفعل شيئاً، وهي معارضة لا يعجبها أي شيء.. والنوع الثالث يتمثل بالمعارضة المرتمية بأحضان الأعداء، وهي رخيصة لأنها تنفذ وتطبق وتعمل ما يريده الخصوم، ترفع شعارات رنانة، ولكنها في الواقع تهدف الى تسليم الوطن لجهات خارجية، وتدميره واضعافه.

المجتمعون في أنطاليا هم من النوع الثالث، إذ أنهم لا يهدفون الى الاصلاح، بل الى التخريب والتدمير. والشواهد على ذلك كثيرة فهم يستخدمون العنف لتحقيق أهدافهم.

 

المموّل والداعم للمؤتمر

أكدت مصادر عديدة أن أجهزة مخابرات أكثر من دولة معادية لسورية هي التي وفرّت المال اللازم لعقد هذا المؤتمر في اطار جهود هذه الأجهزة للإطاحة بنظام وطني ممانع في عالمنا العربي.

وأكدت هذه المصادر وبصورة قاطعة أن غالبية المجتمعين هم مرتبطون بجهة أو أكثر خارجية معارضة لسورية، وهؤلاء يحصلون على مخصصات شهرية، وخير اثبات على ذلك انهم يقيمون في عواصم الدول الغربية، وفي أرقى وأغلى المناطق علماً أن عدداً كبيراً منهم لا يعمل وليست لديه أموال قبل رحيله عن أو تركه لبلاده.

وان التنسيق بين الأجهزة الأمنية الأوروبية والأميركية أدى الى نتيجة واحدة وهي ضرورة عقد "السوريين" مؤتمر للمعارضة السورية، وتم اختيار تركيا لذلك. وتم ابلاغ المخبرين العاملين مع هذه الأجهزة برغبة هذه الأجهزة في ذلك، وان المؤتمر سيمول كاملاً على حساب هذه الأجهزة الأمنية، والمهم أن يعقد هذا المؤتمر.

 

من أهداف هذا "المؤتمر"

من أهداف عقد هذا المؤتمر كما رسمتها هذه الأجهزة الامنية المعادية:-

1.     التأكيد أمام العالم أن هناك "معارضة" للنظام السوري. والتركيز الاعلامي القوي على هذا المؤتمر مهما كانت سخافته ونتائجه، سيُعطي الانطباع بأن هذه المعارضة "قوية" جدا، و"فعالة"، ولها وجود على الساحة الدولية وفي الخارج بشكل خاص.

2.     توحيد المعارضة السورية في الخارج إذ أنها متشتتة وموزعة، وليست لديها قيادة لانها تنتمي لأحزاب أو جهات استخبارية عديدة.

3.     تشكيل هيئة ما لهذه المعارضة تحكي باسمها أمام العالم وتلقى الدعم الدولي، وتكون المبرر لأي تدخل خارجي مستقبلي سواء أكان عسكرياً أو سياسياً (أو بأية طريقة ما) في الشأن الداخلي السوري. أي أن هذه الهيئة هي الجسر التي ستسير عليه القوى الخارجية للعبور إلى سورية.

4.     العمل على تشويه سمعة سورية عبر نشر وبث أخبار ملفقة عن الوضع الداخلي باسم هذه "الهيئة" التي أعطت انطباعاً خاطئاً بأنها تمثل المعارضة السورية.

5.     محاولة هذه الهيئة الحصول على شرعية بطريقة أو أخرى لأعمالها ونشاطاتها وممارساتها عبر الداعم لها، وهو أجهزة الأمن الخارجية المعادية لسورية.

6.     محاولة الايقاع بين سورية والدول التي ينتمي اليها أعضاء هذه الهيئة، ولم يعلن بعد عن مقر هذه الهيئة، ولكن في الواقع مقر قيادتها السري أو المخفي هو أروقة احدى الأجهزة الأمنية الاوروبية أو اميركا. ولهذا سنجد أن العلاقة بين سورية والدول التي تحتضن هذه الهيئة ستكون فاترة جداً الى درجة القطيعة؟

 

ولماذا تركيا

هناك عدة أسباب لاختيار انطاليا أو تركيا مكاناً لعقد هذا المؤتمر، علماً أن "المعارضين" أنفسهم كانوا قد اجتمعوا مع بداية الاضطرابات في استانبول، وكان اجتماعهم فاشلاً.. ومن هذه الأسباب المؤكد بعضها:-

·        المنتمون لهذه المعارضة لهم خلفيات أو انتماءات دينية، وبعضهم من الاخوان المسلمين، لذلك أرادوا استثمار نظام الحكم "المتدين" في تركيا، والقواسم المشتركة الدينية معه، وبالتالي لم تستطع تركيا أن تقول "لا" لعقد هذا المؤتمر على أراضيها.

·        عقد المؤتمر في انطاليا من أجل إثارة المشاعر ضد تركيا بأن هذا الجزء هو سوري الأصل، وان انطاليا هي أرضٍ سورية، ولذلك فهم يعطون الانطباع بأنهم يعقدون مؤتمرهم على أراضٍ سورية الاصل، وكذلك من أجل الايقاع بين تركيا وسورية. وهنا يجب الاشارة الى أن الغرب مستاء جداً من التحالف أو التعاون الاستراتيجي بين سورية وتركيا، ويريد الغرب انهاء هذا التعاون أو التحالف، واعادة الوضع الى ما كان عليه قبل عشرات السنوات، أي توتر أو فتور في العلاقات بين الدولتين الجارين.

·        ان من اختار تركيا مكانا لعقد هذا المؤتمر او الاجتماع الاول هو باراك اوباما، الرئيس الاميركي الحالي، إذ أنه أجرى اتصالا هاتفياً عند اندلاع هذه التحركات والاضطرابات في سورية مع رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، وطلب منه السماح للمعارضة باستخدام الاراضي التركية لعقد مؤتمر أو مؤتمرات لها.

·        يُقال أن تركيا سمحت لهؤلاء المعارضون بعقد مؤتمرهم في انطاليا لعدة أسباب ومن أهمها:

1.     موقف سورية الحالي تجاه سعد الدين الحريري الذي يموّل أعمال التخريب في سورية، والذي هو أحد أسباب وعوامل عدم استقرار لبنان، وهو الذي يقف علانية ضد المقاومة، وضد حزب الله.

2.     قيام سورية باعطاء الاكراد الذين يقيمون على أراضيها الجنسية السورية وكذلك حقوق المواطنة، وهذا بحد ذاته استفز تركيا التي تعامل هؤلاء الاكراد كدرجة ثانية، وتريد من سورية أن تنسق معها قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بالاكراد في تلك المنطقة. ويقال أن عدد الاكراد الذين يعيشون على اطراف الحدود السورية وفي شمال العراق وجنوب شرق تركيا والشمال الغربي لايران يصل إلى حوالي عشرين مليوناً. وهؤلاء الاكراد يحاربون تركيا للحصول على حقوقهم من تركيا عبر حزب العمال الكردستاني، وقيام سورية بمنح هؤلاء الأكراد الذين يعيشون على الأراضي السورية، ولأنهم سوريون، حقوقهم المدنية الكاملة وأهمها الجنسية السورية، أثار غضب اردوغان بشكل خاص.

3.     تريد تركيا أن تكون زعيمة السنة في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك فهي تنسق مع السنة في السعودية ودول الخليج، ومع كل دول المنطقة، ما عدا ايران وسورية وحزب الله باعتبار أن هؤلاء يرفضون التقسيم الطائفي الذي يؤدي الى فتنة التي يسعى الغرب الى اشعالها في منطقة الشرق الأوسط للسيطرة والهيمنة عليها.

4.     تريد تركيا أن تكون "المعارضة السورية" ورقة تساوم عليها الرئيس الأسد، كي تكون تركيا "أقوى" من سورية في ساحة منطقة الشرق الأوسط، وتكون "القائدة" لأي تحرك.

5.     هناك من يقول ان تركيا أرادت تبديل حليفها السوري بحلفاء جدد في المنطقة، الحلفاء المعتدلين الراضية عنهم اميركا إذ أن حزب العدالة في تركيا يرى ان موقعه هو مع الأنظمة ذات الخلفية الدينية وليست الانظمة العلمانية، المدنية الحضارية.

 

نتائج المؤتمر

ليست هناك نتائج لهذا المؤتمر سوى اختيار هذه "الهيئة" الدُمية التي ستمثل المعارضة وستوحدهم قدر المستطاع.. وبيانها "سخيف" لأنه غير قابل للتطبيق أو للقبول من الشعب السوري لعدة أسباب ومن أهمها أن هذه المعارضة هي خارجة عن الخط الوطني وخائنة من خلال ارتباطاتها مع الجهات المعادية لسورية، وهي تدعم التخريب والتدمير في سورية مما يؤكد أنها معارضة هدامة لا تنتمي للوطن لا من قريب أو بعيد. ولان الشعب السوري "يزبل" مثل هذه المعارضة وقراراتها علماً – ومؤكد أيضاً – أن هذه المعارضة ليست لها امتدادات أو تأثيرات داخل الوطن السوري وكل من المجتمعين لا يمثل الا نفسه، أو الجهة التي يعمل معها أو يرتبط بها.

ولا بدّ من القول أن عدداً من هؤلاء "المعارضين" تركوا أو فروا من سورية ليس لأنهم ضد النظام، بل لأنهم اقترفوا جرائم وجنايات، وبعضهم مطلوب للعدالة في سورية، لذلك فقد فروا إلى الخارج هرباً من العدالة أولاً، ولأنهم أيضاً فاسدون.. وهم "يناضلون" و"يُنظرون" عبر شاشات التلفاز، وخاصة الفضائيات الموالية لاعداء الأمة، والتي تطبل وتزمر وتهلل للتخريب والهدم في عالمنا العربي.

 

محاولة فاشلة

حاول عبد الحليم خدام في العام 2005 وبعد فراره من سورية الى فرنسا ان يشكل معارضة لكنه فشل، واجتمع الى عدد من قادة المعارضة في الخارج ومنهم زعيم الاخوان المسلمين "البيانوني" المقيم في لندن منذ عقود، ولكن جبهتهم التي شكلت حينها لم تدم، وانتهت لان الشعب السوري، والمعارضة الشريفة "لفظوها" في اول لحظة لتأسيس هذه الجبهة الفاسدة.. فكيف يمكن لها ان تكون معارضة وهي هاربة من وجه العدالة.

حاول كثيرون ومنذ سنوات عبر اتصالاتهم مع الادارة الاميركية تشكيل "معارضة" قوية، ولكن كل المحاولات كانت تبوء بالفشل لان المؤسسين والقائمين عليها ليست لديهم أية شعبية، ولانهم فاسدون، وارتكبوا الجرائم والجنايات في داخل الوطن قبل أن يفروا للخارج، ولانهم مرتبطون مع جهات خارجية معادية لسورية.. وخير مثال على ذلك عبد الحليم خدام الذي يعمل مع أعداء سورية ويتحدث عن الفساد، وهو الذي قبض الأموال من آل الحريري ليقف ضد وطنه، وشعبه، وارتكب العديد من المخالفات وفر من الوطن لانه لا يريد أن يواجه العدالة، والعقاب الذي يستحقه!

 

مستقبل "المعارضة"

لا شك أن مستقبل هذه المعارضة قد يكون "جيداً" أو مستقبلاً مزرياً.. وهذا يعتمد على عدة عوامل ومعطيات وكل المعطيات تؤكد أن مستقبلها سيكون مزرياً لعدة أسباب ومن أهمها:-

1.     المعارضة الوطنية الشريفة التي تشارك في الحوار من أجل تحقيق الاصلاح بقيادة الرئيس الأسد، ستنهي دور هذه المعارضة الخائنة والخارجة عن الخط الوطني العام.

2.     الشعب السوري لن تنطلي عليه مثل هذه المعارضة المزيفة التي هي مجموعة من المرتزقين الذين يتسولون ويتوسلون المساعدة على أبواب الأجهزة الأمنية المعادية.

3.     سورية، قيادة وشعباً وجيشاً، ستتجاوز الأزمة المختلفة ومسيرة الاصلاح ستسير، وبالتالي فان أفواه هؤلاء المعارضين الخائنين ستسكت، ولن يجدوا أي مبرر لوجودهم ولن يجدوا من يصغي الى دعواتهم.

 

لا شك أن هؤلاء سيحاولون توسيع قاعدتهم وسيجدون أمثالهم الذين هربوا من سورية على خلفية ليست سياسية لينضموا اليهم وقد يحظون بدعم اعلامي ودولي كبير، ولكن الكلمة الفصل ستكون للشعب السوري الذي يأبى أن تقرر مصيره "زمرة" تتعامل مع الخارج، ويأبى أن يُلغى دور سورية الكبير في المنطقة، وهذا الشعب سيحافظ على هذه القلعة الحصينة ولن يسمح لأحد باختراقها أو مسها.

انه شعب قوي وواع وصامد، ويستطيع ان يحسم الامر في النهاية، ويستطيع أن يلفظ كل هؤلاء الذين حاولوا التآمر على سورية الحضارة والتاريخ والقلعة العربية الصامدة. ولا شك أن هذا الشعب لن ينسى كل الذين تآمروا عليه.. وحتماً أنهم سيدفعون ثمن تآمرهم وتخاذلهم وانباطحهم وتذيلهم.. وما يصح الا الصحيح. وستبقى سورية قوية وستبقى أمتنا العربية أيضاً قوية، ولا بدّ أن تتلاشى السحابة السوداء عن أجواء هذا الوطن ليصبح سماؤه صافياً.. ولتعود الى وطننا العربي هيبته نفوذه وقوته وتأثيره على الساحة الدولية، لأن مرحلة العجز لا بد أن تكون لها نهاية، وها نحن في المرحلة الأخيرة لهذه النهاية، وسيحل مكان العجز القوة والقدرة والوجه المشرق لهذه الأمة بعد غياب استمر عقود!؟

 

 

 

اسرائيل كانت في

مؤتمر انطاليا

أكدت مصادر صحفية اسرائيلية ان عدداً من الصحفيين الاسرائيليين شاركوا في تغطية مؤتمر انطاليا لما يسمى بـ "المعارضة السورية". وهناك من يقول ان بعض المسؤولين الاسرائيليين تواجدوا من خلال ممثلين لهم أخذوا صفة "الصحفي".

وقالت هذه المصادر الخاصة أن عدداً من المشاركين في المؤتمر أجروا اتصالات هاتفية عدة مع عدد من المسؤولين الاسرائيليين قبل انعقاد المؤتمر طالبين الدعم والمساعدة والمساندة في خطواتهم للمس بالنظام الحالي في سورية.. وان "ايوب القرا" نائب الوزير الاسرائيلي سيلفان شالوم كان أحد الذين تم الاتصال بهم.

مصادر عديدة أكدت للبيادر أن اسرائيل ستعمل على تعزيز علاقتها مع الهيئة الاستشارية لهذه المعارضة، مع ان هناك شكوكاً في أن هذه المعارضة تستطيع تحقيق كل أهداف الغرب بعد دعمها، وان بعض هؤلاء المعارضين سيزورون اسرائيل قريبا للاجتماع مع قادة اسرائيل والتشاور معهم للحصول على دعم لهم ووضع خطة مشتركة لضرب سورية من الداخل. وستكون هذه الزيارات سرية في بادىء الامر حتى لا يتعرض هؤلاء للانتقاد، وتتعرض هذه الهيئة لمزيد من "البهدلة"!

                                                                               جاك خزمو

                                                              رئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.