تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

غوغول

 ولد نيقولاي فاسيليفتش غوغول في الأول من نيسان / أبريل 1809 في قرية سوروشنتسي الأوكرانية قرب بولتافا وكانت والدته من سلالة من النبلاء البولنديين، بينما تحدر والده فاسيلي غوغول - يانوفسكي من سلالة من صغار النبلاء القوزاق، وكان ذو اهتمامات أدبية فكتب الشعر باللغتين الروسية والأوكرانية وألف عدداً من المسرحيات للهواة، وكان عائلة غوغول تتحدث الأوكرانية والروسية في البيت. التحق غوغول بالمدرسة في مدينة نيجين القريبة وبقي هناك حتى عام 1828، حيث انتقل وهو ممتلئ بالطموح إلى العاصمة سان بطرسبرغ يحدوه الأمل بمسقتبل فني كشاعر، حيث نشر مجموعة شعرية على الطراز الرومانسي الالماني تحت اسم ف. ألوف، لكنها لاقت أصداء سلبية جداً من النقاد جعلته يشتري جميع النسخ ويحرقها ويقسم آلا يكتب الشعر مرة ثانية. في عام 1831 نشر غوغول أولى مجموعاته القصصية عن الحياة الريفية في أوكرانيا في مجلدين بعنوان «أمسيات في مزرعه قرب ديكانكا»، وقد لاقت قصصه التي استخدم فيها الكثير من الألفاظ الشعبية وأدخل فيها الكثير من المعتقدات والعادات الفلكلورية الأوكرانية نجاحاً باهراً وقد اعتبر العديد من النقاد أن هذه المجموعة القصصية (وإن كانت مكتوبة باللغة الروسية) تعد الأساس لنشوء الأدب الأوكراني المتميز والمختلف عن الأدب الروسي، وأتاح نجاح هذه المجموعة القصصية لغوغول فرصة التعرف على أهم شخصية أدبية روسية في ذلك الزمان «بوشكين» وسرعان ما نشأت بينهما علاقة صداقة استمرت حتى وفاتهما وقال غوغول أن بوشكين هو من أعطاه فكرة مسرحية المفتش العام ورواية الأرواح الميتة. بعد نجاح قصصه الأولى أصدر عدة مجموعات أخرى من القصص من ضمنها «قصص ميجورود» و«قصص أرابيسك»، لكن قصة «تاراس بولبا» التي كتبها ضمن مجموعة مججورود ولدت لديه اهتماماً بالتاريخ الأوكراني جعلته يسعى للحصول على موقع في قسم التاريخ في جامعة كييف، لكنه فشل في هذا المسعى وحصل على منصب أستاذ تاريخ العصور الوسطى في جامعة سان بطرسبرغ، ولم يتأقلم غوغول مع الحياة الأكاديمية وترك منصبه بعد فترة وجيزة، لكن هذه الرحلة مع التاريخ جعلت غوغول يحول قصته القصيرة إلى رواية طويلة تعد من أشهر الروايات التاريخية اليوم وتم تحويلها واقتباسها إلى فيلم سينمائي عدد من المرات وبلغات مختلفة كان آخرها نسخة روسية عام 2009. من مسرحيات غوغول: (المفتش العام – خطوبة - الزواج)، ومن قصصه: (المعطف – الأنف – شارع نيفسكي – الصورة – مذكرات مجنون – العربة - ايڤان ايڤانوفيتش وايڤان نيكيڤوروڤيتش - مُلاك زمان – ليلة في مايو – الرسالة المفقودة – ليلة الكريسماس – المنطقة المسحورة – مذكرات مجنون – إيفان فيودوروفيتش شبونكا وعمته)، أما رواياته فيه رائعته «تاراس بولبا»، ورواية «الأرواح الميتة» التي مات ولم يكملها، بالإضافة إلى كتابه «اعترافات مؤلف». وتعد «رواية الأرواح» الميتة إحدى أهم ما كتب باللغة الروسية ومن أهم الروايات العالمية رغم عدم اكتمالها، وقد قضى غوغول أكثر من عشرين سنة في كتابتها، ونشر أجزاء منها، لكن كتابته للفصل الأخير فيها أدخل الكاتب في حالة من الهذيان العقلي والديني دفعته إلى أن يقوم بإحراق كافة مخطوطات الجزء الثاني قبل وفاته بعشرة أيام في الرابع من آذار / مارس 1852 في موسكو. كان تأثير غوغول في الأدب الروسي كبيراً جداً فقد أسست أعماله لمدرسة أدبية جديدة في روسيا هي المدرسه الطبيعية، وهي المدرسة التي تتحدث عن روسيا كما هي حيث صورت أعمال غوغول شتى أشكال الطبائع البشرية في ظل نظام القنانة (عبيد الأرض) الإقطاعي في الريف والبيروقراطية والفساد المستشري في المدن كما أعطت وصفاً مسهباً ودقيقاً للمدن والقرى الروسية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ورغم اشتهار غوغول على الصعيد الإنساني والأدبي بمقدرته المذهلة على إضحاك الناس، إلا أن أعماله تحمل قدراً كبيراً من المأساوية المغطاة جيداً بطبقة من الكوميديا، فإلى جانب قدرته على تصوير الروح الطيبة والبساطة والنقاء والجانب الإنساني العميق لدى الشعبين الروسي والأوكراني ووضعها ضمن قالب من الضحك والفكاهة والسخرية، فقد استطاع أن يصور تصوير بشاعة وفداحة الظلم والبؤس في الريف وفي الأحياء الفقيرة في المدن، ويقال أن بوشكين لما سمع الفصول الأولى من رواية «الأرواح الميتة» جعلته يدخل في حالة من الكآبة سرعان ما جعلته يقاطع قراءة غوغول وهو يصيح «يا إلهي... يا حزن روسيتنا». تم تكريم غوغول بعد وفاته بشكل عز نظيره، حيث أصدرت مئات الطوابع التي تحمل صورته في كافة أنحاء العالم، وأطلق اسمع على عدد كبير من الشوارع في كبرى مدن الاتحاد السوفيتي السابق، كما قامت أوكرانيا بلده الأم بإصدار عملة نقدية تحمل صورة غوغول عام 2009 بمناسبة 200 عام على ولادته. 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.