تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحوار والحرية.. وما بينهما

 

محطة أخبار سورية

 حوار فكري قديم جرى بين عدد من المثقفين العرب حول الحرية عند العرب.. ومما لاحظه.. د. محمد عابد الجابري وقتها أن العرب استخدموا كلمة «الحر» ضد العبد والمملوك، و«الحرية» ضد الرق وأنه عندما يجري استخدامها كتعبير عن القدرة على الاختيار بين أمرين أو أكثر فضل علماء العرب استخدام لفظ «جواز» أو «رخصة» مثل رخصة افطار المسافر في رمضان.

أهمية ما قاله الجابري أنه يعتمد على ما يعرف بالنظرية اللغوية والتي تبين أن فكر كل أمة يتمثل في لغتها حيث «البنية اللغوية هي التي تحدد الفكر وتشكله وتتحكم فيه».

وبناء على النظرية اللغوية فإن مفهوم «الحرية» بالنسبة للعرب ملتبس ويساق إلى غير محله.

وجد الجابري كثيرين يناقضونه ومنهم د. أحمد عبد المعطي حجازي الذي رفض التبسيط لكلمة الحرية ووصل إلى أن الحرية عند العرب ليست فقط عكس العبودية بل هي عكس الزيف والنفاق فمثلاً الذهب الحر.. يعني الذهب الخالص غير المغشوش والفرس الحر هو الفرس الأصيل.

والحرة هي المرأة العفيفة الكريمة إذ يقال «تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها».

أتحدث هنا عن هذا الحوار الفكري كمقدمة لأضع الحرية كأول شرط لازم لحوار ناجح، حيث يمكن أن نقول بثقة إن وصفة الحوار المثمر مرتبطة بوجود الحرية بمعناها الشامل والعام والقائم على التخلي عن عبودية الأفكار الجاهزة والنمطية والمقيدة بالخطوط الحمراء.

إن سورية الآن تقف على بوابة تاريخ جديد، وإن الحوار الوطني هو جواز السفر للدخول إلى عصر متميز يحدده مدى قدرتنا على صناعة حوار راق وعميق.

ومن الواضح أن سقف الحوار بدأ عالياً.. فلم يعد السؤال هل نعدل الدستور أم لا نعدله، ولا أن نذهب إلى التعددية السياسية أم لا.. أو إلى حريات إعلامية أم لا.. بل أصبح السؤال كيف؟!

والمعني بالإجابة عن كيف هو الحوار الوطني.

ولست في وارد الحديث عن فضيلة الحوار بقدر ما أريد أن أتحدث عن ضرورة ألا يكون مقيداً إلا بقدسية الوطن.

وعلينا أن نذهب إليه بحماسة وبقلوب متسامحة وعقول منفتحة لأن التلكؤ في الذهاب إلى الحوار هو تعطيل للإصلاح.

وأيضاً.. من حيث المبدأ علينا أن نتحمل حداثة عهدنا بالحوار وأدبياته وأن نستقدم من دواخلنا حضارات مرت علينا.. مزروعة في «جيناتنا» وتحتاج فقط إلى استحضار يقدمها ويقدمنا كأمة تؤمن بالحوار وتتقنه.

 * - عبد الفتاح العوض

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.