تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

محاكمة بن علي.. كوميديا الساسة وتراجيديا الشعب

تونس

وسط أجواء يكتنفها الارتياح وأخرى الحيرة وعدم الرضا، بدأت يوم الاثنين 20 يونيو 2011 بالعاصمة التونسية محاكمة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، في غياب المتهم الذي كان نفى التهم الموجهة اليه وندد بما سماه عدالة المنتصرين.

خارج قصر العدالة وسط العاصمة تونس تجمع عشرات الأشخاص رافعين شعارات تدين ما وصفوه بالمهزلة والمحاكمة الصورية. ولافتات كتب عليها بن علي في السعودية والعصابة لاتزال في تونس .. وبن علي هرب مثل الفأر لكن لن يفلت من العدالة.

أما قاعة المحاكمة في الغرفة الجنائية للمحكمة الابتدائية فقد غصت بالحضور ممن  جاؤوا لمتابعة محاكمة بن علي الذي حكم تونس بيد من حديد لمدة 23 عاما.

قاضي الدائرة الجنائية بالمحكمة الإبتدائية بتونس العاصمة، أصدر حكما غيابيا يقضي بسجن الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي وزوجته لمدة 35 عامار، بقضية واحدة، ويأجل النظر بقضية ثانية.

الحكم تضمن أيضا حكما آخر يقضي بتغريم بن علي وزوجته بدفع 91 مليون دينار تونسي (67.40 مليون دولار).

انه حدث تاريخي لصور حية ووقائع  كانت غير قابلة للتصديق ولا للتغيير، بل لم تخامر الأذهان يوما.! حتى لكأن الزمن يرحل بنا إلى الماضي  وبآلاف السنين لنجد أنفسنا في سنة 534ق.م. نعايش تجربة مسرحية إغريقية بملامح تونسية.  انها مسرحية محاكمة غير عادلة لن تنتهي بقتل البطل مثلما يحصل في أغلب المسرحيات التراجيدية الاغريقية لان "البطل" بن علي يحاكم اليوم في تونس غيابيا، محاكمة غير مستوفية الشروط.

المضحك قانونيا فيها هو الحديث عن تكليف محام لبناني للدفاع عن الرئيس السابق زين العابدين بن علي في ظل محاكمة غيابية.

ومن المهازل أن هيئة الدفاع عن بن علي التي سخرتها الهيئة الوطنية ستبذل كل ما في وسعها "للدفاع عن الرئيس التونسي السابق وتوفير كافة الضمانات له مثله مثل اي مواطن تونسي آخر" والحال أن الكل يعلم سلفا أن الرئيس المخلوع لن يكون حاضرا بقفص الإتهام.. وبذلك فهم يحاكمون السراب.. ويلهون الشعب التونسي بالأوهام.

وحتى وان جرت محاكمة بن علي وزوجته فإن السلطات القضائية التونسية مطالبة بوسائلها تحديد أماكن المحكوم عليهم ثم إصدار بطاقة جلب اعتمادا على الاتفاقات الدولية والثنائية فيما يتعلق بتسليم المتهمين والمطلوبين للقضاء، لكن هل يمكن واقعيا لتلك الإتفاقات أو للأنتربول ان تلزم السعودية أو قطر أو الإمارات العربية المتحدة أو غيرها تسليم الأشخاص المطلوبين إلى تونس؟ إن المسألة هنا لا تتعلق بالقانون فحسب وإنما أيضا بالمصالح السياسية والإقتصادية.

إن محاكمة بن علي الغيابية وان تعددت القضايا فيها فإنها ليست سوى اقراص اسبيرين لتصبير التونسيين، واستمالة الإعلام التونسي والعربي والعالمي قصد تلهيته عن رؤوس الداء الحقيقية التي ما تزالت تعيش داخل الأرض وتستنزف ثروات البلاد وتمتص دماء شعبها.. انما محاكمة وهمية ومغرضة غايتها إلهاء الرأي العام بمسرحية الأوهام "محاكمة الرئيس التونسي السابق" والهدف من وراء  كل ذلك طمس حماس الثورة التونسية والإلتفاف على القضية الحقيقية لاندلاعها.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.