تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الجمهــوريــة الثــانيــة..

 

محطة أخبار سورية

لم يتردد السوريون لحظة واحدة في النزول إلى الشارع والتعبير عن دعمهم المطلق لبرنامج السيد الرئيس بشار الأسد الإصلاحي ولرؤيته الواضحة عن مستقبل سورية التي يبنيها شعبها يداً بيد لتكون منارة للحضارة والرقي وتكون أيضاً ديمقراطية ومستقلة مبنية على الشفافية والعدالة والمساواة.

ومن موقعي كمواطن سوري أولاً وإعلامي ومشارك في عملية الإصلاح التي تشهدها سورية من خلال لجنة صياغة قانون إعلام جديد، أجزم وبكل موضوعية أن سورية تتجه اليوم نحو «الجمهورية الثانية» إذا صح التعبير، وإذا اعتبرنا أن الجمهورية الأولى ولدت مع الحركة التصحيحية عام 1970 ويقود اليوم الرئيس بشار الأسد الحركة التصحيحية الثانية التي سينتج عنها جمهورية جديدة وربما دستور جديد علماً أني لا ألغي أو أتجاهل هنا جمهوريات ما بعد الاستقلال لكني أختصر الزمن بالعقود الأخيرة وخاصة أن لا وجود لتسلسل زمني أو رقمي للجمهوريات السورية.

وانطلاقاً من هذه الاعتبارات ومن قراءة سياسية بسيطة لأفكار الرئيس بشار الأسد منذ توليه سدة الرئاسة حتى يومنا هذا، مروراً بكل الإصلاحات التي شهدتها سورية خلال العقد الماضي التي يمكن انتقادها لكن لا يمكن إنكارها لأنها باتت جزءاً من حياتنا اليومية، نصل إلى استنتاج واحد أن الرئيس الأسد ليس من القادة الذين يتخذون القرارات المصيرية نيابة عن الشعب، وذلك لعدة أسباب، أولها أنه يؤمن بالمواطن السوري ووعيه وتاريخه العريق، ويؤمن بالعمل المؤسساتي والتشاركية في اتخاذ القرار، وهناك شهود كثر يعرفون كيف كانت تصاغ القوانين منذ توليه سدة الرئاسة، والأهم أنه يؤمن بأن مستقبل سورية يصنعه السوريون وليس الرئيس وحده، وهذا كاف ليعلن الرئيس عن حزمة تشريعات تحتاج إلى إجماع أغلبية السوريين عليها لتصبح قوانين وتصبح واقعاً ينقل سورية من مرحلة إلى أخرى، وهذا جوهر سياسة الرئيس الأسد الذي كان وسيبقى يستمد قوته وشرعيته وصلابة مواقفه من إجماع الشعب السوري على قيادته.

فما تشهده سورية اليوم ليس فقط استمرارية للإصلاح بل نقلة نوعية في الإصلاح ستصل بنا إلى «الجمهورية الثانية» أي سورية جديدة مختلفة سياسياً، وفي مرحلة لاحقة مختلفة اقتصادياً. فالرئيس بشار الأسد أخذ قرار الإسراع في الإصلاح وبدأ التنفيذ بالأفعال، فغير الأولويات ليكون الإصلاح السياسي قبل أي إصلاح آخر، وذلك بعد أن ثبت من خلال ما سمعه مباشرة من المواطنين أن سورية اليوم بحاجة إلى هذا الإصلاح أكثر من أي وقت مضى لتعيد بناء مناعتها وقوتها ورفعتها، لا بل لتكون من يعطي الدروس لا من يتلقاها، وهذه العبارة كانت واضحة في كلمة الرئيس الأسد الأخيرة ولها معان كثيرة وأول ما تعنيه أن سورية الغد ستكون نموذجاً للحرية والديمقراطية ولسلطة الشعب الحقيقية، سورية ستحرج الكثير من الأنظمة العربية وتحديداً تلك التي هبت واستنفرت كل أجهزتها لتعلن عداءها لسورية قيادة وشعباً.

فالرئيس الأسد لم يتوقف عند تعديل مادة في الدستور بل طرح فكرة تغيير كل الدستور لأنه على قناعة بأن سورية المستقبل ستحتاج إلى دستور جديد، وهذا بكل تأكيد ما سيتم بحثه في الحوار الوطني، لكن ما أريد أن أصل إليه هو أن الرئيس الأسد ينظر أبعد من كل من يطلق على نفسه لقب المعارض أو هو فعلاً معارض، الرئيس يتحدث عن سلطة فعلية للشعب، وعن خيارات تترك للشعب، وعن قرار الشعب ومسؤولياته في بناء جمهورية تتوارثها الأجيال وتفتخر بما سننجزه نحن لهم.

ودون التعليق على الكلمة مباشرة، أجد أنه من الضروري ملاحظة أن الرئيس الأسد منح توكيلاً شاملاً للشعب السوري ليحدد خياراته ويصنع مستقبله، وهو بصفته الدستورية وانطلاقاً من قناعته بضرورة الإصلاح ودعماً لأي قرار يتخذه السوريون سيقود هذا الإصلاح ويحصنه في مرحلة يجوز تسميتها «انتقالية» إلى أن تنظم الحياة السياسية السورية بأحزاب تطرح برامج وأشخاصاً قادرين على تنفيذها.فالمشكلة اليوم ليست بمادة أو بحزب أو حتى بنظام كما يحاول البعض تصويرها، المشكلة وكما شخّصها الرئيس الأسد تكمن في رسم ملامح سورية جديدة وآليات الانتقال إليها، ولإنجاز هذا الرسم نحن بحاجة إلى حوار وطني، حوار ديمقراطي يرسخ مبدأ سلطة الشعب وتطلعاته، وهو حوار موجود في الشارع والمقاهي وفي المنزل، وحان الوقت لتنظيمه حول مستديرة تجمع كل الوطن، فما تشهده سورية اليوم من حراك سياسي استثنائي يشكل فرصة تاريخية لكل السوريين لطرح كل الأفكار من خلال ممثلين عن كل أطياف الشعب في حوار سيصنع مستقبل سورية.

في واحد من برامج التنمية الريفية كان القرار يتخذ بالأغلبية من سكان القرى وكان هناك خبراء يزورون القرويين ويعلمونهم حكم الأغلبية وضرورة المشاركة في القرار والتصويت والانتخاب ومبدأ المواطنة الإيجابية لا السلبية، تلك التي تنتظر من الآخر أخذ القرار بدلاً منك.

وهذا البرنامج كان برعاية الرئيس الأسد الذي كان يتابعه باستمرار ويطلع من الخبراء على نتائجه وردة فعل السكان تجاهه ويرسخ ثقافة التشاركية في القرار.

أستحضر هذا المثال لتأكيد جدية الرئيس الأسد في الإصلاح وفي جعل كل مواطن مسؤولاً عن وطنه وعن مستقبله، وهذا باعتقادي محور كلمته في جامعة دمشق، فالرئيس الأسد ليس بعيداً عن الإصلاح فهو كما قال الكثيرون الإصلاحي الأول في سورية والمعارض الأول أيضاً فهو لم يخف يوماً وجود صعوبات وخلل في عمل الكثير من أجهزة الدولة داعياً إلى الإسراع في وضع الرؤى والحلول لإصلاحها معترفاً بوجود تأخير وروتين وأولويات معيشية كانت تتقدم على الأولويات السياسية دون أن ننسى كل ما كانت تتعرض له سورية من ضغوط خارجية ومحاولات عزل وحصار.. لكل ذلك، وانطلاقاً من كلمة الرئيس الأسد الأخيرة والتفويض الذي منحه للسوريين، بات من واجب كل سوري اليوم أن يحدد خياراته تجاه الوطن الذي يتطلع إليه، فما كان حلماً للبعض في الماضي قد يصبح حقيقة غداً، وهذا يتطلب الانخراط في الحوار وفي تحديد أي سورية نتطلع إليها جميعاً، لكن في جميع الأحوال ستكون سورية حضارية مبنية على قيم الانفتاح والتسامح والمحبة، وليس على الاختلاف والتخلف والتطرف وعلى فتاوى «شيوخ» يعيشون في العصر الحجري.

سورية اليوم مقبلة على تغيرات جذرية لن تكفي فيها كلمة إصلاحات، سيكون علينا استخدام مصطلحات البناء والانجاز والديمقراطية، ولا نبالغ حين نصف ما يؤسس له الرئيس بشار الأسد بالجمهورية الثانية بكل المقاييس، والأمل الآن أن يشارك كل سوري في صناعة هذه الجمهورية وأن يمارس مواطنته بكل إيجابية، وما نتمناه من المعارضة المشاركة الفعالة في الحوار الوطني وإبداء الرأي والتصور وآليات الانتقال من سورية اليوم إلى سورية الغد، فقطار الإصلاح انطلق وبسرعة أذهلت الكثيرين ولن يكون بمقدور أحد في الداخل ولا في الخارج إيقافه، فلنتخل عن كل المواقف المسبقة ونبدأ في بناء جمهوريتنا الثانية بمباركة السوريين الذين كانوا حماة سورية على مر العصور وهم اليوم أكثر تصميماً على حماية عملية الإصلاح وتحصينها لأنهم أكثر الشعوب حرصاً على صناعة مستقبلهم ورفض كل التدخلات الخارجية في هذا المستقبل الذي يستند إلى قيم هذا الشعب العظيم وهويته.

فإلى الحوار وإلى سورية جديدة نبنيها يداً بيد ونحميها بأجسادنا وأرواحنا.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.