تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سورية بخير وستبقى بخير

                                  * بقلم جاك خزمو- القدس المحتلة 

يؤكد "التدخل" الدولي في الشأن السوري أن هناك مؤامرة تحاك ضد هذا الوطن العربي الممانع، والصلب في مواقفه، الرافض لحلول الاستسلام والخنوع والخضوع.

وهذا "التدخل" واسع النطاق وكأن ما يهم الأمن العالمي هو ما يجري في سورية من اضطراب مختلق هنا أو هناك، وان العالم كله أصبح بخطر إلا إذا تغير النظام في سورية، أو تغيرت مواقفه لتكون خاضعة وموالية للسياسة الاميركية ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في كل أنحاء العالم.. حتى ان الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون يقف ضد سورية، وهذا الموقف هو مقابل اعادة انتخابه لولاية ثانية أميناً عاماً للأمم المتحدة.

هذا "التدخل" لا يريد مصلحة الشعب السوري، بل تدمير استقراره، وضرب وحدته، وتحويل سورية الى فوضى لان المخطط الأساسي هو تقسيم المنطقة الى دويلات، واذا نجح هذا المخطط في سورية، فان هذا يعني أن "السبحة قد كرت"، وبالتالي سينفذ المخطط بهدوء، لكن سورية عصية على هذا المخطط، ولن تسمح بتمريره أو تنفيذه، لهذا نرى أن الهجمة الشرسة والقذرة على سورية متواصلة علماً أن هذه الهجمة قد بدأت بفقد مفعولها على الساحة السورية الداخلية لان الوحدة الوطنية قوية في قلب سورية وهناك تلاحم قوي بين الشعب والقيادة.

 

الداخل السوري هو الأهم

الخطاب الذي القاه الرئيس بشار الأسد من على مدرج جامعة دمشق ظهر يوم الاثنين 20 حزيران 2011 هو موجه للداخل، إذ استعرض مسيرة الاصلاح وما تحقق في ذلك. وأكد الرئيس الأسد أن عملية الاصلاح تسير بخطى كبيرة، وان هناك مجموعة من القوانين الجديدة المتعلقة بالانتخابات، والاحزاب السياسية، والاعلام ستصدر قريباً، ولكن بعد أن يبدي المواطن رأيه في كل من هذه القوانين التي تعلن للملأ. وكذلك أشار الرئيس إلى هيئة الحوار التي تضع الاطار العام لاجراء حوار واسع وشامل حول الوضع السياسي، وكيفية نقل سورية الى بلد ديمقراطي وحديث، وان هذا الحوار يعني مشاركة الجميع في ابداء الرأي، وفي تقديم المطالب المشروعة والعادلة، وان هذا الحوار الوطني الشامل لن يستثني أحداً، وسيشارك فيه كل انسان.

واكد الرئيس الأسد أنه يريد ويسعى الى تحقيق الاصلاح والاسراع في هذه المسيرة، وان تكون سورية الحديثة نموذجاً يحتذى به ليس في الشرق بل في العالم كله.. وشدد على ضرورة تطبيق الاصلاح، وتطبيق كل القوانين الجديدة بعد اقرارها من دون أي تلكؤ، وهو يتابع الامور كلها ويلتقي مع أعداد كبيرة من أبناء الشعب ليصغي الى آرائهم فهو ليس بعيداً عنهم، بل هو معهم وفي وسطهم، لذلك يعرف كل ما تحتاج اليه سورية، وهو يلبي ما يحتاجه المواطن أيضاً.

 

 

مراسيم بناءة

وقد أصدر الرئيس الأسد منذ 15 آذار وحتى كتابة هذا المقال حزمة من المراسيم الرئاسية وكان من أهمها:-

·        الغاء حالة الطوارىء التي كان معمول بقوانينها منذ عام 1962.

·        الغاء محاكم أمن الدولة.

·        سن قانون للتظاهر، إذ يُسمح بالتظاهر بصورة سلمية وبعد الحصول على اذن رسمي لتوفير الحماية للتظاهرة.

·        اصدار عفو عام عن عشرات الآلاف من المواطنين، وهذا عفو سياسي شمل أيضاً الاخوان المسلمين.

·        اصدار عفو آخر عن مرتكبي العديد من الجنايات.

·        تشكيل هيئة حوار لاجراء حوار واسع وشامل تشارك فيه جميع أطياف المجتمع وكذلك جميع القوى المتواجدة على الساحة السورية.

·        تحسين وضع المتقاعدين وخاصة العسكريين منهم وكذلك تحسين وضع الرواتب للعاملين في سلك الدولة.

 

شعار "لا يكفي"

مهما حقق من انجازات، ومهما صدرت من مراسيم بناءة ومفيدة للشعب، ومهما تم انجازه في مسيرة الاصلاح، فان الشعار الذي يرفعه أعداء سورية ويقولونه مرددينه وبصورة فظة أن هذا "لا يكفي"، لانهم في الواقع غير معنيين حقاً وحقيقة بالاصلاح، وغير حريصين على الشعب السوري، وغير مهتمين إلا بأمر واحد وهو "تدمير" و"القضاء" على سورية برفع "يافطات" أصبحت مكشوفة للعالم.

وأسهل شيء قوله هو "لا يكفي"، وكأن الاصلاح يتم في ليلة وضحاها، وكأن سن قوانين جديدة يتم خلال نصف ساعة.. حتى ولو تم كل هذا، فان المتوقع ان يقوله أعداء سورية هو أن هذا "لا يكفي"، والغريب أنهم لا يعرفون "ماذا يكفي" لانهم لم يحددوا ذلك وجل همهم هو رفض أي اجراء أو قانون يخدم مصلحة سورية شعباً وقيادة، ورفض أي انجاز، ورفض أي استقرار، ورفض أي خطوة، هم يريدون فقط أن يروا سورية في حالة فوضى، في حرب داخلية، في دمار كامل، وهذا الحلم لن يتحقق لهم لأن الشعب السوري واعٍ ولن يسمح بذلك.

 

كفوا عن التدخل

وزير الخارجية وليد المعلم، وفي مؤتمر صحفي عقده يوم الاربعاء 22 حزيران 2011، طالب فيه دول العالم بالكف عن التدخل بالشأن الداخلي السوري، وأكد أن سورية ستنسى ان اوروبا واميركا موجودتان على الخارطة.. وان القافلة السورية ستسير.

وأشار المعلم إلى أن سورية ستتعامل مع الاصدقاء فقط، وستعزز علاقاتها مع كل من يقف إلى جانبها، وان الاهتمام سيتركز على تعزيز العلاقة والتعاون باتجاه الشرق، أي باتجاه روسيا والصين والهند والعديد من الدول الصديقة.

وكشف النقاب عن أن المخيم التركي الذي أقيم على الحدود التركية السورية في منطقة جسر الشغور أعد أسبوعاً كاملاً قبل وقوع الأحداث في منطقة جسر الشغور، وهذا يؤكد أن تركيا كانت على علم مسبقاً بما قد يجري، أو أنها متورطة بذلك. وناشد القيادة التركية الى مراجعة موقفها، وان سورية معنية بالحفاظ على علاقات قوية احتاجت الى جهود كبيرة للوصول الى ما كانت عليه قبل الأحداث، وان سورية حريصة على هذه العلاقات وبثباتها بمستواها الجيد.

 

أسباب الغضب الدولي

من يتابع الهجمة الدولية المتصاعدة على سورية يطرح سؤالاً واضحاً وجريئاً واحداً: ما هي أسباب هذا الغضب على سورية وخاصة الدولة؟

الجواب بسيط وهو أن مخطط خلق فوضى في سورية قد فشل، واحتاج هذا المخطط الى عدد من المأجورين والى السلاح، والى أقنية اعلامية، والى اقامة مراكز ومختبرات لاختلاق القصص والحكايات المختلقة.. وهذا المخطط احتاج الى مئات الملايين من الدولارات.. ولذلك فان الهجمة ستشتد، وسيعمل هؤلاء الاعداء على اختلاق المزيد من الاتهامات، ومنها أن لسورية "يداً" أو "اصبعاً" أو "خيطاً رفيعاً" في حادثة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكذلك سيُعاد فتح الملف النووي السوري، أي اتهام سورية بأنها تحاول امتلاك سلاح نووي وانها تخالف القوانين الدولية، وتشكل خطراً على أمن المنطقة، وبأنها ترفض استقبال المفتشين الدوليين، أي أن سلسلة من الاتهامات الملفقة والمفبركة هي جاهزة من أجل ضرب سورية واخضاعها أو ترويضها، ولكن حتى هذه اللحظة لسنوات طوال ستكون عصية على ذلك.

وهناك أسباب أخرى تغضب المتآمرين في الغرب على سورية ومن أهمها أن هناك تلاحماً قوياً بين الرئيس بشار الأسد وأبناء شعبه، إذ أن مظاهرات مليونية جابت شوارع المدن السورية عدة مرات تؤكد تمسكها بقيادة الرئيس، وتعرب عن ولائها له، وتأييدها لمسيرة الاصلاح.

وكذلك هناك سبب جوهري اقلق المتآمرين واعداء سورية وهو أن الرئيس الاسد نفسه هو الذي يطالب بالاصلاح، وهو الذي يقوده، وهو الذي يتشدد ويتمسك بضرورة تحقيقه، وقد اصدر عدة مراسيم ملبية لمطالب الشعب ومطالب الاصلاح، وها هي لجان عدة تعمل من أجل تلبية مطالب ورغبات الشعب السوري.

ولا بدّ من الاشارة أيضاً الى أن عدداً من المعارضين الوطنيين أكدوا دعمهم للاصلاح الذي يقوده الرئيس الاسد، وانهم اكتفوا بذلك، ويعارضون "عسكرة" المطالب، وتدمير سورية. فهم يقفون ضد الزمرة الخائنة التي تسمي نفسها معارضة والتي تتعامل مع الغرب وكذلك مع اسرائيل بطريق خفي أو علني من دون أي خجل. فهؤلاء المعارضون الوطنيون يريدون مصلحة سورية، ويقولون أن ما يقدمه الرئيس الأسد هو أمر أكثر من ممتاز.

 

كشف وتعرية الفبركات وتفنيد الاتهامات

استطاعت سورية الكشف عن المؤامرة من خلال اعتقال العديد من المأجورين الذين ارتكبوا جرائم بحق الشعب السوري وجيشه، وتم بث العديد من الاعترافات لهؤلاء "الارهابيين" الذين كشفوا عن حقيقتهم، ومن يقف وراءهم. كما تم الكشف عن وجود مراكز فبركة الاخبار والمعلومات في العديد من العواصم، وآخر مركز تم اقامته على الحدود السورية التركية.

أما مسلسل تفنيد الاتهامات فهو جار وبصورة جلية وقوية، ونأخذ أمثلة على ذلك لان الاتهامات الباطلة التي وجهتها هذه القوى المعادية المتآمرة كثيرة وعديدة.

·        تم الاعلان عن قائمة "شهداء" من الجيش السوري قتلوا على يد الجيش لانهم رفضوا اوامر اطلاق النار على المتظاهرين حسب هذا الاتهام، لكن العديد من الجنود التي ظهرت أسماؤهم في القائمة هم أحياء، وان هذا الاعلان هو مفبرك وكاذب ولا يمت بالصدق بتاتاً. كما أعلن أيضاً عن استشهاد جندي خلال احداث جسر الشغور على يد الجيش السوري، إلا أن هذا الجندي هو حي، وظهر على شاشة التلفاز ليفند هذه القصة والرواية المختلقة.

·        الادعاء بأن عناصر من الجيش السوري تعتدي على النسوة أثناء عودتهن الى جسر الشغور وذلك في منطقة الخان، الا أن صاحب الخان قال ان الخان خال من أي جندي، والجنود بعيدون عنه كثيراً وهذه رواية مختلقة.

·        إحدى الفتيات في ريف دمشق انزلت من سيارة أجرة ليلاً أثناء عودتها الى منزلها، واذا "بالمأجورين" يوقفون سيارة الاجرة ويجبرون الفتاة على النزول، ويعتدون عليها جنسياً بصورة وحشية.. المعتدي ظهر على شاشة التلفاز بعد اعتقاله لان سائق الاجرة استطاع حفظ رقم لوحة سيارة هؤلاء المأجورين فأخبر الجهات الامنية بذلك التي سارعت الى محاصرة المنطقة واعتقال هؤلاء المأجورين.

هذا المأجور اعترف من على شاشة التلفاز بأنه شارك في العديد من المظاهرات والمشاغبات والتخريبات وانهم في الليل جلسوا في احدى مناطق ريف دمشق للاستراحة مع تناول كميات كبيرة من "المشروبات"، ورأوا سيارة الاجرة قادمة فاعترضوها وانزلوا الفتاة بالقوة، وقام هذا الشخص بفعلته الشنيعة. وقد ظهر سائق سيارة الاجرة على شاشة التلفاز، ولكن صورة وجهه غير واضحة، كذلك قدمت الفتاة الضحية شهادتها للتلفزيون دون الكشف عن وجهها.

·        ادعوا بأنه ليس هناك "ارهابيون" أو "عناصر مسلحة" لكن وكالات الانباء، وكذلك احدى القنوات التلفزيونية التركية صورّت هؤلاء "المخربين"، وعرضت صورهم على الشعب التركي، وتم بث صورهم وهم على الحدود التركية.

·        قامت السلطات السورية بتنظيم جولات لمندوبي الصحافة والاعلام في منطقة جسر الشغور، والذين شاهدوا الكشف عن مجزرة جماعية.. وتم ترتيب جولة لعشرات من الدبلوماسيين والاعلاميين لجسر الشغور حيث شاهدوا بأم اعينهم اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة لشهداء المركز الأمني في المنطقة.

 

تجاوز الأزمة في مراحله الأخيرة

هذه الاحداث خلقت ازمة، وعرقلت مسيرة الاصلاح، ولكن الرئيس الأسد مصر على تحقيق الاستقرار ووضع حد لعمليات التدمير والهدم، وفي الوقت نفسه الاستمرار في مسيرة الاصلاح.

الشعب السوري أدرك حجم المؤامرة، لذلك فانه يقف بالمرصاد لها، وقد تحتاج عملية القضاء على "فلول" المأجورين فترة من الزمن، لكن الوضع تمت السيطرة الكاملة عليه كما ان الازمة بدأ بتجاوزها، وهي في مراحلها الاخيرة..

اعلان اجراء الحوار، واجراء الانتخابات لمجلس الشعب في أواخر شهر آب، وصدور العديد من المراسيم تؤكد ما قاله الرئيس الاسد بأن "سورية بخير"، وطبعاً ستبقى بخير، وكل الشرفاء يتوقعون بأن تخرج سورية من هذه المؤامرة أكثر قوة وحداثة وديمقراطية واستقلالاً.. أي أن سورية بعد المؤامرة ستكون سورية القوية الديمقراطية، والمثال الذي سيحتذى به وفي العالم كله وليس في منطقة الشرق الأوسط وحدها

 

              .

*رئيس تحرير مجلة البيادر السياسي المقدسية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.